سلعتنا وسلعتهم

الدار البيضاء اليوم  -

سلعتنا وسلعتهم

بقلم - المهدي الحداد

المصريون في غاية النشوة والفخر هذه الأيام ، بعدما دخلوا التاريخ العربي والإفريقي والعالمي في مجال تسويق لاعبي كرة القدم وأغلى الصفقات على مر العقود.
الفراعنة ضربوا هذا الصيف جدار التاريخ فأسقطوه بضربتين أوروبية وخليجية، الأولى سددها محمد صلاح من روما إلى ليفربول، والثاني أرسل قذيفتها محمود كهربا من القاهرة إلى جدة.
الأرقام مستفزة، والمقارنات واجبة بين فراعنتهم وأسودنا، فبين ما وصلوه وما بلغناه نحن بون شاسع، ليس في المستوى وإنما في التطور وتقييم الذات، وقطع خطوات نحو الأمام للتقدم إلى جانب نجوم العالم.
حينما قرأت خبر انتقال محمد صلاح من روما إلى ليفربول بمبلغ 45 مليون أورو، تعجبت لثوانٍ قبل أن أغوص شاردا لدقائق في استحضار بطولة كأس أمم إفريقيا لأقل من 23 سنة بالمغرب قبل خمس سنوات ونصف، حينما كان هذا الفرعون الصغير يحبو ويحاول الوقوف، تماما كما فعل ابننا عبد العزيز برادة ومعه يونس مختار وآخرين..
مضى نصف عقد والمصير جاء مغايرا، فالقدر حمل المجد والشهرة والأرقام القياسية لصلاح، ورمى ببرادة في بئر النسيان والتواضع ليصبح في خبر كان.
المنتخب المصري الذي احتل المرتبة الثالثة في البطولة التي أقيمت بين مراكش وطنجة وراء المغرب الوصيف والبطل الغابون، ضم في صفوفه آنذاك لاعبين شباب مغمورين أمثال محمد صلاح ومحمد النني، استطاعوا أن يبلغوا العالمية حاليا ويلعبوا لأكبر الأندية الأوروبية، لسبب بسيط أنهم اجتهدوا وتحلوا بالعزيمة وعرفوا كيف يخططوا مسيرتهم الكروية بذكاء في التفاوض ولمعان فوق أرضية الميدان.
المصريون الذين كانوا إلى زمن قريب لا يتوفرون إلا على تمثيلية ضئيلة جدا في البطولات الأوروبية، ويبتعدون بُعد السماء عن الأرض عن الحضور المغربي الوازن والثقيل في القارة العجوز، أمسوا اليوم ملوك الانتقالات وأصحاب أغلى الصفقات قاريا وإقليميا ودوليا، بعدما عرفوا كيف يروجوا سلعتهم ليس بلسانهم المعسول كما يُقال، وإنما بالجد والاجتهاد والاختيارات الناجحة من طاقم مرافق إلى وكيل أعمال، لإيمانهم بأهمية الرفيق قبل اختيار الطريق والفريق.
أن تنطلق من نادي المقاولون بأجر شهري لا يتجاوز عشرات جنيهات وتصبح بعدها بسنوات قليلة نجما مشهورا بليفربول براتب سنوي يفوق 5 ملايين ونصف أورو، فهذا ليس بسحر ولا معجزة وإنما تخطيط مدروس وهدف مرصود، وعقلية الأبطال التي يوازيها عقلية إحترافية وتفاوضية شفافة وواضحة لدى الرؤساء والمسيرين.
سلعتنا المغربية لا تقل جودة عن المنتوج المصري، لكنها لا تحاكيه استمرارية وجاذبية، فمدة صلاحية أسودنا قصيرة ومحدودة بينما مدة صلاحية الفراعنة طويلة وقياسية، وخير دليل صفقة الحارس عصام الحضري الذي تعاقد في صفقة مغرية قبل أيام مع التعاون السعودي وهو يطل على سن 45.
للأسف لم نعد نعرف بيع منتوجنا المحلي للخارج، هذا إن كان لدينا منتوج صالح للتصدير، وحينما يُعرض علينا مليار كأقصى عرض كما حدث مع أزارو نهلل ونرقص وكأننا أبرمنا صفقة العمر، بينما يكفينا أن نشاهد كيف جدد الزمالك في صمت عقد إعارة مهاجمه محمود كهربا إلى الاتحاد السعودي لموسم إضافي مقابل 2,5 مليون أورو.
لقد انطلقوا مع بعض في بطولة قارية واحدة وبأحلام مشتركة، لكن كل منهم أخذ مسلكا خاصا به، والنهاية جاءت بالمجد والألقاب ودخول التاريخ للمجتهدين، والفشل والنسيان والتيه للأشبال المزيفين.
صلاح بوكيل أعمال مصري لامس رقما مجنونا يضاعف مرتين ما بلغه أغلى مغربي وهو بنعطية المنتقل في أوج عطائه من ذات الفريق روما إلى بايرن ميونيخ، وكهربا ربح كمعار لموسم واحد فقط ما ربحه عشرة مغاربة انتقلوا في السنوات الأخيرة إلى الخليج، ودرس جديد يسقط علينا من الأشقاء المصريين في كيفية التسويق والتفاوض وتقييم المنتوج دون تبخيس أو طمع.
عن صحيفة المنتخب

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلعتنا وسلعتهم سلعتنا وسلعتهم



GMT 01:14 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

جيرار على طريقة لويبيتيغي

GMT 09:47 2018 الأحد ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ترشيح بموشحات أندلسية

GMT 12:56 2018 السبت ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عبد السلام حناط رجاوي عريق في قلب كوكبي أصيل!

GMT 11:09 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

البنزرتي مرة أخرى

GMT 13:09 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الوداد..أزمة نتائج أم أزمة تسيير ؟

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca