ترشيح بموشحات أندلسية

الدار البيضاء اليوم  -

ترشيح بموشحات أندلسية

بقلم: بدر الدين الإدريسي

ما كان لزامًا أن يفوت المنتخب فرصة تواجده ضمن وسائل إعلام وطنية وإسبانية، في الندوة الصحافية التي عقدها قبل أشهر، روبياليس رئيس الجامعة الإسبانية لكرة القدم، في أعقاب زيارة عمل قام بها للمغرب وتحديدًا للسيد فوزي لقجع للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، لترتيب استضافة ملعب طنجة الكبير للسوبر الإسباني، في أول مرة يقام فيها خارج الديار، دون أن تسأله عما إذا كانت إسبانيا متحمسة لملف ترشيح مشترك مع المغرب والبرتغال للمنافسة على استضافة نهائيات كأس العالم 2030.

 وبكثير من التحفظ، الأقرب منه إلى التكتم، قال روبياليس إن الاحتمال وارد، وعرج عنوة إلى الحديث عن مجالات التعاون التي يجب أن تتوثق بين المغرب وإسبانيا في كرة القدم، لتصل إلى المستويات الرفيعة والمتقدمة التي بلغها التعاون بين الجارين التقليديين، في مجالات سياسية واقتصادية وتجارية بحكم القرب الجغرافي بين البلدين وبطبيعة ما يجمع بينهما تاريخيًا من مصالح مشتركة.

 ما كان ينبغي أن يسهب رئيس الجامعة الإسبانية في تغذية فكرة هي أصلًا ما زالت قيد النقاش، إلا أن ما سيؤكد أن الفكرة قد نضجت نسبيًا وأصبحت معروضة على النقاش في المنتديات السياسية، بحكم أن تفعيل المشروع موكول أصلًا للسياسيين، بل ويحتاج لإرادة سياسية مفعلة، هو أن الزيارة التي قام بها جياني إينفانتينو رئيس الفيفا لإسبانيا قبل أسابيع، والتقى خلالها رئيس الحكومة الإسبانية بحضور روبياليس رئيس الجامعة الإسبانية لكرة القدم، ناقشت بالفعل هذا المشروع، بل إن رئيس الفيفا الذي عاد بعد ذلك لزيارة المغرب خلال احتفالاتنا بأعياد العرش المجيدة والتقى الملك محمد السادس، تحمس فعلًا للمشروع لأنه يتوافق أولًا مع ما يجزم به، من أن التنظيم المشترك هو أفضل صيغة لإنجاح المونديال بشكله الجديد وقد أصبحت نهائياته تأوى ثمانية وأربعين منتخبًا، ولأنه يمثل ثانيًا صورة جديدة للابتكار والخلق اللذين تراهن عليهما الفيفا الساعية إلى تطوير شبكة المنافسات التي ترعاها.

ومع ما أبداه المغرب وهو يخسر رهان تنظيم المونديال للمرة الخامسة، من عزم على مواصلة الحلم بدخول سباق تنظيم كأس العالم 2030، وبموازاة ذلك، ما كشفت عنه إسبانيا من رغبة في تنظيم كأس العالم ثانية، بعد الأولى التي كانت سنة 1982، فقد نشط داخل القاعات المغلقة الحديث عن أفضل الصيغ التي يمكن أن ينافس بها جاران لا يفصل بينهما سوى شريط بحري من ثمانية كيلومترات، وهنا تحديدًا طرحت فكرة التقدم بترشيح ثلاثي يجمع المغرب وإسبانيا والبرتغال، وهي ذات الفكرة التي جرى الحديث عنها قبل ثلاث سنوات، عندما عزم المغرب على منافسة الملف الأميركي الشمالي لتنظيم كأس العالم 2026، وقرر إزاء ذلك أن يتصدى للتنظيم وحيدًا.

ومع ما تمثله الفكرة من بريق لامع وصورة جذابة تلهب الخيال وتثير الإعجاب قبل الدهشة، فإن بلورة المشروع في إطار رؤية متناسقة ومتكاملة، هو ما سيعطي لهذا الترشيح إن حصل التوافق عليه بين قادة الدول الثلاث، قوته ليكسب الرهان الصعب، كيف لا وهناك قوى كروية واقتصادية كبرى تطمع تحت شعارات متعددة لأن تستضيف النسخة التي تخلد المئوية الأولى لكأس العالم بعد 12 سنة من الآن.

إن الإحتفال بمئوية المونديال، بتنظيمه لأول مرة على أرض قارتين، هو بالفعل شيء رائع وملهم سيعمق برأيي البعد الإنساني قبل التنموي والرياضي لكأس العالم، الحدث الكروي الذي صالح بين دول العالم عندما وضعت الحرب أوزارها، والحدث الذي لا يتوقف عن مد الجسور بين الدول والقارات والشعوب لإخماد لعلعة الرصاص ودوي المدافع وحرائق البغض والكراهية وللإنتصار لروح المحبة ولإنسانية الإنسان.

إن حصل التوافق على دخول السباق الشرس والقوي لتنظيم مونديال 2030، بملف ثلاثي مشكل من المغرب، إسبانيا والبرتغال، فإن ذلك سيفتح لكأس العالم صفحة جديدة في كتاب التحديات، وسيلون هذا الترشيح بزرقة مياه البحر الأبيض المتوسط العابرة وسيكتبه بصفاء الحوض الكبير، بل سيكون ترشيحًا بموشحات أندلسية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترشيح بموشحات أندلسية ترشيح بموشحات أندلسية



GMT 01:14 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

جيرار على طريقة لويبيتيغي

GMT 12:56 2018 السبت ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عبد السلام حناط رجاوي عريق في قلب كوكبي أصيل!

GMT 11:09 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

البنزرتي مرة أخرى

GMT 13:09 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الوداد..أزمة نتائج أم أزمة تسيير ؟

GMT 10:25 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

عين العقل

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca