الأردن وبايدن...لا إفراط في التفاؤل أو القلق

الدار البيضاء اليوم  -

الأردن وبايدنلا إفراط في التفاؤل أو القلق

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

من حق الأردن والأردنيين أن "يكسروا جرّة" وراء إدارة ترامب وفريقه المولوج ملف عملية_السلام والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، فما من إدارة سبقتها، أقدمت على ما أقدمت عليه، من "تهميش" و"تجاهل" للدور الأردني في قضية هو الأقرب إليها من بين جميع الدول العربية...وما من إدارة تجرّأت على تبني "رؤية" و"رواية" اليمين الإسرائيلي (الديني والقومي) لماضي هذا الصراع ومستقبله وطرق حلّه...وما من إدارة، أبدت ذات القدر من التواطؤ على أية "أضرار جانبية" تصيب المصالح الأردنية العليا في الحل النهائي للقضية الفلسطينية كما فعلت إدارة ترامب.
صحيح أن العلاقة الأردنية–الأمريكية في بعدها الثنائي "الأضيق" لم تتضرر طوال سنوات ترامب الأربع العجاف، إذ استمر تدفق المساعدات الأمريكية للأردن (بل وزادت)، وجرى في عهده توقيع اتفاق السنوات الخمس (6.25 مليار دولار)، واستمر التعاون الأمني والاستخباري في الحرب على الإرهاب، وظلت قنوات التواصل مفتوحة مع مؤسسات "الدولة العميقة" في واشنطن...لكن الصحيح كذلك، أن الأخطار التي كان يمكن أن تلحق بالأردن، جراء "صفقة_القرن"، كانت أكبر بكثير من "المزايا" المتحققة له في علاقته بواشنطن، بالذات على المديين المتوسط والأبعد.
ومن حق الأردن والأردنيين كذلك، الاغتباط بمقدم الإدارة الجديدة، وطاقمها المعروف لكبار المسؤولين الأردنيين، السابقين والحاليين، و"اللغة المشتركة" التي تكشفت عنها تصريحات وشهادات أركان هذه الإدارة، وتحديداً لجهة إعادة الاعتبار لـ"حل الدولتين" والتراجع عن بعض قرارات ترامب الأحادية بخصوص فلسطين و الفلسطينيين، فثمة إحساس بأن الدبلوماسية الأردنية ستكون أكثر ارتياحاً و"أريحية" في تعاملها مع نظيرتها الأمريكية، الأمر الذي يستبطن فرصاً أكبر للدور الأردني التاريخي (التقليدي) في هذه المسألة، وهو دور بدأ مبكراً بالانتعاش على أية حال، بدلالة هذا الحراك الكثيف، التي تعد عمّان، أحد محاوره الرئيسة.

لكن ذلك لا ينبغي أن يفضي، إلى الإفراط في التفاؤل، وإطلاق "حبل الرهانات على غاربه"، سيما حين يتعلق بأدوار يجري الرهان عليها لمسؤولين أمريكيين، سبق وأن خدموا كسفراء أو دبلوماسيين في عمان، أو مع رموز أخرى، سبق للمسؤولين الأردنيين أن نسجوا معها أوثق العلاقات، فهؤلاء، كغيرهم من طاقم بايدن الجديد، لن تحركهم اعتبارات الصداقة والعلاقات الشخصية، ولا ذكرياتهم عن العاصمة الأردنية، بل الحسابات والمصالح الأعمق لبلادهم في إقليم متغير.
وأخشى ما يخشاه المراقب، وهو يتتبع بعض المواقف الأردنية (والفلسطينية)، أن يكون رهاننا على بايدن وإدارته سابق لأوانه، ويتسم بالمبالغة والنزوع "الرغائبي"، فنحن ما زالنا ننتظر اتضاح مواقف هذه الإدارة من القضايا الجوهرية، والتعرف على المدى الذي "ستتورط" فيه في دهاليز الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، ورغبتها، المشفوعة بقدرتها، على ممارسة ضغوط كافية على إسرائيل، لإنفاذ حل الدولتين، والوصول إلى تسوية متوازنة ومقبولة...كل ذلك ما زال في "عالم الغيب"، ولا ينبغي أن نصاب بالدهشة والذهول، إن انتهت سنوات بايدن الأربع، من دون أن تنتهي جولات التفاوض "العبثية" مع الجانب الإسرائيلي، امتداداً لأزيد من ربع قرن من المماطلة والتسويف، المشفوعين بالتعنت والصلف الإسرائيليين.

وثمة ملف ثانٍ يجري التقرّب منه بحذر، ونحن نستشرف أفق العلاقة الأردنية – الأمريكية في عهد بايدن، وأعني به ملف "الديمقراطية و حقوق_الانسان"...هنا يجدر النظر للمسألة من زاويتين: الأولى؛ أن ثمة طابور طويل من الدول العربية والإقليمية التي يتعين عليها أن تقلق أكثر من الأردن على هذا الصعيد...والثاني؛ لا يتعين علينا المبالغة في تقدير وزن هذا المحور في السياسة الخارجية الأمريكية...صحيح أنه سيكون مطلوباً من الأردن إجراء مزيد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية، لكنها إصلاحات ليست من النوع الذي يصعب على الأردن (الرسمي) احتماله والتعايش معه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأردن وبايدنلا إفراط في التفاؤل أو القلق الأردن وبايدنلا إفراط في التفاؤل أو القلق



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca