كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

الدار البيضاء اليوم  -

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل

عثمان ميرغني
بقلم : عثمان ميرغني

لائحة «كورونا» أحدثت الكثير من التحولات في سلوكياتنا ونمط حياتنا ، لعل أهمها في ثقافة العمل. هناك العديد من الموظفين العاملين في المستقبل. 
كثيرون ممن جربوا العمل من المنازل لأول مرة خلال فترة قيود الجائحة، لا يريدون الآن العودة إلى نظام العمل القديم من المكاتب، ويفضّلون الأسلوب الجديد أو على الأقل نمطاً من «العمل الهجين» الذي يقلل أيام الدوام في المكاتب ويسمح بأيام من العمل عن بُعد، بمعنى تقسيم أيام الأسبوع بين العمل من المنازل والعمل في المكاتب. هذا الأمر أكدته العديد من الدراسات واستطلاعات الرأي التي أُجريت خلال العامين الماضيين لعل آخرها الدراسة التي أجرتها جامعة ساوثهامبتون البريطانية بتمويل حكومي ونشرت نتائجها الشهر الماضي. فقد أوضحت أن جائحة «كورونا» أحدثت تحولاً دائماً في ثقافة العمل بين البريطانيين، بحيث إن كثيرين من الموظفين لم يعودوا يرغبون في التوجه إلى المكاتب كل يوم، بعد أن جرّبوا العمل من المنازل وتمتعوا بمزاياه. وقالت الدراسة: «لا يعتقد هؤلاء ولا مديروهم أن هذه طريقة فعّالة للعمل، ويريدون الاحتفاظ ببعض المكاسب التي تحققت خلال العامين الماضيين»، وخلصت إلى أن هناك دروساً حيوية يمكن استخلاصها من تجربة العمل من المنازل، وأن هناك توجهاً نحو «العمل الهجين».
في الولايات المتحدة أيضاً أظهرت الاستطلاعات أن أكثر من نصف العاملين الذين جربوا العمل من منازلهم إبان الجائحة يقولون اليوم إنه إذا كان لديهم الخيار، فإنهم يرغبون في الاستمرار في العمل من المنزل بشكل دائم، أو على الأقل معظم أيام السنة. وذكر 54 في المائة ممن شاركوا في استطلاع أجرته مؤسسة «غالوب» إنهم مستعدون لترك وظائفهم الحالية من أجل وظيفة تسمح لهم بالعمل عن بُعد.
التطورات التكنولوجية وثورة الاتصالات جعلتا العمل عن بُعد ممكناً، لكن قبل الجائحة كانت هناك نسبة قليلة جداً من الناس الذين يعملون من منازلهم، وكانت الثقافة السائدة هي العمل من المكاتب. ففي دراسة أجراها مركز بيو الأميركي للأبحاث في ذروة الجائحة، تبين أن معظم الذين جرّبوا العمل من المنازل يودون الاستمرار على هذا النمط. وقال معظم المشاركين في المسح الذي قام به المركز إنهم نادراً ما كانوا يعملون عن بُعد أو لم يعملوا قط عن بُعد قبل الجائحة. 20 في المائة فقط عملوا من المنزل طوال الوقت أو معظمه قبل الجائحة. الآن، يقوم 71 في المائة ممن شملهم المسح بعملهم من المنزل طوال الوقت أو معظمه. ويقول أكثر من نصفهم إنهم يريدون الاستمرار في العمل من المنزل حتى بعد الوباء لو وجدوا الفرصة.
هؤلاء لمسوا مزايا كثيرة للعمل من المنازل، منها الراحة النفسية وتقليل ضغوط وتكاليف السفر يومياً من وإلى أماكن العمل، كما أن عدم الاضطرار للتنقل اليومي يوفر للشخص ساعات من الزمن للقيام بأشياء أخرى. وبالنسبة للشركات هناك توفير في تكلفة الإنتاج وفواتير الكهرباء وإيجار أو شراء مساحات هائلة من المكاتب. أضف إلى ذلك أن العمل عن بُعد فيه فوائد للبيئة لأنه يقلل الحاجة إلى التنقل بوسائل المواصلات الخاصة والعامة، ويوفّر كذلك استخدام الكهرباء في المكاتب.
كانت هناك مخاوف من أن العمل من المنازل يمكن أن يقلل الإنتاجية ويحدث شيئاً من التسيب الإداري، لكن دراسات متتالية نشرت خلال العامين الماضيين قللت من هذه المخاوف. فقد وجد بحث أجراه أساتذة في كلية هارفارد للأعمال أن السماح للموظفين بالعمل من أي مكان يرغبون فيه أدى إلى زيادة الإنتاج بنسبة 4.4 في المائة، بينما وجدت دراسة أخرى أجرتها مجموعة في جامعة ستانفورد الأميركية أن التحول إلى العمل عن بُعد أدى إلى زيادة الإنتاجية بنسبة 5 في المائة. هذا الرأي اتفقت معه أيضاً دراسة جامعة ساوثهامبتون البريطانية التي أشارت إلى أن «إنتاجية الموظفين ورفاهيتهم تكونان أفضل عندما تتطابقان بشكل وثيق مع تفضيلات عملهم»، وفقاً للبروفسور ستيفن بيفن المشارك في الدراسة.
هذا لا يعني أن العمل من المنازل ليست له تحدياته. فالموظف إذا كان لديه أطفال صغار فإنه قد يواجه إزعاجاً أو تدخلات في لحظات حرجة. كذلك برز التركيز والتحفيز كمشكلة بين الموظفين صغار السن، بحسب ما أوضحته بعض الدراسات، في حين أن غالبية كبار السن لم يواجهوا مشكلة تركيز في بيئة العمل من المنزل. في المسح الذي نشره مركز بيو عن العمل عن بُعد قال 38 في المائة من الموظفين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و49 عاماً إنهم واجهوا مشكلة في التركيز والتحفيز في العمل من المنزل، مقارنة بـ18 في المائة من الموظفين فوق سن الـ50.
كثير من المعلمين الذين قاموا بالتعليم عن بُعد خلال فترة إغلاق المدارس بسبب الجائحة قالوا إنهم واجهوا مشكلة تركيز طلابهم في أثناء الدروس عن بُعد. في كثير من الأحيان كان الطلاب ينشغلون في أثناء الدرس بالرد على رسائلهم الخاصة في هواتفهم الجوالة، أو بمتابعة وسائل التواصل الاجتماعي. لذلك فإن الرأي الغالب في الأوساط التعليمية هو أن الطلاب يحتاجون إلى البيئة المدرسية، وأن التعليم عن بُعد لا يمكن أن يحل محل التعليم في المدارس، إلا في حالات الضرورة القصوى مثلما حدث في أوج موجة جائحة «كورونا». فالمدارس توفّر للطلاب المناخ التعليمي والاجتماعي الأنسب لما يحتاجون إليه في طور نموهم وما يحتاجون إلى اكتسابه من مهارات في التواصل وتكوين العلاقات الاجتماعية، بالإضافة بالطبع إلى توفير بيئة التركيز والتحفيز.
المظهر الجميل.
لكن حتى بالنسبة للوظائف التي قدمت عامها ، فإنهم يعملون في كثير من الآراء منذ عام 2010. فمثلها أن هناك فوائد عديدة لوقوفها في عام 2010.
رب ضارة نافعة ، ومن قلب الجائحة قد يكون طريق المستقبل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 15:01 2022 الثلاثاء ,05 إبريل / نيسان

الخطاب الإنتخابي للثنائي الشيعي في لبنان

GMT 11:50 2021 الثلاثاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 08:12 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

أويلرز يفوز على مونتريال في دوري هوكي الجليد

GMT 05:03 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

شخص ملثم أضرم النار داخل مسجد فجر الاربعاء

GMT 17:08 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"المغرب اليوم" يكشف عن أجر "جون سينا" في" التجربة المكسيكية"

GMT 06:44 2018 الأربعاء ,26 أيلول / سبتمبر

"كالابريا" أحد كنوز إيطاليا الخفية عن أعين السائحين

GMT 01:14 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

مرتجي يؤكد استعداد الأهلي إلى "حدث تاريخي"

GMT 06:21 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

أحلام تهتف باسم الملك وتُغني للراية الحمراء

GMT 20:38 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

"شعبي نايت لايف" حفلة ضخمة للطرب في عيد الفطر
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca