سيف "الضم" لم يرجع لغمده بعد

الدار البيضاء اليوم  -

سيف الضم لم يرجع لغمده بعد

بقلم : عريب الرنتاوي

سيف "الضم" ما زال مسلطاً على رقاب الفلسطينيين، بل ويكاد يلامس عظام رقابهم...لا يتعين على أحدٍ منهم أن يسترخي أو أن يستريح، فالمعركة ضد "الضم"، والاحتلال والعنصرية استتباعاً، ما زالت في أوجها، ومشوار الحرية والكرامة واسترداد الحقوق، ما زال طويلاً.
 
إسرائيل مرتبكة، فـ"اللقمة" التي هي بصدد ابتلاعها كبيرة جداً، وهي تخشى أن تختنق بها، لكنها مع ذلك، لن تكف عن المحاولة، ربما تعمل على تجزئتها إلى مجموعة من "اللقيمات" التي يسهل هضمها دون التسبب بعسر هضم وآلام في المعدة والأحشاء...بعض ارتباكها داخلي، ويتصل حصراً بكيفية ابتلاع هذه اللقمة، دفعة واحدة أم على دفعات، الآن أم بعد قليل...بعض ارتباكها، رجع صدى لارتباك رعاتها في واشنطن، إدارة اليمين الإنجيلي "الشعبوي"...لكنها في جميع الحالات، مرتبكة، وما طوفان "الخرائط"، خرائط الضم، الذي أطلقته، سوى بعضٍ من دلائل هذا الارتباك، وربما يكون محاولة لإرباكنا نحن أو حتى دفعنا للمفاضلة فيما بينها: أيهما أقل إضراراً بحقوق الفلسطينيين وتطلعاتها؟
 
عوامل رئيسة ثلاثة أسهمت خلق حالة الارتباك في تل أبيب وواشنطن: (1) الموقف الفلسطيني الرافض لصفقة القرن وتجلياتها (الضم)، وهو موقف تصاعد مؤخراً، وأخذ منحى جدياً غير مسبوق...(2) الموقف الأردني الصلب في رفض الصفقة، جاء معززاً ومكملاً للموقف الفلسطيني، ورافعة لمواقف بعض العواصم العربية، ومحركاً لمواقف عواصم أوروبية عدة، وسببا في انقسامات داخل إسرائيل والولايات المتحدة...(3) الموقف الدولي الرافض للصفقة والضم، وتحديداً الموقف الأوروبي الذي تطور بدوره على نحو غير مسبوق، وإن لم يكن غير كافٍ حتى الآن..."نتنياهو في مواجهة العالم"، هكذا لخصت هآرتس المشهد.
 
الضم، قد يأتي "رمزياً" وقد يتأجل، هذا ليس سبباً كافياً للاطمئنان ولا مبرراً للاحتفال...نتنياهو ما زال يمسك بخيوط اللعبة في إسرائيل، وليس ثمة من أسباب للتشكيك في متانة علاقاته بالبيت الأبيض و"آل ترامب" و"صحبه أجمعين"، وتحديداً سفيره إلى إسرائيل، المستوطن من "بيت إيل"...الرجل معروف بقدرته على المناورة، والالتفاف حول العوائق والعراقيل...لن يدخر وسعاً لتهميش مجادليه من غانتس إلى أشكنازي ومن على يمينهما ويسارهما...لن يدع "فرصة ترامب" في البيت الأبيض تمر من اقتناصها...سيمضي الرجل إلى مشروعه في كتابة إرثه الشخصي: "ضم يهودا والسامرة"، أو أجزاء واسعة منها على الأقل.
 
في تجربة المئة عام من الصراع مع المشروع الصهيوني وإسرائيل تعلمنا أن "الجزئي" أو "الرمزي" يصبح شاملاً، و"المؤقت" سرعان ما يتحول إلى "دائم"...هكذا تسلل المشروع إلى قلب منطقتنا، وهكذا نشأت إسرائيل وتوسعت...الوسيلة ليست مهمة، فالغاية تبررها في مطلق الأحوال...اقرأوا إيلان بابيه لتتعرفوا على دور "المجزرة" التأسيسي لهذا المشروع، ولتتبعوا مراحل "التطهير العرقي" التي بدأتها العصابات الصهيونية وأكملها "جيش الدفاع"، وتحت قيادة أشكنازية – يسارية – غربية المنشأ، وعلمانية، فما بالكم اليوم، وإسرائيل ترزح تحت نير قيادة يمينة – دينية متخلفة، خطابها "توراتي" بامتياز، وبعضها ليس سوى "داعش معكوساً"...الطمأنينة جرم، و"الحس بالانتصار" خديعة، فأكثر الحيوانات المفترسة شراسة، تتراجع خطوة إلى الوراء قبل أن تنقض كالسهم على فريستها، هكذا هو حالنا مع نتنياهو وحكومته وائتلافه.
 
الحذر...الحذر، وعلينا أن نتصرف و"كأن الضم حاصلٌ غداً"، لا شيء ينبغي أن يتغير على برامج عملنا: ملاحقة إسرائيل ومطاردتها سياسياً ودبلوماسياً وحقوقياً، تصعيد المقاومة الشعبية، حشد المواقف الإقليمية والدولية، المقاطعة بكل أشكالها، استمرار التحلل من الاتفاقات، الاستعداد لمواجهة مرحلة شديدة السخونة...وبدل أن يكون التأجيل (الذي لا نعرف إلى متى سيستمر) فرصة لنتنياهو لترتيب أوراقه، علينا أن نجعل منه، فرصة لاستكمال الاستعدادات التي لم نتخذها بعد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيف الضم لم يرجع لغمده بعد سيف الضم لم يرجع لغمده بعد



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca