تباشير اكتشاف اللقاح

الدار البيضاء اليوم  -

تباشير اكتشاف اللقاح

عبدالرحمن الراشد
بقلم : عبدالرحمن الراشد

خمسة ملايين مصاب مسجل رسمياً، تصل مع تباشير نبأ عن نتائج ناجحة للقاح تحت التطوير، هل ينجح وينتهي أسوأ كابوس دام أربعة أشهر. حالة القلق والإحباط جعلت مجرد خبر أولي عن اللقاح يدفع الأسواق في العالم إلى انتعاشة سريعة. لا نريد أن يموت الأمل ولا أن نتعلق بالسراب أيضا. وحتى يحسم العلم أمره أمامنا أشهر من الانتظار.

فما هو أسلوب الحياة للبشر خلال انتظار المعجزة الطبية حتى تتحقق؟

إن كانت بضعة أشهر فالعالم قادر على الاستمرار وتحمل الخسائر، لكن إن فشلت فالحكومات مضطرة لأن تحسم أمرها، إما الحجر أو السماح بالفتح، وهل تكون بيئة العمل عن بعد أو عن قرب، وكذلك قوانين الصحة العالمية من التباعد، والكمامات، والمعقمات، هل تفرض بقوة القانون أو لم يعد لها مبرر علمي؟

طبعاً، لا نستطيع أن نقول الحجر غير مفيد صحياً، لأنَّ البيانات تؤكد أنه يبطئ زحف الجائحة، لكن نستطيع القول إنَّ الاستمرار في الحجر إلى نهاية العام سيتسبب في خراب دول، وانهيارات اقتصادية مخيفة، ومآس بشرية لا تقل ألماً عما يفعله الوباء في ضحاياه. ندرك أنَّ الانفتاح في ظل عجز العلم عن إنتاج حلول طبية خطر على البشرية، إنما الخيار بين أقلها سوءاً.

رغم كل ما توفر للعلماء من جبال من المعلومات عن الفيروس والمرض والمرضى والعلاجات، فلا يزال العالم عاجزاً عن الإحاطة بكامل الحقائق المهمة، حتى الحديث عن مناعة القطيع مليء بالمبالغات. أحد التقارير العلمية يقول إن ما يُقال عن اكتساب المناعة الجماعية، أو مناعة القطيع، مجرد نظرية تعوزها إجابات مهمة وحاسمة، ومن الخطر تجربتها على البشر. لو افترضنا أن الأشخاص الذين يمرضون يصبحون محصنين من الفيروس، فليس لدينا أدنى فكرة إلى متى سيظلون محصنين، هناك بعض الفيروسات التاجية، وكذلك الإنفلونزا العادية، مدة المناعة أقل من عام. وبالتالي العالم تحت تهديد الوباء بشكل مستمر. ويشكك التقرير في المدة الزمنية التي يحتاج إليها الفيروس ليصل إلى كل «القطيع» حتى يصاب، أشهر أم أعوام؟

الجانب الآخر عن حجم الضرر البشري، المعروف لدى الجهات الصحية أن نسبة المتعافين ممن كانت حالاتهم حرجة يخرجون في حالة صحية سيئة.

الإشكال الحقيقي الذي تعرفه السلطات الصحية في كل الحكومات هو قدرتها، أو في الحقيقة عجزها، عن التعامل مع مخاطر الانفتاح الكامل. العلماء يحذرون أن الوباء سيسهل عليه الوصول إلى معظم الناس، وفي حال بلغت نسبة الإصابات بين السكان خمسة في المائة، فهذا يعني مليون ونصف مصاب لبلد من ثلاثين مليون نسمة، وهذا يعني استحالة قدرة المنظومة الصحية على التعامل مع هذه الأعداد الهائلة من المصابين. هل يصيب الفيروس واحداً أو عشرة في المائة من السكان؟ المخصص ثلاثة أسرة لكل ألف من السكان، فكيف تتعامل مع حاجة خمسة لكل مائة مصاب، حتى لو جاءوا على فترات!

هذه الدوافع الحقيقية وراء التردد في رفع الحجر لدى معظم دول العالم، وحتى التي تبنت سياسة الفتح، فرضت جملة شروط لتضمن التباعد الاجتماعي. وهذه الدول لديها مجتمع عنده وعي صحي بما فيه الكفاية لتقليل المخاطرة. نرجو أن يصل اللقاح قبل أن تضطر الحكومات إلى الاختيار بين الموت الجماعي والانهيار الاقتصادي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تباشير اكتشاف اللقاح تباشير اكتشاف اللقاح



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca