إردوغان الشخصية المحيرة

الدار البيضاء اليوم  -

إردوغان الشخصية المحيرة

بقلم - عبد الرحمن الراشد

أصبح رجب طيب إردوغان، الرئيس التركي، جزءاً من المشهد السياسي العربي، نتيجة انخراطه في مشكلات المنطقة وحروبها. ومع الوقت، معظم العرب خبره وعرف شخصيته الحقيقية، خارج الدعاية التي زينها حلفاؤه من الجماعات الإسلامية المتشددة التي انتقلت إلى تركيا وتعيش في حمايته.

كان في السابق يحتفى به في الرياض وأبوظبي والقاهرة والكويت وتونس، واليوم أغلقت في وجهه معظم العواصم، وصار اسمه ملازماً للمشكلات في المنطقة. عدا أن تركيا، تحت إدارته، اليوم في حالة مزرية اقتصادياً، لا يزال يبذل الكثير للدعاية لنفسه وبطولاته، وقام بتمويل أفلام عن زعامات تتجلى فيها صورته، مثل «أرطغرل» وفيلم «الإمبراطورية العثمانية».
لنتحدث عن إردوغان السياسي، هو يحكم تركيا منذ 2003، أي 17 عاماً، قام خلالها بتغييرات دستورية تعسفية حتى يستمر في الحكم. وفي رأيي، سيفعل كل ما في وسعه لئلا يخرج من الحكم في العشر سنوات المقبلة، لأنه يعرف أنه مهدد بالمحاسبة على إساءة استخدام السلطة والفساد، لو خرج من الباب. لهذا يعمل للفوز في انتخابات 2023، والحكم خمس سنوات. حينها يكون قد بلغ من العمر 74 عاماً، وسيفعل ما سيستطيع للبقاء، أو توريث من يريد، بحيث لا يخرج من القصر إلا إلى القبر، لأن خصومه يتربصون به وينتظرون تلك اللحظة.
إردوغان لم يبنِ نظاماً، بل هو مثل صدام والقذافي، الحكم يقوم على شخصيته القوية، وعند اختفائه ستنهار كل الأطر والسياسات التي بناها، بخلاف خامنئي في إيران، حيث إن هناك نظاماً مؤدلجاً يحكم بغض النظر عن شخص المرشد أو الرئيس.
اختلف إردوغان مع الجميع، بمن فيهم رفاق الحزب وأركان حكومته، ومعظمها خرجت عليه وتتوعده، ولهذا أصبح معظم من يحيط به اليوم هم من أقاربه وموظفيه.
وقد تخلص من كل من صعد ووقف على أكتافهم خلال عقدين، وأبرزهم فتح الله غولن الذي اتهمه بتدبير محاولة انقلاب يوليو (تموز) 2016، وكل الوقائع تؤكد خلاف ذلك. وسبب العداء بين الرجلين أن صديقه الزعيم الديني صار يختلف معه، وينتقده في العديد من القضايا، وتحدث عن فساد أفراد عائلته في مبيعات الذهب لإيران وغيرها. الانقلاب، إن وجد بالفعل، فهو يعود للمؤسسة العسكرية التي صارت ضده أيضاً. وهو خلال سنتين اعتقل وسجن أكثر من 150 ألف شخص من قضاة، وأساتذة جامعات، وضباط جيش وشرطة، وإعلاميين. وأغلق أكثر من مائتي وسيلة إعلامية، وكان قد حجب «تويتر» و«واتساب» و«فيسبوك» وغيرها، خلال فضائح التسجيلات لعائلته في قضية بيع الذهب عام 2014 بعد تنظيم أجهزة الأمن الجديد، واستمر الحجب لسنوات.
عندما يختفي إردوغان من الساحة السياسية لن يوجد له بديل مثله. ولهذا السبب، أنا لا أتفق مع الذين يتهمونه بمحاولة إحياء الخلافة العثمانية، لأنه أصغر من ذلك، والدولة العثمانية ذهبت إلى غير رجعة.
ولا يوجد داخل تركيا من يحمي إرثه غداً، عدا أنه لا يحظى بشعبية بين الشباب هناك، بسبب خطه المتزمت.
مقالي اللاحق سأخصصه للحديث عن مشروعه الإقليمي كما يتجلى لنا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إردوغان الشخصية المحيرة إردوغان الشخصية المحيرة



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca