لماذا تتكثّف الهجمات العُدوانيّة الإسرائيليّة وتتصاعد على سورية هذه الأيّام

الدار البيضاء اليوم  -

لماذا تتكثّف الهجمات العُدوانيّة الإسرائيليّة وتتصاعد على سورية هذه الأيّام

عبد الباري عطوان
بقلم - عبد الباري عطوان

بدأت وتيرة الهجَمات الإسرائيليّة العُدوانيّة على سورية تتصاعد في الأيّام الأخيرة بشكلٍ ملحوظٍ، فاليوم الجمعة قامت الطّائرات الإسرائيليّة بهُجومين صاروخيين الأوّل استهدف قاعدةً عسكريّةً للجيش السوري في مدينة حمص، والثّاني انطَلق من مروحيّاتٍ في هضبة الجولان مساء الخميس، أصاب مواقع لفصائل مسلّحة تحظى بدعمٍ إيرانيٍّ، حسب تقرير للمرصد السوري لحُقوق الإنسان المُعارض.هذا التّكثيف للهجَمات اليوم الذي سبَقه مُحاولة إسرائيليّة لاغتِيال أربعة من القادة الميدانيين لحزب الله على الحُدود السوريّة اللبنانيّة، وأكثر من عُدوانٍ على أهدافٍ عسكريّةٍ سوريّةٍ في مدينة تدمر وجنوب العاصمة دِمشق قبل بِضعة أيّام، هذا التّكثيف من حيث توقيته يأتِي لعدّة أسباب:الأوّل: مُحاولات استِفزاز مُتعمّدة لدفع كُل من سورية وإيران وحزب الله، مُجتمعة أو مُنفردة، للرّد بقصف العُمق الإسرائيلي، ممّا يُوفِّر الذّرائع لإدارة الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب وحُكومة بنيامين نتنياهو لإشعال فتيل حرب إقليميّة في المِنطقة.

الثّاني: توظيف نِتنياهو هذه الهجَمات لتحسين وضعه الدّاخلي في ظِل المُلاحقات القانونيّة التي تُطارده بتُهم الفساد، وتحويل الأنظار عن الأزَمة السياسيّة التي تَعصِف بدولة الاحتلال حاليًّا، وعدم استِبعاد احتِمالات إجراء انتِخابات رابعة.

الثّالث: مُحاولة تصعيد الضّغوط على “حزب الله” والوجود الإيراني في سورية، استِغلالًا لأزَمة الكورونا (في إيران)، وحالة الاحتِقان السياسيّ المُتضخِّمة حاليًّا في لبنان، وتَزايُد احتِمالات انفِجار الحرب الأهليّة بتَحريضٍ أمريكيّ.

الرابع: إشغال سورية، ومُحاولة عرقلة خُططها لشَن الهُجوم المُنتَظر لاستِعادة إدلب، وآبار النّفط والغاز شرق الفرات، والإيحاء باستِمرار حالة عدم الاستقرار بِما يُعرقِل مرحلة إعادة الإعمار، وعودة اللّاجئين إلى حُضن الدولة السوريّة الأُم.

***

مِن المُستَبعد أن تنجر السلطات السوريّة وحُلفاؤها  في إيران ولبنان (حزب الله) إلى هذه المِصيدة الإسرائيليّة وبالشّروط الإسرائيليّة، والدّخول في حربٍ تُريدها تل أبيب وواشنطن في هذا التّوقيت بالذّات الذي يُواجِه فيه محور المُقاومة مُؤامرات وحروب استنزافيّة، سياسيّة وعسكريّة، في العِراق ولبنان واليمن إلى جانب سورية.

إسرائيل شنَّت أكثر من 300 غارة عُدوانيّة على أهدافٍ تقول إنّها مواقع إيرانيّة، أو مخازن أسلحة، وقوافل شاحِنات صواريخ إلى “حزب الله” قادمةً من إيران، سواءً عبر مطار دِمشق أو طُرق التّهريب البريّة، ولكن اللّافت أنّ جميع هذه الهجَمات لم تُحَقِّق أهدافها، بَل أعطت نتائج عكسيّة، فالوجود العسكريّ الإيرانيّ في سورية لم يَضعُف بل يزداد قوّةً، وترسانة “حزب الله، تزداد تَضَخُّمًا بالأسلحة النوعيّة، خاصّةً الصّواريخ الدّقيقة والطّائرات المُسيرّة.

رد محور المُقاومة على هذه الاعتداءات الإسرائيليّة التي تَعكِس قلقًا سيأتي حتمًا، وسيكون مُزلزِلًا، ولكن في الوقت المُناسب لهذا المحور، وعلينا أن نتخيّل إطلاق ألفيّ صاروخ يوميًّا على العُمق الفِلسطيني المُحتل، من ترسانة تحتوي على 150 ألف صاروخ من مُختلف الأحجام والأبعاد، وكيف سيكون حال المُستوطنين الإسرائيليين داخل المَلاجئ وخارِجها؟

فإذا كان الجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهَر أُصيب بحالةٍ من الرّعب من جرّاء اكتِشاف ثلاثة ثغَرات في السّياج الحُدودي، وأعلن حالة الطّوارئ لوجود كيس من البلاستيك بالقُرب من إحداها، استَدعى حشد العديد من الخُبراء و”الروبوتات” الآليّة لتفجيره، إلى جانب عقد اجتِماعات على أعلى مُستوى للقِيادات العسكريّة الإسرائيليّة لبحث هذا الاختِراق المُفاجِئ وأسبابه وأهدافه.

الرّسالة واضحة، وتقول مُفرداتها إنّ خِلايا المُقاومة لا تكتفي بالصّواريخ الباليستيّة فقط لضَرب المُستوطنات الإسرائيليّة في الجليل، أو بالأنفاق، بَل باختِراق هذا السّياج المُكهَرب والمُجهّز بأجهزة رصد إلكتروني، وتحرير أراضي في شِمال فِلسطين المحتلّة مِثلَما توعّد السيّد حسن نصر الله في أكثر من خِطابٍ له.

***

سورية تُستَهدف بهذه الاعتِداءات الإسرائيليّة المُتزايِدة لأنّها هزَمَت “المُؤامرة” واستطاع جيشها العربي السوري أن يستعيد أكثر من 80 في المِئة من الأراضي السوريّة، ويصمد لأكثر من تِسع سنوات قدّم خِلالها الدّماء والأرواح.

المُثلّث السوري العِراقي المِصري الذي كان يقود المِنطقة، ويتصدّى لأعدائها طِوال حقَبات التّاريخ القديم والمُعاصر، في طريقه للعودة، واستِعادة مكانته مع اقتِراب حقبة الهيمنة النفطيّة من نِهايتها بانهِيار أسعار النّفط والغاز، والأمر المُؤكَّد أنّ هذه العودة هي مصدر القلق والرّعب الأكبر الذي يُسيطِر على الإسرائيليين وقِيادتهم الذين يعرفون هذه الحقيقة جيّدًا.

سورية خاضت أربع حُروب ضِد دولة الاحتلال، وواجهت مُؤامرات عديدة، وما زالت صامدةً راسخةً، ولن تُؤثِّر في وجودها وصُمودها غارةً صاروخيّةً هُنا أو هُناك حتّى يحين موعد المُواجهة الكُبرى التي ربّما ستَكون آخِر المُواجهات والحُروب.. واللُه أعلم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا تتكثّف الهجمات العُدوانيّة الإسرائيليّة وتتصاعد على سورية هذه الأيّام لماذا تتكثّف الهجمات العُدوانيّة الإسرائيليّة وتتصاعد على سورية هذه الأيّام



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب

GMT 12:27 2019 الإثنين ,11 شباط / فبراير

"بي إم دبليو" تسحب 28 ألف سيارة من الأسواق الروسية

GMT 00:33 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

توقيف أم قتلت ابنتها خنقًا في مدينة مكناس
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca