ما دِقّة التّحذيرات الإعلاميّة الغربيّة من فيروس جديد أخطر كثيرًا من الكورونا؟

الدار البيضاء اليوم  -

ما دِقّة التّحذيرات الإعلاميّة الغربيّة من فيروس جديد أخطر كثيرًا من الكورونا

عبد الباري عطوان
عبد الباري عطوان

حذّرت صحيفة “الغارديان” البريطانيّة في تقريرٍ لها نشرته أمس من “فيروس نيباه” الجديد الذي جرى اكتِشاف العديد من حالاته أخيرًا وحذّرت من انتِشاره في بلدٍ كبير مِثل الصين قد يكون كارثيًّا، وتَصِل نسبة الوفَيات للمُصابين فيه إلى 75 بالمئة، ويقول كاتب التقرير الذي استند إلى آراء خُبراء كبار في علم الفيروسات إنّ هذا الفيروس قد ينتشر بسُرعةٍ في مُختلف أنحاء العالم، وربّما يكون أخطر من وباء الكورونا.

الفيروس الجديد الذي يتزامن الكشف عنه مع اختراع لقاحات “فاعلة” لتحصين مِئات الملايين من سُكّان الكرة الأرضيّة تتشابه أعراضه مع مرض الكورونا من حيث صُعوبات في التنفّس، والتهاب الدماغ وتورّمه، وارتفاع درجات الحرارة، وأحد مصادره الأوّلية هو “خفافيش الفاكهة”، وارتبط تفشّيه في الهند وبنغلاديش ورُصِد حالات منه في الصين بشُرب عصير نخيل التمر.
اكتشاف هذا المرض الجديد قد يزيد من حالة الارتِباك والقلق والرّعب التي تسود العالم حاليًّا، ويقدم في الوقت نفسه ذخيرةً جديدةً للمُؤمنين بنظريّة المُؤامرة التي تتمحور حول وجود “غُرف سوداء” تُصَنِّع هذه الأوبئة وتنشرها في العالم لوقف الانفِجار السكّاني.
***
أكثر من مئة مليون إصابة في العالم حاليًّا بفيروس الكورونا في أقل من عام، وتجاوزت حالات الوفاة 2.2 مِليون حالةً حتى الآن، الأمر الذي أدّى إلى تسريع الخطوات لاختراع لقاحات طبيّة لتطعيم أكبر عدد مُمكن من المُواطنين للحدّ من انتشار الفيروس وتقليص إصابته بقدر الإمكان، بعد أن ضاقت المستشفيات، وخاصّةً في بريطانيا وأمريكا ودول غربيّة أُخرى على استيعاب الأعداد الضّخمة من المُصابين.
كُنت شخصيًّا من بين تسعة ملايين إنسان يتلقّى اللّقاح في بريطانيا حيث ذهبت إلى المركز المُحَدَّد يوم الجمعة الماضي، وسارت الأمور بسَلاسةٍ، ودُون أيّ مُضاعفات باستثناء بعض الضّعف والهزال والصّداع وارتفاع درجة الحرارة في اليوم التّالي، رغم الاطّلاع على معلومات نشرتها منظمة الصحّة العالميّة تقول إنّ أخذ اللّقاح لا يضمن عدم الإصابة بالفيروس، ولا بُدّ من المُضي قُدمًا في ارتداء الكِمامة، وأخذ الاحتِياطات اللّازمة.
القلق من أخذ اللّقاح أمرٌ مشروع، لأنّ مُعظم اللّقاحات المطروحة حاليًّا، بأنواعها الأمريكيّة والصينيّة والروسيّة والأوروبيّة لم تَمُر بالمراحل الاختباريّة التجريبيّة المُتّبعة، وهي عمليّة تَستغرِق سنوات، تحوّل فيها الإنسان إلى ميدان تجارب، بسبب حِرص الحُكومات على تلقيح أكبر قدرٍ مُمكن من مُواطنيها، خاصّةً في الغرب، للوصول إلى “مناعة القطيع” وإعادة الحياة الطبيعيّة بالسّرعة المطلوبة، وبِما يُؤدِّي إلى عودة عجلة الاقتصاد إلى الدّوران، وهذا ما يُفَسِّر التِقاط صُور وفيديوهات للمُلوك والرّؤساء والمشاهير وهُم يأخُذون اللّقاحات، لتشجيع المُتردِّدين على العمَل بالمِثل.
اتّهام الصين من قِبَل أمريكا ودُول غربيّة أُخرى بأنّها مصدر هذه الفيروسات، وحاضنتها، هو الذي يُغَذِّي نظريّة المُؤامرة هذه، والتّشكيك باللّقاحات وفاعليّتها، وانقسام الآراء حولها، بين رافِضٍ ومُشَجِّع، فهُناك أطبّاء كبار في الغرب مُتخَصِّصون في ميدان الفيروسات، أعربوا عن شُكوكهم بأنّ بعض هذه اللّقاحات قد يُسَبِّب الأورام والعُقم وتقليص الخُصوبة مدى الحياة، فالأمر يحتاج إلى سنواتٍ لمعرفة النّتائج، والأعراض الجانبيّة لهذهِ اللّقاحات المُتعَجِّلة الإنتاج.
في بيتنا من يُؤمِن بنظريّة المُؤامرة هذه ويَرفُض أخْذ اللّقاحات بالتّالي، وهو ابني البِكر الذي يَقِف على بُعد أشهر من عقد قرانه، ويقول إنّه لا يُريد أن يُصاب بالعُقم لأنّه مِثل والده وأجداده يُريد إنجاب الكثير من الأطفال، وهو من الجيل الذي يقرأ بشراهةٍ في ظِل ثورة المعلومات التي تجتاح العالم حاليًّا، ويَقْرِن آراءه بالأدلّة والبراهين.
***
لا أعرِف شخصيًّا لماذا اختيار “الخفافيش” دائمًا لتحميلها مسؤوليّة انتشار هذه الفيروسات القاتلة في حالة الكورونا قبل عام، وفيروس “نيباه” الجديد القاتل، فقد عشنا معها في طُفولتنا المُبَكِّرة، وأكلنا ثِمار الرّطب بعد قضمها لها لسنواتٍ، ودُون أيّ غسل، ولم نُصَب بأيّ أمراض، ولعلّ هذا الاختِيار المُتَعمَّد يعود لأفلام الرّعب الغربيّة التي ربطت بين هذا الطّير أو الحيوان الوديع الذب لم يُلحِق بنا أيّ أذى بكُل أنواع الشّرور.
كثيرٌ من الأطبّاء الأصدقاء في بريطانيا ومنطقة الشرق الاوسط وجّهوا إلينا اللّوم لوجود شُكوك لدينا بأنّ هذه الفيروسات وتَناسُخِها بسُرعةٍ هذه الأيّام هي مُصَنَّعة ومِن فِعلِ فاعِل، وطلبوا مني شخصيًّا أن أُشَجِّع القُرّاء والمُشاهدين على عدم التَّردُّد في أخذِ اللّقاحات، بينما لم يَستبعِد آخرون لا يقلّون خِبرةً وعلمًا نظريّة المُؤامرة، واتّفقوا معي في شُكوكي.
ذهبت إلى مركز التّطعيم في الوقت المُحَدَّد وأخذت اللّقاح دون تَرَدُّد، ليس لأنّي أخاف من العُقم أو عدم الإنجاب، وإنّما لأنّني على قناعةٍ بأنّ أخطار التّطعيم ربّما أقل كثيرًا من أخطارِ عدمه، رُغم أنّني من المُغرّدين خارج القطيع في مُعظم الأحيان.. واللُه أعلم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما دِقّة التّحذيرات الإعلاميّة الغربيّة من فيروس جديد أخطر كثيرًا من الكورونا ما دِقّة التّحذيرات الإعلاميّة الغربيّة من فيروس جديد أخطر كثيرًا من الكورونا



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca