السلطة الفِلسطينيّة تعود “رسميًّا” للتّنسيق الأمني وتُشَرّع تطبيق “صفقة القرن”..

الدار البيضاء اليوم  -

السلطة الفِلسطينيّة تعود “رسميًّا” للتّنسيق الأمني وتُشَرّع تطبيق “صفقة القرن”

عبد الباري عطوان
عبد الباري عطوان

لم يُفاجِئنا مُطلقًا إعلان السيّد حسين الشيخ عُضو اللجنة المركزيّة لحركة فتح، ووزير الشؤون المدنيّة في السّلطة استئناف التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال الإسرائيلي وعودة العلاقات إلى ما كانت عليها قبل “تعليقها” في أيّار (مايو) الماضي، لأنّنا لم نثق مُطلقًا بكُل أقوال هذه السّلطة ووعودها ومسؤوليها، مثلما نُؤمن أنّ التّنسيق الأمني مع دولة الاحتلال لم يتوقّف مُطلقًا، وظَلّ في ذروته، وأكثر عُمقًا من أيّ وقتٍ مضى، فهو العمود الفِقريّ لوجود هذه السّلطة واستِمرارها.

السيّد الشيخ الذي يعتبر ضابط الاتّصال مع العدو الإسرائيلي قال في تغريدةٍ رسميّةٍ على حسابه على وسائط التواصل الاجتماعي، وأكّدتها وكالة “وفا” الرسميّة، “أنّ العُلاقة ستعود إلى سابق عهدها بعد تلقّي السّلطة تعهّدات إسرائيليّة بالالتِزام بالاتّفاقات المُوقّعة بين الجانبين”، وهذا كلامٌ ينطوي على الكثير من الكذب والتّضليل، فبالأمس فقط طرحت الحُكومة الإسرائيليّة عطاءات لبناء 1257 وحدة سكنيّة استيطانيّة في بيت صفافة جنوب القدسالمحتلّة، على أن يتم إغلاق باب العطاءات يوم 18 كانون أوّل (يناير) المُقبل، أيّ قبل يومين من الاحتِفال بدُخول جو بايدن البيت الأبيض واعتِماده رئيسًا في حفلِ التّنصيب الرسميّ.

المُستوطنة الجديدة ستقطع التّواصل الجُغرافي بين المدينة المُقدّسة وبيت لحم، وستُشكُل إكمالًا لتهويد القدس الشرقيّة المُحتلّة ومنع إعلانها عاصمةً لأيّ دولة فِلسطينيّة مُستقبليّة، وستتولّى قوّات الأمن الفِلسطينيّة حِمايتها ومُستوطنيها أُسوةً بالمُستوطنات الأُخرى.

“إسرائيل” لم تُلغِ عمليّة الضّم التي يتذرّع بها السيّد الشيخ للعودة إلى التّنسيق الأمني، ولم تتوقّف هذه العمليّة دقيقةً واحدةً، وكُل ما أُعلِن من قراراتٍ حول تجميد التّنسيق الأمني كان مُجرّد “مسرحيّة” وضَحِكْ على الذّقون، ذُقون الشّعب الفِلسطيني، فكُل ما يَهُم هذه السّلطة وقِيادتها، هو البقاء والاستِمرار، وتلقّي الأموال المغموسة بالذُّل والعار من العدوّ الإسرائيلي.
هذه التّنازلات المُخجِلَة والمُهينة من السّلطة وقِيادتها هي التي شجّعت ووفّرت الغِطاء لدُولٍ عربيّةٍ للانخِراط في عمليّة التّطبيع مع دولة الاحتِلال، ولهذا كانت كُل مواقفها المُعارضة لهذا التّطبيع بهدف امتِصاص نقمة الشّعب الفِلسطيني، وغضبه لا أكثر ولا أقل، فالتّنسيق الأمني أكثر سُوءًا من كُلّ اتّفاقات التّطبيع.

نحن لا نلوم هذه السّلطة ورِجالاتها على هذه العودة المُهينة للتّنسيق الأمني لأنّنا لم ولن نُصدّق أيّ خطوة تُقدِم عليها في هذا المِضمار لأنّها مَحكومةٌ باتّفاقات أوسلو والتِزاماتها التي وقُعتها وكانت الضّربة القاصمة للقضيّة الفِلسطينيّة، وإنّما نلوم حركتيّ “حماس” و”الجِهاد الإسلامي” والجبهة الشعبيّة والديمقراطيّة وكُل الفصائل الأُخرى التي وقَعَت في مِصيَدة أكاذيب هذه السّلطة، ووفّرت لها الشرعيّة الوطنيّة لتحسين شُروط عُلاقاتها مع بنيامين نِتنياهو، وشِراء الوقت انتِظارًا لمعرفة نتائج الانتخابات الرئاسيّة الأمريكيّة.

كُل الأحاديث عن “المُقاومة الشعبيّة” للاحتِلال، والتّصريحات “المُتشنّجة” عن إلغاء اتّفاقات أوسلو والاعتِراف بدولة إسرائيل وإجراء انتِخابات تشريعيّة ورئاسيّة، وتكريس المُصالحة على أُسسٍ جديدةٍ، وإعادة ترتيب البيت الفِلسطيني، كانت كَذِبًا وخِداعًا، ومن المُؤسِف أنّ هُناك في الحركة الوطنيّة الفِلسطينيّة مَن يُهروِل إلى هذه السّلطة بمُجرّد إشارة بالإصبع الصّغير من يدها، ويُقدّم لها فُروض الطّاعة والولاء، ولا يُمانع من اللّدغ من الجُحر نفسه للمرّة العاشرة.

مبروكٌ على السيّد الشيخ وسُلطته هذه العودة المَيمونة للتّنسيق الأمني، وخدمة الاحتِلال، وتوفير الغِطاء الشّرعي لصفقة القرن، وخطّة الضّم، ويا أسَف على هذا الشّعب الفِلسطيني الذي قَدّم آلاف الشّهداء والأسرى والجَرحى الذي يقبل بمِثل هذه الإهانات وهذا الإذلال، وما زال يدعم بعضه هذه السّلطة المُستَسلِمَة المُفرّطة بحُقوقه الوطنيّة المَشروعة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السلطة الفِلسطينيّة تعود “رسميًّا” للتّنسيق الأمني وتُشَرّع تطبيق “صفقة القرن” السلطة الفِلسطينيّة تعود “رسميًّا” للتّنسيق الأمني وتُشَرّع تطبيق “صفقة القرن”



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca