تكرار الرسالة عن «كوفيد ـ 19»!

الدار البيضاء اليوم  -

تكرار الرسالة عن «كوفيد ـ 19»

حسين شبكشي
حسين شبكشي

مع المجازفة بإعادة وتكرار ما هو معروف ومسلم، فقد تكون في الإعادة إفادة، إلا أنه من الضروري جداً إعادة التذكير بأن جائحة «كوفيد - 19»، أو كما يطلق عليها «كورونا»، مرض في منتهى الجدية والخطورة.

أرقام الإصابات في الغالبية العظمى من بلدان العالم عادت للارتفاع بشكل مقلق للغاية مجدداً، ورجعت الضغوطات الهائلة على القدرات الاستيعابية للقطاعات الصحية بشكل عام. واليوم مع وجود إدارة جديدة في الولايات المتحدة، التي وضعت نصب عينيها كهدفٍ أول مواجهة «كوفيد - 19»، الذي تسبب في سقوط الملايين من المصابين ومئات الآلاف من الوفيات، وخطتها تقضي بتوفير اللقاح لمائة مليون مواطن أميركي خلال مائة يوم فقط. وهذا تحد أقل ما يقال عنه إعجازي وغير مسبوق سيتم توظيف لتنفيذه الإدارة الفيدرالية للأزمات، والحرس الوطني، والجيش الأميركي نفسه معتمدين فيه بشكل كامل على العقارين الأميركيين الصنع: «فايزر» و«موديرنا»، مما يعني اضطراباً وإعادة جدولة حادة لالتزامات الشركتين مع باقي البلدان المتعاقدة معهما حول العالم، لأن الشركتين ستخضعان لقانون الطوارئ الأميركي، الذي يتعامل مع الجائحة وكأن البلاد في حالة حرب، وبالتالي توجه كافة منتجات مصانع وموارد البلاد للداخل الأميركي حصرياً.

والضغط على اللقاح متوقع مع هذه الجائحة، ولكن حتى الآن لا يوجد على الساحة الدولية بأكملها سوى عدد محدود جداً من اللقاحات، فمن الصين هناك لقاحان «سنوفارم» و«سنوفاك»، ومن روسيا «سبوتنيك v»، ومن الولايات المتحدة هناك «فايزر» و«موديرنا»، ومن بريطانيا هناك «أسترازينيكا». مع أهمية التذكير بقرب اعتماد لقاح جديد منتظر من شركة «جونسون وجونسون» للأدوية الأميركية، الذي سيكون من جرعة واحدة فقط لا غير (على عكس الآخرين المعتمدين على منهجية الجرعتين).

إلا أن هذا يطرح تساؤلاً في غاية الأهمية يدور في أذهان المهتمين بالشأن الدوائي والصحي، هو أين باقي الشركات العملاقة حول العالم من سباق توفير اللقاح؟ شركات مثل «روش» و«آلكون» من سويسرا، و«باير» و«ميرك» من ألمانيا، و«نوفارتيس» و«سانوفي» و«ميلان» من فرنسا، و«آي جي جينركس» و«آبفي» من بلجيكا، وتأكيداً «ودايتشي سانكيو» و«شوغاي» من اليابان، على سبيل المثال لا الحصر طبعاً. شركات عملاقة ومتمكنة لا يوجد سبب منطقي ومقبول لغيابها في سباق إنتاج اللقاحات المطلوبة لهذه الجائحة المدمرة والفتاكة. مع بدايات وصول الجائحة إلى الولايات المتحدة قامت الحكومة الفيدرالية بضخ مليار دولار لكل من «موديرنا» و«فايزر» و«جونسون وجونسون»، وهذا الأمر المهم كان له أبلغ الأثر والفاعلية في «تسريع» الاختبارات والتجارب والاعتماد للقاحات. وهذه المبادرة لم تحصل في كل من روسيا والصين لكون اللقاحات المنتجة فيهما من شركات حكومية تملكها الدولة نفسها. وهذا ما لم تقم به سويسرا ولا الاتحاد الأوروبي ولا اليابان، وما الذي كان من الممكن أن إفادة العالم بأسره نتيجة ذلك.

الموضوع سيزداد تعقيداً ولا شك، فالضغط على توفير اللقاحات بات المهمة رقم واحد لكل حكومة حول العالم من دون استثناء، لأن المسألة تحولت من كونها مسألة صحية بشكل حصري، ولكنها باتت مسألة اقتصادية، وبالتالي سياسية بالنجاح أو الفشل فيها يتم تقييم الحكومات وأدائها. هذا ولم نتطرق بعد إلى مسألة عدالة توزيع اللقاح، وهي المسألة التي باتت تقلق مسؤولي الأمم المتحدة، لأن الدول الفقيرة باتت عملياً «محرومة» من «اللقاحات»، ولن تتمكن من الحصول عليها قبل نهاية عام 2022 أو بدايات عام 2023، متى ما تم توفير التمويل اللازم لتغطية تكاليف اللقاحات وتوصيلها للدول المحتاجة لها.

لم يسبق في تاريخ البشرية أن تعرضت إلى هذا النوع من الضغط لتوصيل طلب واحد (اللقاح) إلى عدد مهول جداً من البشر المحتاجين، ومن الممكن بالتالي التحدي الإنتاجي على الشركات الدوائية المصنعة للقاحات والتحدي اللوجيستي على شركات الشحن، والتوزيع الملقى على عاتق الشركات المعنية لتوصيله إلى الوجهة النهائية. إنها العودة إلى البدء والنقطة صفر مجدداً، والتذكير مرة أخرى بخطورة الجائحة، وأهمية احترامها والتطبيق الصارم لارتداء الكمامة، والالتزام بالتباعد الاجتماعي والتعقيم المستمر، فالموضوع لم ينتهِ حتى الآن، ولا نزال في خضم الحرب الكبيرة على الفيروس، ولن يتم القضاء عليه سوى بزيادة الوعي وعدم التهاون وإدراك حجم الخطر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تكرار الرسالة عن «كوفيد ـ 19» تكرار الرسالة عن «كوفيد ـ 19»



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca