غضب مُبرر لأنصار ترمب

الدار البيضاء اليوم  -

غضب مُبرر لأنصار ترمب

بكر عويضة
بكر عويضة

عنوان صادم؟ الأرجح أنه كذلك، خصوصاً كما سوف يحكم عليه معظم جمهور العالمين العربي والإسلامي، ثُم بشكل أكثر تخصيصاً، في نطاق إقليم الشرق الأوسط، وإذا شئت تضييق دائرة التصادم مع عنوان يرى أن غضب أنصار الرئيس دونالد ترمب مبرر، ومن ثَم يصبح من المؤكد أن يضيق به صدر كل مطلع عليه، بإمكانك الاكتفاء بالدائرة الفلسطينية، التي إليها أنتسب مَوطناً، وإلى قضية حقوق شعبها العادلة أنتمي قلباً خفق صبياً بحلم العودة إلى مسقط الرأس في بئر السبع، وبُح الصوت، مثلما تشنج عصب القلم في الدفاع عنه شاباً، ولم يزل يراودني كهلاً، وسيبقى كذلك ما تدفق في العروق نَفَسٌ، إذ بوسع كل أحد يختلف معي رأياً، أو مع غيري، أن يرمي مَنْ يختلف معهم بما شاء من حصى، أو حجارة، أو صخور اتهامات القوالب الجاهزة، من نوع: «اليأس والخنوع»، وهذا أخفها، أو تحريك أصبع الاتهام باتجاه إعادة التموضع في التعدي على الرأي المخالف، فيأتي الزعيق بالباطل المُسيس لصالح أجندات معروف مصدر شهادات منشئها، على النحو التالي: «واضح أن هذا تمرير للتطبيع العربي مع إسرائيل»، وصولاً إلى سفه القول عند بعضهم، كما في القول: «يجب فضح هكذا انبطاح أمام العدو»، نعم، يمكن لمدمني لمثل تلك المفردات أن يرموا بها كل مَن شاءوا ممن خالفوهم الرأي، لكنهم لن يستطيعوا، وليس من حقهم أساساً، أن ينزعوا حب فلسطين من قلب أي فلسطيني، أو عربي، اختلف في الاجتهاد معهم، أو مع غيرهم.

هل ثمة أسباب تبرر غضب أنصار ترمب؟ نعم. أولاً؛ على صعيد داخلي، بدا واضحاً لكل متابع أن منسوب الابتهاج بفوز جو بايدن تجاوز الحد المعقول سياسيا بين بعض خصوم الرئيس ترمب، فوصل حداً استنكر على مؤيدي الرجل أن يغضبوا لِما بلغهم من كلام بشأن وقوع «تزوير» في صناديق اقتراع عدد من الولايات. حق مشروع لجماهير تؤيد هذا المرشح أو ذاك، بأي انتخابات، وبأي بلد، أن تغضب إذا قيل لها إن تزويراً ما حصل. بيد أن الإحساس بالغضب شيء، والتصرف بحمق فوراً، على أساس أن التزوير حصل فعلاً، أمر مختلف. أميركياً، الذي جرى في انتخابات الأسبوع الماضي الرئاسية، أن التراشق باتهامات التزوير، كاد أن يؤدي إلى حرائق وعنف، لكن تدخل عدد من حكماء الحزب الجمهوري، وكبار ساسته، إضافة إلى تكرار جو بايدن مناشدة مؤيديه التمسك بالصبر، والتزام الهدوء، أسهما في تطويق نيران أي حريق قبل أن تشتعل.

ثانياً؛ خارج الولايات المتحدة، وتحديداً ضمن إقليم الشرق الأوسط، تكثر أسباب تبرير غضب أنصار ترمب، إنما يمكن القول إن أهمها يتركز في التحسب لاحتمال أن يُضعف فوز بايدن موقف واشنطن إزاء إيران. أكثر من ذلك، ثمة مَن يتخوف أن الرئيس المُنتَخب، سوف يفعل ما فعل ترمب ذاته بشأن عدد من سياسات سلفه، باراك أوباما، إذ طفق الرئيس ترمب، منذ الأسابيع الأولى لدخوله البيت الأبيض، يصدر قوانين، أو قرارات تنفيذية، تلغي ما عده الديمقراطيون إنجازات مهمة، فسارع إلى إلغاء «قانون أوباما» الخاص بالرعاية الصحية، وانسحب من اتفاقية باريس العالمية حول التغيرات المناخية، ثم ألغى الاتفاق بشأن برنامج إيران النووي، ولم يتردد في رفع مستوى العقوبات الصارمة ضدها. العامل الأخير، تحديداً، هو الذي يشكل الجانب المثير للقلق عند البعض أكثر من غيره، خصوصاً إذا تحقق ما تسرب من «بالونات اختبار» تزعم أن الجناح الموالي لإيران، واللوبي العامل لصالحها في دهاليز واشنطن السياسية، فرِح، بل مبتهج جداً، بفوز بايدن. بيد أن عدداً من متابعي الشأن الأميركي، يستبعدون وقوع استدارة من جانب إدارة الرئيس جو بايدن، ونائبته كامالا هاريس، بمقدار مائة وثمانية درجة إزاء برنامج إيران النووي.

يبقى، ثالثاً، تبرير عدم الغضب لو أن ترمب فاز. طبعاً، بوسعي تخيل الزعيق الغاضب؛ ويحك، كيف تتمنى الفوز لمن أعطى القدس عاصمة أبدية لإسرائيل؟ الجواب بسيط جداً؛ لقد فعل ترمب فعلته تلك بوضوح ساطع كما شمس أي صحراء. هل يعني هذا قبولها والتسليم بها؟ كلا، بالطبع؛ إنما لقد حان وقت التعامل الواقعي، فلسطينياً، مع المتعامل الواضح في الموقف من قضية فلسطين، أياً كان موقفه. بالتأكيد، يظل ذلك أفضل، رغم مرارته، وأكثر تحدياً، من الاكتفاء المتلذذ بمعسول الكلام، وتكرار الوعود، من أي جهة قيل، أو أتت.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غضب مُبرر لأنصار ترمب غضب مُبرر لأنصار ترمب



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 17:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 19:42 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 15:15 2019 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

بادر بسرعة إلى استغلال الفرص التي تتاح لك اليوم

GMT 03:55 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

النوري يكشف عن أغنية عالمية تجمعه بالكاميروني سينيي

GMT 19:10 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مدرب الهلال يؤكد أن بنشرقي في قمة تألقه

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجم استيراد اللحوم المستوردة

GMT 07:43 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

فرنسا وتكرار التاريخ الاستعماري

GMT 07:04 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

ملعب المسيرة الخضراء في أسفي يستفيد من كراسي جديدة

GMT 23:15 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

سواحل كرواتيا تتمتع بمجموعة مميزة من الجزر الجميلة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca