وقوف السعودية مع الحق الفلسطيني

الدار البيضاء اليوم  -

وقوف السعودية مع الحق الفلسطيني

بكر عويضة
بكر عويضة

يقرر قول شائع بين أغلب الناس، بغير مجتمع عربي، أن «المكتوب يقرأ من عنوانه». يحصل هذا معي، وبالتأكيد مع غيري، إذ فور أن أطالع عناوين الأخبار، كما تنشر في مواقع ذات انتماء سياسي مجاهر به، يداهمني إحساس أتعامل معه باستغراب، كونه يتعاكس تماماً مع ما يزعم القائمون على تلك المواقع أنهم ضده. خلاصة ذلك الشعور يحاول إقناعي أن بعضاً من «نجوم» الزعيق ضد أي تطبيع عربي مع إسرائيل، يتمنون، أو أنهم يمنون أنفسهم، قبل غيرهم، أن تمضي المملكة العربية السعودية، تحديداً، في اتجاه ذلك الطريق. أحاول رفض هكذا تصور، من منطلق أنه متناقض مع منطق الأمور. لكن ثمة شواهد مما يجري واقعياً تؤكد أنه حاصل فعلاً، وأن ثمة من يحاول استفزاز الرياض، بشكل مكشوف، كي تأخذ توجهاً يخدم توجهاتهم. خذ، مثلاً، كيف يقع التلاعب بعناوين أخبار محددة على نحو يدفع إلى التساؤل؛ ترى هل أصاب البعض هاجس يؤزهم أزاً أن متى يفيقون وقد تم إعلان تطبيع تام بين تل أبيب والرياض؟

الجواب، باختصار، هو أن ذلك البعض سوف ينتظر طويلاً، إلا إذا اختار حكام تل أبيب أن يختصروا المسافة، فيبادرون إلى القول إنهم ماضون فوراً على درب تطبيق ما عطلوه من مبادئ اتفاق أوسلو (1993) رغم كثرة مثالبه، بقيام دولة فلسطينية مستقلة، قابلة للحياة، وعاصمتها القدس الشرقية، ويمارسون الفعل الذي يثبت صدق القول. عندما يقع ذلك، يمكن تفعيل مبدأ أن لكل حادث ما يلزم من حديث. في هذا السياق، أتى كلام الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، الأحد الماضي، خلال حوار المنامة، بشأن اشتراط قيام الدولة الفلسطينية المستقلة قبل أي تطبيع. ورغم أن كلام المسؤول السعودي ليس الأول من نوعه، ربما بات مطلوباً إعادة التذكير بمضمونه، في مواجهة هواجس باتت تسكن نفوس ذلك الفريق الزاعم أنه «مقاوم» أو «ممانع»، أو «رافض»، فيما يحاول، هو ذاته، استفزاز الرياض كي تسارع إلى تطبيع مجاني، وغير مشروط. 

حقاً، مطلوب أن يعيد الأمير فيصل بن فرحان، التذكير أن الموقف السعودي واضح بلا أي التباس: «كنا واضحين تماماً، بأنه من أجل أن نمضي قدماً في التطبيع، علينا أن نرى تسوية للنزاع الفلسطيني، ودولة فلسطينية قابلة للحياة، على غرار ما تم تصوره في مبادرة السلام العربية عام 2002»، وزاد موضحاً: «من دون تسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فإننا لن نرى سلاماً حقيقياً واستقراراً في المنطقة». خلال الملتقى ذاته، أقدم سياسي وازن بحجم الأمير تركي الفيصل، وتراكم خبراته السياسية، طوال عقود، على إسماع الإسرائيليين ما يرفضون الاستماع إليه منذ بدايات مشوار مبادرات السلام العربي - الإسرائيلي عندما اعتمدت قمة فاس العربية (1982) مبادرة الملك فهد بن عبد العزيز. جوهر مضمون هذا الكلام هو ما قاله الأمير تركي الفيصل، لجهة ازدواجية مواقف إسرائيل، إذ «تدعي من جهة أنها مهددة وجودياً وتريد السلام، لكنها من جهة أخرى تحتل الأراضي الفلسطينية، وتقصف الدول العربية، وتمتلك السلاح النووي»، بل هم «يهدمون المنازل كما يشاءون، ويقومون باغتيال من يريدون».


لماذا يستهدف الزاعقون عبر الفضائيات ضد تطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل الموقف السعودي تحديداً بالتشكيك؟ باختصار، لأن هذا هو ما يتمنون، أولاً، ولأنهم، ثانياً، يعرفون جيداً، حقيقة أن لا تركيا إردوغان، ولا إيران «الحرس الثوري»، أقرب إلى الوقوف الصادق مع الحق الفلسطيني من المملكة العربية السعودية. لذا يسارعون إلى التهويل الإعلامي لتسريبات تطلع من إسرائيل ذاتها بغرض ابتزاز الرياض، ذات الموقف الراسخ، والموثق في سجلات التاريخ، كما عبر عنه ملوك السعودية كلهم أجمعون، وتثبيتاً له لم يتوان خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، في تكراره أكثر من مرة، وخلاصته أن السعودية تقبل ما يقبل الفلسطينيون، وترفض ما يرفضون. ما المطلوب أكثر من ذلك؟ سعودياً، لا شيء، كفى بالحقائق تسطع فوق الأرض. أما فلسطينياً؛ فأهم مطلب للفلسطينيين أنفسهم هو واجب أن تضع القيادات الفلسطينية حداً لآفة الانقسام المعيب بينها. في هذه الأثناء، أفضل للمواطن الفلسطيني المستقل فعلاً، أن يعرض عمن يريد دق أسفين شك بين السعودية والفلسطينيين، فيخدم الموقف الإسرائيلي ذاته، سواء أراد ذلك بالفعل، أو ادعى أنه لم يقصد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وقوف السعودية مع الحق الفلسطيني وقوف السعودية مع الحق الفلسطيني



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca