نبض عروقهم كبرياء

الدار البيضاء اليوم  -

نبض عروقهم كبرياء

بقلم - طارق الشناوي

الوسط الفني يشبه لعبة «السلم والثعبان»، قد يأتي سلم يرفع الفنان ليتصدر الرقعة، وقد يلدغه بعدها ثعبان يهبط به من القمة للسفح، من المهم أن يجيد الفنان قانون اللعبة في الحالتين.
عندما أرادت نادية الجندي أن تكتب اسمها موازياً لعادل إمام في فيلم «خمسة باب»، وذلك قبل نحو 38 عاماً، اشترط عليها أن تضاعف أجره، ووافقت نادية على تلك المقايضة، كل منهما وجد نفسه في تلك الصفقة بشكل ما رابحاً، ابتعد محمود عبد العزيز بضع سنوات عن السينما، وجاء له فيلم «إبراهيم الأبيض» يسبقه في «التترات» ويحتل المساحة الأكبر درامياً وعلى «الأفيش» أحمد السقا، إلا أن رهان محمود كان على دوره «عبد الملك زرزور» وبالفعل جاءت الإطلالة السينمائية الأخيرة لمحمود في دور لا ينسى، نور الشريف كان يقول لي الفنان إذا أراد الاستمرار عليه أن يقرأ جيداً مفردات السوق، وهكذا وافق أن يسبقه أحمد عز في «تترات» و«أفيش» فيلم «مسجون ترانزيت».
المرونة مع الزمن وكيف تختار الدور هي التي تمنح الفنان القدرة على الوجود مهما تغيرت المعادلة.
في الأيام الماضية تعددت صرخات عدد من النجوم أمثال حسن يوسف ويوسف شعبان وصولاً إلى عبد الرحمن أبو زهرة، وسرق أبو زهرة الاهتمام، عندما قال إنه يرفض تلك المساحات الضئيلة التي تمنح له على الشاشة الكبيرة، ويسبق اسمه توصيف «ضيف شرف»، اعتبرها إهانة لتاريخه.
السينما في العالم كله تتحرك وفقاً للجمهور المستهدف، النسبة الغالبة من الأبطال على الشاشة هم الشباب، لأنهم يعبرون عن الشباب الذين يسددون القسط الأكبر من شباك التذاكر، ورغم ذلك فإن الشكوى دائماً ما تتكرر، سبق وأن أعلن محمود الجندي قبل رحيله بنحو عامين اعتزاله، لأن اسمه لم يعد يوضع بشكل لائق في «بوستر» المسلسلات، كما تابعنا أيضاً في رمضان الماضي تهديد خالد النبوي بالاعتزال، عندما وجد أن صورة ريهام حجاج تتصدر «البوستر» الدعائي لمسلسل «لما كنا صغيرين»، ولم يتراجع عن قراره إلا بعد أن تم التعديل، شاهدت شكري سرحان وهو يعلن في لقاء تلفزيوني قديم حزنه، لأن نجوم الثمانينيات كانوا يحرصون على أن يسبقوه على الأفيش متجاهلين أنه سبقهم للنجومية بنحو ثلاثين عاماً.
مثل هذه الحكايات عابرة للزمن، إسماعيل ياسين، عندما وجد أن الطلب عليه تضاءل خاصة في النصف الثاني من الستينيات، كتب شكوى لوزير الثقافة متهماً المسؤولين عن مؤسسة السينما التابعة للدولة، أنهم لا يسندون له أدواراً ويفضلون عليه نجوم الكوميديا الذين كانوا يوصفون بالشباب في تلك السنوات، مثل فؤاد المهندس ومحمد عوض وعبد المنعم مدبولي.
هل يردد الفنانون بيت شعر كامل الشناوي: «أنا لا أشكو ففي الشكوى انحناء... وأنا نبض عروقي كبرياء»، أنا لا أدين الفنان عندما يعلو صوته بالألم، طالما نحن غير قادرين على تضميد جراحه، علينا ألا نمنعه من الصراخ، وفي نفس الوقت لا أخفيكم سراً أشعر أن كبرياء الفنان يحول دون استجداء العمل.
عانى أغلب الكبار في سنواتهم الأخيرة من الابتعاد عن الشاشة، مثل فاتن حمامة وماجدة الصباحي ونادية لطفي، وغيرهم، إلا أن أحداً لم يسمع أبداً شكواهم، وظلوا حتى اللحظة الأخيرة، «نبض عروقهم كبرياء».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نبض عروقهم كبرياء نبض عروقهم كبرياء



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca