مصطفى حفناوي!!

الدار البيضاء اليوم  -

مصطفى حفناوي

طارق الشناوي
بقلم : طارق الشناوي

حزنت مثل الملايين لوفاة الشاب الذى لم أعرفه مصطفى حفناوى، وَدَّعنا وهو فى منتصف العشرينيات، الدنيا تبتسم أمامه، بينما هو فى ثوان ودون سابق إنذار يودع الدنيا، قالوا فى البداية إن ما حدث سوء تشخيص من المستشفى الذى ذهب إليه على قدميه طلبا للعلاج، فلم يكتشفوا أنه يعانى من جلطة فى المخ، وتناول علاجاً ليس له علاقة بحقيقة المرض، فتفاقمت الحالة وانتقل إلى مرحلة الغيبوبة، بينما كان للمستشفى تقرير علمى آخر يبرئ تماما ساحته، لم تعننى كثيرا التفاصيل.. فقط دعوت له بالرحمة والمغفرة.

أول مرة أتعرف فيها على اسم الفقيد الشباب، ورأيت اهتماما ضخما على كل المواقع الصحفية، واتهمت نفسى مباشرة بالجهل، المرة الأولى أيضا التى أكتشفُ فيها أن هناك مهنة اسمها (يوتيوبر )، تعنى أنه متخصص فى التعامل مع اليوتيوب، وخطيبته أيضا تمارس نفس المهنة.

قبل رحيله، ربما بساعات فقط، شاهدت أحد الشباب وهو يؤكد أنه صعد لحجرته بالمستشفى وأقام له أكثر من رقية شرعية، لكى يقهر بها المرض بعد أن عجز العلم، أعلن الأطباء أنها مجرد ساعات تفصله عن العبور للشاطئ الآخر، لاحظت أنه فى نهاية اللقاء يكرر الدعوة بأن يشفى الله مرضانا من المسلمين، ولا يمكن أن أتصورها دعوة لها علاقة حقا بالدين الإسلامى، فهى تخاصم حقيقة الدين الذى هو رحمة ونور للبشر أجمعين. المدد الإلهى يسع كل شىء فى الأرض وفى السماء.. علمتنا (كورونا) أن الشفاء ليس فردا ولا عائلة ولا بلدا ولا قارة ولا دينا ولا مِلة، إنه شفاء للبشر أجمعين، الوباء لا يفتش فى جواز السفر ولا يسأل عن الديانة، فكيف نواصل دعاءنا بالشفاء فقط للمسلمين؟.

المشهد الأخير بالنسبة لى هو الأصعب، عندما أقرأ أن أهل الشاب الراحل يسألون أحد رجال الدين عن حقهم فى نزع الوشم عن جسده، كان قد كتب اسم «آلاء» على أجزاء متفرقة من جسده التى سنعرف فيما بعد أنها ابنة شقيقته، طفلة صغيرة أحبها واختطفها الموت، وجاء رد رجل الدين- رغم أن فى الإسلام لا يوجد توصيف رجل الدين - إلا أن إجابته جاءت على النحو التالى أنه أخذ ذنب الوشم ولا داعى لنزعه عن جسده. من الذى قال إن الوشم من الممكن أن يصبح أساساً ذنباً يحمله الإنسان دُنيا وآخرة؟ ومن قال حتى إن الحب ذنب؟ حتى لو لم تكن آلاء طفلة، ولكن فتاة أحبها.. ما الإثم الذى ارتكبه مصطفى عندما أحب؟.

(السوشيال ميديا) مهما كانت لها من سلبيات، إلا أنها فرضت علينا ثقافة مغايرة، ومنحتنا معلومات وأفكارا، واختصرت زمنا.. الوجه السيئ فى الحكاية أنها دفعتنا إلى قدر لا يُنكر من الكسل، لا نبذل أى جهد للتأكد من المعلومة، حتى من هم متخصصون فى وسائط التواصل الاجتماعى استسلموا لما هو شائع، اكتشفت أيضا أن المجتمع بكل أطيافه بحاجة إلى رؤية تنويرية تأخذ من الدين عمقه وليس قشوره. الشاب مصطفى حفناوى بقدر ما ترك فى أعماق حتى مع من لا يعرفه حزنا، بقدر ما أثار تساؤلات، أظنها تستحق منا جميعا أن نبحث لها عن إجابات، رحم الله الفقيد الشاب!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصطفى حفناوي مصطفى حفناوي



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca