أمير البرتقال

الدار البيضاء اليوم  -

أمير البرتقال

سمير عطاالله
بقلم - سمير عطاالله

تسألني جنابك دوماً، لماذا الماضي كان جميلاً؟ وكيف لي أن أعرف لكي أجيب. أنا لا أعرف. كل ما أعرفه أن الطفولة تبكر سريعة في الخروج من حياتنا، ثم نمضي بقية العمر في ملاحقتها. مرة واحدة تأتي، تحط على الغصن، ثم تقفز سريعاً مثل عصفور الدوري. هل تدري كيف وصفت زوجة خروشوف رائد الفضاء السوفياتي الأول، يوري غاغارين؟ قالت الفلاحة نينا بتروفنا: الدوري السوفياتي يحلق في مدار الأرض.

تذكرت عصفور طفولتها في الحقول. لم تقل «النسر السوفياتي» رمز القوة، بل الدوري حامل حبوب القمح ورقاص الغصون. هل تريد أن تعرف لماذا كان الماضي جميلاً؟ إليك هذا النص العذب: «كان أبي يعمل طول النهار ويعود حاملاً كيس البرتقال: يعطي خالتي البرتقالة الأولى. ثم أمه وعمته برتقالتين. ثلاث برتقالات لأخته وولديها. برتقالة لي وبرتقالة لأخي. سبع برتقالات لإخوتي الصغار. والبرتقالة الأخيرة تأخذ أمي نصفها وأبي نصفها الآخر».
ماذا تفهم من السرد؟ البرتقالة الأولى لخالتي، لأن شقيقة زوجته مطلقة تسكن مع العائلة، ولا يريدها أن تشعر بالغربة. وتضم العائلة أيضاً أمه وشقيقته. ويبقى لهذا الأمير في النهاية برتقالة يتقاسمها مع زوجته.
تلك حكاية نوال السعداوي عن طفولتها (المصري اليوم). هل تريد أن تعرف بعد، لماذا كان الماضي جميلاً؟ رجل عائد من تعب النهار، لا ينسى أن يقدم أول برتقالة إلى شقيقة زوجته المذلة بالطلاق. وفي النهاية لا يبقى له ولزوجته سوى برتقالة واحدة هي الألذ طعماً.
تغور كتابات نوال السعداوي بالثورة والتمرد حتى وهي على فراش المرض. لكنها تهدأ وتهنأ ويسيل حبرها رضى وعذوبة عندما تتذكر ظل الأب الطيب والأم الموزِّعة حنانها مثل شجرة فيء وارفة على النيل.
بيوت كثيرة كانت هكذا في الماضي. جدران عالية تخفي قصص التعاضد العائلي والتراحم، وذلك الاختراع العظيم المعروف «بالسترة». المتسولون في الشوارع يهتفون خلفك في صوت عالٍ بدعاء واحد: الله يستر عليك.
قرأت كتاباً عن بيروت القديمة الجميلة أنه في شهر رمضان لم يكن القادرون يفطرون قبل أن يفطر المعسرون... الشهر الكريم، كريم على الجميع. كانت القاهرة تسمى «باريس على النيل» (بدل باريس على السين)، وبيروت تسمى «باريس الشرق». والسبب في الحالتين التأثير المعماري والشبه الهندسي والتفاعل الثقافي. لكن باريس، صاحبة «الحقبة الجميلة» كانت تفتقر دائماً إلى دفء بيروت والقاهرة. في برنامج «الكاميرا الخفية» المستعاد يتظاهر بطله (ميشال عشي) بأنه أعمى يحتاج لمن يربط له شريط حذائه. لم يمر رجل أو سيدة إلا وركع على الأرض متطوعاً. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أمير البرتقال أمير البرتقال



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني

GMT 00:42 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

تعرف على أبرز صفات "أهل النار"

GMT 15:58 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

"القرفة" لشعر صحي بلا مشاكل ولعلاج الصلع

GMT 11:49 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

توقيف صاحب ملهى ليلي معروف لإهانته رجل أمن

GMT 11:52 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

"زيت الخردل" لشعر صحي ناعم بلا مشاكل
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca