مائة عام من التزوير

الدار البيضاء اليوم  -

مائة عام من التزوير

سمير عطاالله
سمير عطاالله

وضع زميل وباحث عربي دراسة مسهبة بمناسبة مرور مائة عام على إعلان دولة «لبنان الكبير». وتتميز الدراسة بأسانيد ووثائق وتحليلات مأخوذة عن كبار المؤرخين اللبنانيين أنفسهم، أمثال فيليب حتي وألبرت حوراني وكمال الصليبي. والأخير هو صاحب كتاب «التوراة جاءت من الجزيرة العربية»، وخلاصته أن فلسطين والقدس اسمان لا وجود لهما حيث هما، وإنما كانا في الجزيرة ما بين عسير وصور. أي صور العُمانية. وهذا دليل آخر على أن صور اللبنانية مأخوذة في الأصل عن صور عُمان.

كان الدكتور الصليبي مثيراً ومسلياً، رحمه الله، ومن جملة مؤلفاته المتأخرة دراسة قصيرة عن السيد المسيح تقول هي أيضاً إن كل ما عرفناه وقرأناه، ليس ما قرأه وعرفه أستاذ التاريخ في الجامعة الأميركية. وبالوثائق والشرح والحواشي.

دراسة أبو فخر مليئة هي أيضاً بكم هائل من العنعنة. عن الدكتور فلان عن الدكتور عليتان عن الدكتور مزيان وسابق العصر والأوان. وخلاصة البحث المعمق أن لبنان ليس فقط دولة مزيفة؛ بل شعبه أيضاً، بل رمزه التاريخي الأول، الأمير فخر الدين الثاني. ومن التزوير أنه لم يكن هناك فخر الدين الأول. ثم من أين أتيتم لنا بالأمراء في لبنان؟ هؤلاء كانوا عسكراً برتبة «مير». وفخر الدين كذبة اخترعت في معرض البحث عن أسطورة. وزاد في المزاد أن الأخوين رحباني كرماه، وفيروز غنت له عن معركة عنجر، وهو لا عنجر ولا من يعنجرون. كذبة أخرى عن شعب يعمل عند الأتراك في خدمات سيئة فيجزى بلقب من هنا أو لقب من هناك. كلها اختراعات يفندها الأستاذ أبو فخر. كلها رموز تم اختلاقها. مثل فخر الدين مثل بشير الشهابي مثل يوسف بك كرم. تجليط.

وهناك طبعاً مسألة «الأقضية الأربعة» التي نقلت إدارياً من سوريا إلى لبنان بموجب قرار الانتداب الفرنسي. يعني أيها اللبنانيون؛ بماذا تحتفلون؟ بمائة عام من اللاشيء. من أنتم؟ من أنتم؟ مجموعة أقنان موزعين في القرى والجبال على مساحة مزورة سميت لبنان. و«لبنان جبل في سوريا» كما يعرفه علماء أبو فخر. ولا ذكر له في المراجع ولا أثر. هات يا صبي اسحب هذه الخريطة لكي أثبت لك ما أقول.

صدرت هذه الدراسة المرصقة التي لا أدري كم من الوقت والجهد والجد بذل الباحث فيها؛ في وقت غير مناسب كثيراً. بيروت تبكي والعالم يبكي على صدرها، وقادة منظمة التحرير يلتقون فيها، من دون سواها، لإعادة تحرير فلسطين. يصر أبو فخر، بعد عناء شديد في الوثائق، على أن لبنان بلد غير شرعي، قائم على خرافات وخزعبلات ونصابين. لو كنت مكان أبو فخر لأخفيت هذه الحقائق وتركتها لسواي، ضناً بأصول الإقامة والخبز والملح.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مائة عام من التزوير مائة عام من التزوير



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 18:00 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 08:31 2018 الخميس ,20 أيلول / سبتمبر

سعر الدرهم المغربى مقابل اليورو الخميس

GMT 13:15 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روماو يحدد قائمة لاعبي "الجيش" لمواجهة "المغرب الفاسي"

GMT 03:32 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة توضح دور الخوف في عملية انقراض الحيوانات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca