«القمر الأسود» و«نجمة الحظ»

الدار البيضاء اليوم  -

«القمر الأسود» و«نجمة الحظ»

سمير عطاالله
سمير عطاالله

قال لي صديق إن ما تكتبه في مسألة الفلكيين والمنجمين، له جانب آخر تتجاهله عمداً، وهو أن بعض كبار القوم يرون فيه علماً قائماً بذاته. لعل أشهر هؤلاء كان الرئيس الفرنسي الراحل، فرنسوا ميتران. إن رجلاً على مثل ذلك العلم والخبرة ومعرفة البشر بقي ما بين 1989 و1995، يستشير في كل أموره عالمة الفلك إليزابيت تيسييه، التي تروي في مذكراتها أنه كان يتمتع بطاقة فائقة لأنه مولود تحت هالة «القمر الأسود».

بل إن المدام تيسييه عثرت على «روابط كونية غامضة بين مصيره وبين الجمهورية الخامسة». وكان الرئيس يعود إلى عرافته في قضايا كبرى مثل حرب العراق، أو مسائل عائلية أو صحية. ولذلك؛ كان يتصل بها مرتين في اليوم. كما كان يطلب منها أن ترسم له «خرائط فلكية» لشخصيات رؤساء الحكومات والوزراء. وللمرة الأولى في تاريخ فرنسا، حدد موعد الاستفتاء حول الحكومة الأوروبية في شهر سبتمبر (أيلول) 1992 بدلاً عن أكتوبر (تشرين الأول).

وفي رسالته الأخيرة إلى الفرنسيين، يوم الأول من عام 1994، خاطب شعبه قائلاً «إنني أؤمن بقوة الروح ولن أغادركم». لم يكن ميتران أول فرنسي منذ الثورة يؤمن بقوة العرافات. الإمبراطور نابليون كان يبحث في السماء الصافية عن «نجمة الحظ» قبل تحديد موعد معاركه. وزوجته جوزفين كانت تذهب إلى العرافة كل أسبوع. وقبل هزيمته الكبرى في معركة واترلو، جلس الليالي الطويلة يبحث عن «نجمة الحظ» في ضواحي باريس. وما ظهرت.

أشهر الرؤساء في القرن التاسع عشر كانوا يعتقدون «بقوة الروح» ويلجأون إلى العرافات. واستمر الأمر إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية. والأكثر استغراباً كان وجود الجنرال ديغول بين هؤلاء. غير أن الفرنسيين، بصورة عامة، تأثروا مثل زعمائهم باستقراء الطالع ومحاكاة النجوم. ويقال إن 10 ملايين فرنسي يذهبون إلى العرافين مرة في السنة على الأقل. وتبيع المكتبات 6 ملايين نسخة سنوياً من أدب الأفلاك، أي بقدر المؤلفات المتعلقة بالتاريخ.

لكن ليس كل فرنسا غارقة في الغيبيات والخرافات. فقد كانت حركات التنوير أعمّ وأشمل بكثير. وقبل نابليون وبعده، سيطرت موجة من العلوم والفلسفة، وظهرت مشاريع معرفية هائلة مثل الإنسكلوبيديا، في القرن الثامن عشر، التي جرى تقليدها في أنحاء العالم. غير أن العامة – كان ولا يزال – يطيب لها سماع الخرافات، خصوصاً حول بطلها. وفي مدينة «أوكسير» حكي أن امرأة وضعت مولوداً بنتاً. ولم تكن الأم والبنت في صحة جيدة فقط، بل إن المولودة بدلاً من أن تخرج من الرحم باكية، هتفت ثلاث مرات: فليحيا الإمبراطور.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«القمر الأسود» و«نجمة الحظ» «القمر الأسود» و«نجمة الحظ»



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 18:00 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 08:31 2018 الخميس ,20 أيلول / سبتمبر

سعر الدرهم المغربى مقابل اليورو الخميس

GMT 13:15 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روماو يحدد قائمة لاعبي "الجيش" لمواجهة "المغرب الفاسي"

GMT 03:32 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة توضح دور الخوف في عملية انقراض الحيوانات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca