أخر الأخبار

على هامش يوم المرأة العالمي

الدار البيضاء اليوم  -

على هامش يوم المرأة العالمي

ريما كتانة نزال
بقلم : ريما كتانة نزال

كان لخبر قيام شبان بالاعتداء الوحشي على سائحة والتنكيل بمرافقها وقع الصاعقة على المجتمع. ومن منا لم يشعر بالقرف والاشمئزاز من مستوى البذاءة المرتكبة، ومعادلتها بخيانة طهارة القضية. فمجرد ذكر فلسطين تحضر على الفور صور وانطباعات، ستحضر الكوفية والعلم بألوانه الأربعة وانتفاضة الحجارة. وقع الحادث كان له وقع السقوط من علٍ، يُستتبع بما هو أنكى ممثلاً بمحاولات التغطية على الرذيلة المرتكبة من خلال تدخل عشائر في عقد الصفقات على حساب سمعة الشعب وقضيته.. والقوْطبة على القانون وصلاحيات مؤسساته التنفيذية.
موجة من المشاعر القوية تجتاحني، شيء تشعر به لدى ممارسة إحدى الألعاب الخطرة في مدينة الملاهي، خفقان القلب وارتعاد الأطراف ورغبة عارمة للعودة الى اليابسة، خوف يترافق مع انطلاق أصوات لا تتحول إلى أفعال، لا أحد يسمع!
الشعور بالخجل والغضب يتسلل إلى دواخلنا بل أكثر بكثير من الخجل والغضب. بعضه خشية من الاعتراف بحالة الحطام المتفاقمة باطّراد، لا أحد يضغط الأزرار للتوقف عن ما نخشاه من حالة التكيف مع حالة المتاهة التي باتت كأن لا سبيل للخروج منها.. ربما خشية الإقرار بالمخاوف الناتجة عن الاعتقادات الخاطئة بأن التجاهل يخدم الحفاظ على التوازن المجتمعي.
جرس الإنذار لم يفتأ عن القرع بقوة، الحدث الجديد ليس المؤشر الأول على هلهلة وتلف وتراجع القيم الأخلاقية. وهناك عشائر لا تفوت فرصة إلا وانتهزتها لتقويض بنى الدولة ومؤسساتها وإضعافها وتثبيت ذاتها كمرجعية وحيدة بديلاً للقضاء والقانون.
فهي هنا، تتدخل في قضية ليست من شأنها، بما هي قضية ينبغي التعامل معها كجناية يتطلب المحاسبة عليها، وكل همِّها التمسك بتكريس هيمنتها ودورها المُمأسس منذ تأسيس السلطة التي قامت بدعمها وتقويتها كذراع لها. خمسة وعشرون عاماً تنامَت خلالها المصالح، وسكتت القوى الوطنية على تمددهم بل وجاملتهم انطلاقاً من اعتبار العشائر جزءاً من مكونات المجتمع، وهم فعلاً كذلك، ولكن في المساحة المحددة، دون تطاول على القانون والتحوُّل إلى إطار مواز يمتلك حق إشهار «الفيتو» على الدولة والقانون..
 لكن العشائر وبسبب الضعف السياسي العام عبأت الفراغ بل خططت للاستقواء على السلطة بالتحالف مع الإسلام السياسي، وسعى الحلف المشترك إلى فرض رؤيته كبديل للقانون وللبنى الرسمية المؤسساتية المدنية ذات الصلاحيات المُسْندة لها بالقانون الأساسي، وهو ما رأيناه مؤخراً في الهجوم السافر على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، كانون الأول 2019. العشيرة تريد احتكار القرار الاجتماعي تحديداً، ضاربة عرض الحائط بالقانون وبالسلطة.
لقد غَضَّت السلطة النظر عن انقلاب العشائر عليها وعقدهم اجتماعات معلنة عبر وسائل الإعلام، تطالب الانسحاب من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وإسقاطها بعد خمس سنوات على انضمام الدولة لها كفعل من أفعال السيادة إثر حصول فلسطين على عضوية دولة مراقبة.
عُقِدت اجتماعات عشائرية حُقِنَ بها المجتمع ضد مؤسسات المرأة، وطالت الاجتماعات مالكي المقرات بإلغاء عقود إيجار المؤسسات النسوية وإغلاقها، وهددت الإعلام بعدم نشر مواقف الحركة النسائية، بينما وقفت السلطة موقفاً حيادياً من العبث بالأمن الداخلي والإطاحة بهيبتها وإرادتها في الانضمام للمجتمع الدولي ومواثيقه الحقوقية.
العشائر المتحالفة مع حزب التحرير هدفت لترهيب السلطة بينما وقفت الحركة النسائية موقفاً شجاعاً متمسكة بحق النساء في المساواة في القانون وأمام القانون، رغم الانتكاسة والخذلان اللذين مُنِيَت بهما. لقد تحدت العشائر السلطة وأظهرت قوتها من خلال مواصلتها عقد الاجتماعات وتصدير التوصيات المتعلقة بالتنصل من الاتفاقية الموقعة وإعلان البراءة منها، وظهرت السلطة متناقضة وعاجزة عن مواجهة الموقف. 
القيم العشائرية تتصادم مع حق المواطنة والعدالة والمساواة، وتتناقض مع وحدة سلامة المجتمع بسبب انحيازها لذاتها وفكرها الماضوي. تضع المجتمع أمام خيارات فردية بما فيها خيار الفلتان الأمني وأخذه القانون باليد، وتضع الدولة في مأزق اجتماعي وحرج دولي.
الدولة باتت بحاجة إلى إعادة النظر بأدائها وتخليها عن واجباتها وخاصة في حال تطبيق صفقة القرن والفصل المتوقع بين المحافظات، بما يضعف الدولة المركزية موضوعيّاً، حينها من سيكون المهيّأ كي يملأ الفراغ؟!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على هامش يوم المرأة العالمي على هامش يوم المرأة العالمي



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 04:54 2015 الثلاثاء ,25 آب / أغسطس

الفنان أحمد مالك مع تامر حسنى فى " أهواك "

GMT 04:56 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عطيل عويج يُبيّن سبب تعاقده مع فريق الفتح المغربي

GMT 06:03 2017 الثلاثاء ,14 آذار/ مارس

عجوز صيني يرتدي ملابس نسائية لإسعاد والدته

GMT 14:00 2016 الخميس ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الإنكليزي ستيفن جيرارد يعلن اعتزاله كرة القدم

GMT 06:42 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

بريطانية تكشف أهمّ ملامح رحلتها إلى الأقصر وأسوان

GMT 05:50 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

هبوط اقتصادي بعد مضي سبع سنوات على ثورة الياسمين

GMT 07:32 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

شكوك حول الوفاة تُعيد فتح ملف مغربي في إيطاليا

GMT 14:29 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

اللون "البرغندي" يظهر جمال عينيك في ليلة رأس العام

GMT 11:40 2017 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على 2 مليار دولار كدفعة قرض من صندوق النقد الدولي

GMT 21:24 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تدريب خفيف للنجم فهد العنزي بعد تعافيه من الإصابة

GMT 07:19 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

3 خطوات جديدة للقضاء على حب الشباب في منطقة الصدر

GMT 23:11 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

السجن المحلي في وجدة ينظم نشاطًا رياضيًا لفائدة السجناء

GMT 20:28 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

المارد الأحمر يواصل انتصاراته ويفوز على المصري بثنائية

GMT 07:39 2015 الأحد ,17 أيار / مايو

مذكـرة الأحـزاب الأربـعـة

GMT 08:55 2017 الإثنين ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الطقس و الحالة الجوية في آيت أورير
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca