إسرائيل: الانتخابات والحرب على قطاع غزة!

الدار البيضاء اليوم  -

إسرائيل الانتخابات والحرب على قطاع غزة

هاني حبيب
بقلم : هاني حبيب

أظهرت استطلاعات الرأي الإسرائيلية الأخيرة، والتي نُشرت توقعاتها يوم الاثنين الماضي، أن الجمود السياسي بعد الانتخابات التشريعية الثالثة، والتي ستعقد في الثاني من آذار القادم، سيظل مسيطراً على الحالة الإسرائيلية، ما يمهد الطريق أمام انتخابات رابعة بعدما تبين بنتيجة هذه الاستطلاعات أنه من غير المتوقع أن يحصل كل من الحزبين، «الليكود»، و»أزرق ـ أبيض»، كما أن التكتلين بقيادتهما لن يحصلا على الأصوات الكافية لتشكيل الحكومة القادمة.

نتائج الاستطلاعات المشار اليها، هي ذاتها تقريباً، نتائج استطلاعات تم نشرها قبيل الانتخابات الأولى والثانية، مع تغيير غير ذي معنى في عدد مقاعد محدودة، والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق، أن الحلبة السياسية، والحملات الإعلامية الانتخابية التي قادتها مختلف القوى والأحزاب والتكتلات والتحالفات القديمة والجديدة، وهدايا ترامب المتتالية، كلها لم تغير من واقع الحالة السياسية الإسرائيلية، ولم تخرج هذه الحالة من وضع الاستعصاء المتأزم والذي يلقي بظلاله القاتمة على أزمة عميقة، عادةً ما تكون الانتخابات حلاً لها، الا أنها باتت ـ الانتخابات ـ هي ذاتها المشكلة المستعصية.

ورغم تشعب هذه الأزمة وتعدد ميادينها وتعاقب الحلول من خلال انتخابات متتالية، يبقى عنوانها الأساسي، هو نتنياهو نفسه، كانعكاس حقيقي لطبيعة الديمقراطية الإسرائيلية حيث المصلحة الشخصية، وبشكل صفيق ومعلن، هو أداتها، بينما هو في الوقت نفسه أداة الحل لها، لو أنه كان أكثر حرصاً على مغادرة موقعه والاكتفاء بفرصه التي لم تتح لأي رئيس حكومة إسرائيلية سابقة.
نتنياهو، هو بذاته من وضع أجندات الحملات الانتخابية السابقة والحالية، وقاد حملة على أساس أن هو من يضع الأسس التي تقود حملات الغير، فالانتخابات الأولى أخذت عنواناً أساسياً تتعلق بالتهم الموجهة اليه بالفساد، والتي في سياقها تم شن حملة شعواء على القضاء والإعلام في إسرائيل، معتبراً أن الأمر لا يخلو من مؤامرة لإزاحته عن الطريق، كافة مناكفات وتفاعلات الحملات الإعلامية الانتخابية في ذلك الوقت اتخذت من هذه القضية عنواناً اساسياً لها، وظلت العناوين الأخرى، أكثر هامشية.

ومع برود هذا العنوان بعد توجيه لوائح اتهام ضد نتنياهو، ومحاولة الحصول على حصانة من هذه المحاكمات، أخرج إلى أولويات الحملات الانتخابية مسألةَ ضم الضفة الغربية و»استعادة» السيادة عليها، حتى قبل أن يطرح شريكه الأميركي ترامب صفقة القرن، وكانت هذه المسألة التي أحاطها نتنياهو بشتى الوعود هي العنوان الأبرز في الحملة الانتخابية في الانتخابات التشريعية الثانية، وتوارى إلى الخلف ملفُ المحاكمات، بينما ظلت مسألة الحصانة أحد أهم العناوين التي كلفت المحفل السياسي في إسرائيل الفشلَ في تشكيل الحكومة، لأن نتنياهو أراد من خلال إصراره على رئاسة أي حكومة، تأكيد التوصل الى تمتع منصبه هذا بالحصانة من المحاكمات.

بعد فشل نتنياهو في الحصول على الحصانة بعد الانتخابات الثانية، بل وتراجعه عن طلبه للحصانة بعد تأكده من عدم وجود اي فرصة لذلك، اتجه نتنياهو لصياغة عنوان الحملة الحالية للانتخابات التشريعية القادمة بعد اقل من أسبوعين، والذي اتخذ من الحرب على غزة ميداناً لها، وهذا ما يفسر تركيز نتنياهو ووزير حربه بينيت، وحتى «أزرق ـ أبيض»، على أن تظل «غزة» هي عنوان الحملات الانتخابية منن خلال أقوال وتصريحات وإعلانات تشير الى أن هذه الحرب على غزة هي ميدان المباراة بين مختلف القوى الكبيرة المتنازعة والمتنافسة على الناخب الإسرائيلي، وذلك في سياق رسالة غامضة عن إيحاءات بالحرب حيناً، وإيحاءات بالتوصل الى تفاهمات وتهدئة حيناً آخر، تهديد بحرب غير مسبوقة على قطاع غزة حيناً، والحذر من الانسياق الى هذه الحرب أحياناً أخرى، وفي هذا السياق، لا ينبغي النظر إلى هذه التصريحات الخادعة، فقط باعتبارها مسألة انتخابية، ذلك أنها تنطوي على خداع كبير للمتلقي الفلسطيني، فأجواء الحرب من غير حرب هي حرب بحد ذاتها، لكن ذلك لا يجب أن يدفعنا الى الاطمئنان من أن حرباً حقيقية قد تقع بالنظر الى حسابات خاطئة تقدم عليها حكومة نتنياهو التي باتت في سياق معادلة انتخابات تجر الى انتخابات لاحقة، وحرب جديدة، هي توطئة لحرب لاحقة بالتأكيد!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسرائيل الانتخابات والحرب على قطاع غزة إسرائيل الانتخابات والحرب على قطاع غزة



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca