هل تؤدي صفقة ترامب ـــ نتنياهو إلى "الدولة الواحدة"؟

الدار البيضاء اليوم  -

هل تؤدي صفقة ترامب ـــ نتنياهو إلى الدولة الواحدة

هاني حبيب
بقلم : هاني حبيب

لم تكن دولة الاحتلال الإسرائيلي لتنتظر صفقة ترامب ـ نتنياهو لإطلاق عملية استيطانية واسعة تحت إطار ضم الضفة الغربية أو أجزاء واسعة منها في سياق «استعادة» السيادة الإسرائيلية عليها، العملية الاستيطانية استمرت وتوسعت طوال العقود الماضية، وفرضت سياسة الأمر الواقع الإسرائيلية على هذه العملية صيرورة شبه يومية دون أي رادع، واستخدمت سلطات الاحتلال كل طاقتها الاستيعابية لتوسيع هذه العملية يوما بيوم، قبل ومن دون صفقة ترامب ـ نتنياهو، إلا أن هذه الصفقة منحت هذه العملية التغطية الأميركية المطلوبة، وحتى هذه التغطية قد تم الحصول عليها، قبل الإعلان الرسمي عن هذه الصفقة، وذلك عندما اعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في منتصف تشرين الثاني الماضي أن بلاده لم تعد تعترف بالرأي القانوني القائل إن بناء إسرائيل «مستوطنات مدنية» في الضفة الغربية يتعارض مع القانون الدولي. في أول تراجع أميركي منذ أكثر من أربعة عقود، عندما كان الموقف الرسمي الأميركي يعتبر المستوطنات غير شرعية، غير قانونية وعقبة أمام العملية السلمية.
العملية الاستيطانية، من ضم و»سيادة» إسرائيلية، ليست مجرد أداة من أدوات الحملات الانتخابية بقدر ما هي جوهر الوجود الاحتلالي الإسرائيلي، إذا ما عرفنا أن هذه العملية الاستيطانية «اليهودية» سبقت الإعلان عن قيام الدولة الاسرائيلية في منتصف أيار 1948، ففي العام 1910 أقيم أول كيبوتس «قرية تعاونية» يهودي في فلسطين باسم «كيبوتس دجانيا» كشكل أولي لما اصبح فيما بعد استيطاناً في منطقة 1948 بعد قيام إسرائيل، وفيما بعد في المناطق المحتلة خاصة في الضفة الغربية، والقصد أن العملية الاستيطانية ما كانت تنتظر الصفقة بقدر ما كانت بحاجة إلى التغطية الأميركية للأمر الواقع المحدد تحت الاحتلال!
ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة وإعلان السيادة عليها من قبل الاحتلال الإسرائيلي يتخذ في سياق صفقة ترامب ـ نتنياهو، أبعاداً قانونية لم تكن تتوفر إزاء ما فرضه الاحتلال من خلال الاستيطان، وبحيث تنتقل مسؤولية إدارة هذه المستوطنات من الإدارة المدنية إلى القوانين السارية المفعول في إسرائيل، وهذه إضافة ذات طابع قانوني ـ فني، يحول «الضم» إلى «سيادة» وهذا هو الجديد الذي يمكن ملاحظته على تطور العملية الاستيطانية التي ستجري وفقا للصفقة وحتى ما قبل الإعلان عنها من خلال إعلان وزير الخارجية الأميركي بومبيو المشار إليه آنفاً!
وفي تقديرنا، أن هذه العملية، هي الوحيدة القابلة للتنفيذ في سياق الصفقة، أما الأجزاء الأخرى من الصفقة، فإنها غير قابلة للتحقق على الأرض، لسبب واضح ومحدد إلى أبعد الحدود، والذي يتلخص برفض فلسطيني رسمي وشعبي لهذه الصفقة كليا ومطلقا، وبرفض دولي وعربي من الناحية العملية لهذه الصفقة، وقد يحتج البعض على هذا الحديث بالقول، إن دولا عربية أيدت هذه الخطة، ونقول بهذا الصدد، إن هذا جاء تخوفاً من قيادات بعض الأنظمة على استقرار حكمها وتحت الضغوط الأميركية ـ الاسرائيلية، إلا أنها في واقع الأمر لا تملك الأدوات اللازمة والكافية لتفعيل التأييد إلى الأفعال، صحيح أن هذه الأنظمة قد تلجأ إلى عدة ضغوط مالية وسياسية على القيادة الفلسطينية، إلا أن ذلك لا يوفر حتى في هذه الحال إمكانية حقيقية بالنظر إلى الموقف الفلسطيني الرسمي والشعبي من الصفقة.
ويمكن ملاحظة أن هناك أوساطاً إسرائيلية، من محللين وخبراء، وجنرالات ووزراء حرب إسرائيليين سابقين، تشير في اكثر من موضع ومناسبة، إلى الحذر والتخوف من بعض عناصر الصفقة، حتى أن البعض منهم أشار إلى استحالة تنفيذها باستثناء العملية الاستيطانية و»استعادة» السيادة على أجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة، وبينما يعود مبرر هذا الموقف إلى قناعة هذه الأوساط بأن الفلسطينيين، هم أهم أدوات إفشال الصفقة، إلا أن هناك ما هو اكثر من ذلك على النطاق الإسرائيلي، ولعل أوضح موقف في هذا السياق، ما تضمنته دراسة أعدها معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب، قبل أيام قليلة والتي أشارت إلى عقبات وصعوبات لن تسمح بتنفيذ الصفقة، خاصة في الجانب الأمني وان هذه الصفقة ستؤدي في نهاية الأمر إلى «الدولة الواحدة»، وعلى سبيل المثال تشير الدراسة إلى أن حدود الدولة الفلسطينية المقترحة تصل إلى مرة ونصف من طول حدود إسرائيل الحالية، وهل يمكن الدفاع في ظل الواقع الأمني عن هذه الحدود؟!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تؤدي صفقة ترامب ـــ نتنياهو إلى الدولة الواحدة هل تؤدي صفقة ترامب ـــ نتنياهو إلى الدولة الواحدة



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 11:50 2021 الثلاثاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 08:12 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

أويلرز يفوز على مونتريال في دوري هوكي الجليد

GMT 05:03 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

شخص ملثم أضرم النار داخل مسجد فجر الاربعاء

GMT 17:08 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"المغرب اليوم" يكشف عن أجر "جون سينا" في" التجربة المكسيكية"

GMT 06:44 2018 الأربعاء ,26 أيلول / سبتمبر

"كالابريا" أحد كنوز إيطاليا الخفية عن أعين السائحين

GMT 01:14 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

مرتجي يؤكد استعداد الأهلي إلى "حدث تاريخي"

GMT 06:21 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

أحلام تهتف باسم الملك وتُغني للراية الحمراء

GMT 20:38 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

"شعبي نايت لايف" حفلة ضخمة للطرب في عيد الفطر
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca