الفوز بالبيت الأبيض بيد «كورونا» وخطة السلام

الدار البيضاء اليوم  -

الفوز بالبيت الأبيض بيد «كورونا» وخطة السلام

آمال موسى
آمال موسى

لا شك في أن الانتخابات الأميركية الرئاسية تحظى دائما بأهمية خاصة، وذلك لعدة اعتبارات؛ أوّلها أنها انتخابات أقوى دولة في العالم ومحدّدة لسياسات العالم ومؤثرة فيه بشكل قوي وأساسي، وثانيها أن هذه السياسات تخضع أيضا للملامح السياسية للفائز والذي سيحكم البيت الأبيض.

بالنسبة إلى الانتخابات التي ستجرى الثلاثاء القادم، يمكن الملاحظة أنّها أكثر الانتخابات وضوحا من ناحية قضايا التنافس بين المرشحين دونالد ترمب ومنافسه بايدن، فالعنوانان البارزان هما: من الأقدر على إيقاف المارد فيروس «كورونا» الذي فتك بحياة مائتين وعشرين ألف أميركي - نحو خمس العدد الإجمالي للوفيّات على مستوى العالم؟ وهو عنوان واضح وصريح ومعلن ومجال تنافس قوي لما يعنيه للمواطن الأميركي من مسألة حياة وموت.

أما العنوان غير الظاهر والمسكوت عنه، فيتعلق بمستقبل خطة السلام التي انطلق فيها الرئيس ترمب وحقق فيها إلى حد الآن خطوات نوعية لصالح إسرائيل. وهو حسب اعتقادنا العنوان المحدد لمن سيفوز ولمن سيلقى الدعم أكثر من اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة الذي جعل دائما من الانتخابات الأميركية مجال استثمار لصالح إسرائيل. وهناك اتفاق واعتراف عام بأن دعم إسرائيل لمترشح ما عامل محدد إلى حد بعيد في عملية الفوز من عدمها.
طبعا لا يفوتنا أن المناظرات التلفزيونية للمترشحين لم تولِ أي أهمية لقضية الشرق الأوسط، ولكن ذلك لا يعني البتة أنّها من دون قيمة وأن مواقف المترشح للرئاسة الأميركية من قضايا الصراع في الشرق الأوسط ليست عاملا حاسما، بل إنّ العكس هو الصحيح ومسار تاريخ الرؤساء يثبت ذلك، ولكن أثر ملف الشرق الأوسط يتراوح بين الإظهار والتخفي، خاصة أن المواطن الأميركي في اللحظة الراهنة منشغل أكثر من أي وقت مضى بمشاكله الداخلية.

لنبدأ بالمعنى الأول بالانتخابات وهو المواطن الأميركي: في هذه الانتخابات تحديدا أصبح الأمن القومي يكاد ينحصر في مواجهة «كورونا» وتخليص الشعب الأميركي منه. وفي هذه القضية نجد أن قدرة ترمب على الإقناع ضعيفة، حيث تعهد أنه إذا فاز فإنه يلتزم القضاء على الفيروس، والحال أنه متهم باستفحال الفيروس لأنه لم يتعامل معه في البداية بالحرص اللازم ورأينا انتقادات لاذعة وجهها صحافيون لسياسته في مواجهة الوباء ومحدودية تلك السياسة وفشلها.

في مقابل خطاب ترمب حول التعهد بالقضاء على «كورونا» نجد أن منافسه بايدن قد قام بمزايدة عالية السقف، إذ تعهد توفير لقاح ضد الفيروس مجانا لجميع الأميركيين في حال فوزه. وفي هذه المزايدة نلاحظ استمالة كبيرة ومغرية تلعب على العلم والاقتصاد في آن واحد، أي أنه يعد بإيجاد لقاح مع ما يعنيه ذلك من إعادة ترميم لصورة أميركا الدولة القوية التي لا تقهر ولكن الفيروس قهرها وجعلها ضحية أكثر من البلدان الضعيفة الفقيرة، ومن ناحية ثانية يدغدغ مشاعر الأميركيين بمجانية اللقاح للجميع مع ما يرمز إليه مثل هذا الوعد من أبوة اشتراكية لا عهد للدولة الرأسمالية بها.
الفارق بين المنافسين أن ترمب أداؤه في مواجهة الفيروس لا يخدمه ولا يضمن المصداقية لتعهداته، في حين أن بايدن لجأ إلى خطاب إنشائي تصديقه يتوقف على الشعب الأميركي ذاته وما فعله فيه «كورونا». ذلك أن الحديث عن مجانية اللقاح للجميع والحال أن الدول تتنافس وتلهث من أجل الحصول عليه والهيمنة على سوق الأدوية وتحقيق أعلى ربح ممكن... مثل هذا الحديث يبدو متعاليا على الواقع.

الموضوع الثاني للتنافس بين المرشحين تحدده إسرائيل من خلال روابطها باللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة؛ فما حصدته إسرائيل من خلال خطة السلام الأميركية بقيادة ترمب، لم تحققه مع أي رئيس أميركي سابق. ولو ندقق الملاحظة ومتابعة نشاط ترمب سنجد في الأسابيع الأخيرة أن إيقاع الخطة كان سريعا، وذلك في حد ذاته يدخل في المعركة الانتخابية وفيما يمكن أن يقدمه ترمب لإسرائيل كي تدعمه.

أيضا ترمب كان من الذكاء في التعامل مع خطة السلام بشكل أنه مارس السلام خطوة خطوة وقطرة قطرة ولم يمارس الضغط على الدول العربية المعنية بالخطة دفعة واحدة لأنه لا يريد أن يعطي إسرائيل كل القطرات في ولاية رئاسية واحدة. فالخطة بدأت في المدة الرئاسية الأولى وسينهيها في الولاية الثانية في حال فوزه في الانتخابات. وهنا إسرائيل مطلوب منها مكافأة ترمب بالوقوف إلى جانبه في حملته الانتخابية وأيضا ضمان بقائه كي تواصل ما شرعت فيه من اتفاقيات سلام وتعاون. في هذه المسألة تحديدا فإن حظوظ ترمب أقوى من بايدن، ذلك أن الأخير لديه ضغط من الجناح الراديكالي المعادي لإسرائيل ممّا يعني أن خطة السلام قد تعرف تهديدات بالتجميد أو التراجع، وهي مغامرة قد تنسف ما حصدته إسرائيل مع ترمب. طبعا لا يعني هذا أن بايدن معادٍ للمصالح الإسرائيلية، ولكن المشكل أن تعاطيه مع أحلام إسرائيل لن يكون سهلا كما هو الحال مع ترمب.

طبعا إضافة إلى هذين العاملين المحددين، وهما ضغط «كورونا» والموقف من خطة السلام، من الضروري الإشارة إلى عامل آخر مهم، وهو العامل العرقي الذي ينفجر من حين إلى آخر ويظهر بشكل واضح ومكشوف أن الولايات المتحدة مهددة بالقنبلة العرقية في المدى القريب. وفي اللحظة الراهنة يمكن القول بناء على أحداث هذا العام إن ترمب ربما يخسر أصوات السود.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفوز بالبيت الأبيض بيد «كورونا» وخطة السلام الفوز بالبيت الأبيض بيد «كورونا» وخطة السلام



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca