خواطر كورونية (4)

الدار البيضاء اليوم  -

خواطر كورونية 4

تركي الفيصل
بقلم : تركي الفيصل

غزانا غازٍ من داخلنا، ذرة لا ترى بالعين المجردة، صماء، بكماء، عمياء، قبيحة المنظر، ثقيلة الطينة والدم، سمجة الفعل، تنتشر كالنار في الهشيم، تفتك بالأرواح، ومع كل ذلك فهي جماد بلا روح. نغَّصت علينا حياتنا، حبستنا في بيوتنا لأشهر عدة، وإذا تلاقينا فلا بدَّ أن نتلاقى مقنعين لا نتجرأ أن نسلّمَ على بعض إلا من بعيد. إنَّها الجائحة التي أجبرتنا أن نتواضع في مفهومنا لقوتنا وإمكاناتنا. أبطلت مصادر الرزق، وأوقفت وسائل المواصلات التي منها ما يحلق في السماء، والأخرى التي تشق الطرقات على الأرض.
وجعلتنا نتسمَّر أمام أجهزة التلفاز، بخاصة عند موعد المؤتمر الصحافي للناطق باسم وزارة الصحة؛ لكي نسمع ما لديه علّه يبشرنا بقرب الخلاص منها، ولكن من دون جدوى.
تكاثرت علينا الادعاءات المتناقضة من حيث الآمال بكف شرها، فمنهم من قال إن سخونة الجو ستمحوها، ونشاهد عكس ذلك بزيادة حرارة الجو في فصل الصيف، وهي لا تزل في أوج نشاطها، وآخر من قال إنه لا داعي للبس القناع إذا لم تكن مصاباً بها، ونجد الآن إصرار الجهات المسؤولة على ضرورة لبس القناع، بل وفرض غرامات على من لا يلبسه، وهناك من ادّعى بفاعلية عقاقير معينة لمكافحتها ويقبل ذلك أطباء، بل وجهات حكومية لدول متقدمة علمياً وبحثياً، ثم يعود هؤلاء إلى نفي نجاعة تلك العقاقير، وهكذا هلمّ جرّا من التناقضات، وبعد هذا العناء والانكفاء على أنفسنا أقر المسؤولون بأنَّنا يجب أن نستمر في حياتنا مع القبول بوجودها معنا، ولكن باحترازات ضرورية، أهمها لبس القناع والتباعد عند اللقاء، وغسل اليدين والتوجه لأقرب مستشفى عند الإحساس بعارض من أعراضها، مثل ارتفاع درجة الحرارة والسعال وضيق التنفس وفقدان حاسة تذوق الطعام، وبحمد الله فإنَّ قيادتنا لم تخفِ شيئاً عنا، بل كانت سبّاقة لتنبيهنا بما حل بنا، وبكل شفافية، في الإحصائيات التي كانت وزارة الصحة تعلنها يومياً، وأشهد اللَّه أنَّ وزير الصحة والعاملين معه، كما وبقية الوزراء الذين حلّ بهم التعامل مع هذه الجائحة، كلهم والعاملين معهم أدّوا واجباتهم بكل إخلاص وتفانٍ، فجزاهم الله عنا كل خير.
وأخيراً، وليس آخراً، فيا بني البشر، هل ما زلتم تظنون أنَّكم القهارون الكاملون الجبارون الذين استعبدتم مخلوقات الله ليطيعوكم؟

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خواطر كورونية 4 خواطر كورونية 4



GMT 19:04 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

الكتابات القديمة في المملكة العربية السعودية

GMT 18:58 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

كيف غيّر «كوفيد» ثقافة العمل؟

GMT 18:52 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

ليس بينها وبين النار إلاّ (ذراع)

GMT 18:21 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

لا تقودوا البوسطة مرّةً أخرى

جورجينا تثير اهتمام الجمهور بعد موافقتها على الزواج وتخطف الأنظار بأجمل إطلالاتها

الرياض - الدار البيضاء اليوم

GMT 18:19 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 18:00 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 12:52 2013 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

هل الدكتور دكتور والمهندس بالفعل مهندس؟

GMT 00:29 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

مشاحنات في جنازة سعيد بونعيلات بين عائلته ورفاقه

GMT 20:49 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 05:23 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات فساتين للمحجبات من أسبوع الموضة في نيويورك

GMT 22:09 2015 الثلاثاء ,17 شباط / فبراير

افتتاح فرع جديد من "المطعم البلدي" في مراكش

GMT 02:51 2015 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

شاب هندي يعاني من مرض الشيخوخة المبكرة

GMT 23:51 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

تفاصيل "اجتماع الأزمة" بين أبرشان ولاعبي اتحاد طنجة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
RUE MOHAMED SMIHA,
ETG 6 APPT 602,
ANG DE TOURS,
CASABLANCA,
MOROCCO.
casablanca, Casablanca, Casablanca