لذة سريعة

الدار البيضاء اليوم  -

لذة سريعة

بقلم- المهدي الحداد

كالعلكة كانت لذة الوداديين بشهد التتويج بعصبة الأبطال الأفريقية، ليمضي الاستمتاع بها سريعا قبل أن تتحول إلى مذاق صمغ واجترار للمرارة.
نشوة وأفراح وتلذذ لأيام معدودات فقط، تلاها سخط ومشاكل وانقسامات، وكأن الفريق نزل للدرجة الثانية أو تهاوى مجروحا إلى الدرك الأسفل من الاندحار.
شيء غريب جدا أن يشنق بطل أفريقيا نفسه بعد أسابيع قليلة على مرور عُرسه، وشيء مثير للتعجب كيف لفريق كامل من أطقم تقنية وطبية ولاعبين عانقوا المجد وصعدوا لأعلى القمم، أن ينزلقوا فجأة إلى سفح التفكك والصراعات، كأنهم لم يربحوا شيئا ولم يتركوا بصمات وإنجازات تاريخية تُذكر.
الخلل غامض والاستفهام عريض، والفرضية تقول إن ما يقع بالوداد حاليا هو نتيجة أمرين أحدهما صحيح والآخر خاطئ، الأول يتعلق بتتويج عرضي وعصامي تحقق بلاعبين عاديين ومدرب مكافح وجمهور عظيم لعب دورا كبيرا في فيلم البطولة، والثاني يبرئ الأبطال ويرمي باللوم على إدارة الفريق بتسييرها الضعيف والهش ومساهمتها في المشاكل بصب الزيت على النار.
فلا يمكن لعقل المنطق أن يصدق أن سببا آخرا غير هذين الاحتمالين هو من أوصل الوداد إلى هذا الشرخ والانقسام، وإلا فكان سيظهر قبل شهور وسيؤدي إلى نتائج غير تلك التي تم تحقيقها في الشهور الماضية.
وإذا وضعنا الفرضية الأولى في قفص الاتهام فإن الواقع يشير إلى أن الفرسان الحمر فازوا حقا بعصبة الأبطال الأفريقية بقتالية وكفاح وانضباط تكتيكي، وبفيلق متوسط المستوى مع بعض الاستثناءات في خط الهجوم، أي أن الوداد توج ملكا للقارة ليس لأنه الأفضل تقنيا وإنما لكونه الأجود تنظيميا والأكثر عزيمة.
هذه الأمور وهذا التتويج لم يكن ليتحقق لولا المدرب عموتة الذي يُحسب له بدرجة أولى الإنجاز، فهو من عوّض محدودية هؤلاء اللاعبين بزرع الرغبة والحماس والقتالية، وهو من ناقش أصعب المباريات والمواقع بفكر دفاعي بحثا عن الأمان، وهو من غير عقلية الاستسلام والتشاؤم لدى رفاق نوصير الذين كانوا سيغادرون البطولة من الدور الأول أمام مونانا الغابوني.
كاريزما ابن زمور أعطت الفريق شخصية، ومنحته لقبا أفريقيا غاليا تماما كما فعل مع لاعبين عاديين مع الفتح الرباطي ليصنع منه أبطالا عام 2010، والبصمة التكتيكية النموذجية لن ينكرها جاحد وناكر للجميل بعد زوال اللذة وحلول الشدة.
أبرئ عموتة من ضلوعه في سقوط الوداد هذا والذي كان ضحيته الأولى، لكنني أعاتبه على تمسكه بمنصب المدرب بعد كل الذي عاشه من توثر نقابي مع بعض لاعبيه وأفراد طاقمه وحتى المسيرين، وإصراره الاحترافي على الوفاء ببنوذ العقد والاستمرار في المغامرة الحارقة، رغم طلبه الخفيف للرحيل قبل أسابيع، في وقت كان الأحرى فيه أن يغادر القلعة الحمراء بطلا وبرأس مرفوع ومن الباب الرئيس، باستقالة فور تتويج الفريق بعصبة الأبطال أو من أبوظبي حيث أفاضت نقطة مونديال الأندية كأس المشاكل.
وفي حال كانت المسؤولية لا يتحملها اللاعبون والمدرب وأطقمه والذين خانتهم الظرفية المشحونة والبرمجة المضغوطة والأسباب القاهرة في تذبذب النتائج وسوء المردود، فإن الرئيس ومكتبه هم من يتحملون الوضع الحالي ومعه المستقبلي للفريق.
ويبدو أن الرئيس سعيد النصيري يحب المثل المغربي "جا يْطبو عماه"، بقيامه بإقالة متسرعة لعموتا وجميع معاونيه، وفسخ عقود بعض الثوابت منهم من لعب لأزيد من سبعة مواسم متتالية، مما سيعيد الوداد إلى الوراء وسيضعف من مناعته وسيجعله يبحث عن البوصلة في طريق التيه.
ريال مدريد بعظمته وتاريخه يعيش نفس الوضع ورغم ذلك لم يحرك مسؤولوه ساكنا، فالعيب في تدبير التغيير وليس القيام به، والحافلة الودادية كانت تحتاج فقط لوقفة قصيرة للاستراحة وإنزال بعض ركابها وإلحاق آخرين، وليس طرد سائقها ومعاونيه وبعض أوفيائها من المسافرين وهي في عز السير.​

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لذة سريعة لذة سريعة



GMT 01:14 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

جيرار على طريقة لويبيتيغي

GMT 09:47 2018 الأحد ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ترشيح بموشحات أندلسية

GMT 12:56 2018 السبت ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عبد السلام حناط رجاوي عريق في قلب كوكبي أصيل!

GMT 11:09 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

البنزرتي مرة أخرى

GMT 13:09 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الوداد..أزمة نتائج أم أزمة تسيير ؟

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني

GMT 00:42 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

تعرف على أبرز صفات "أهل النار"

GMT 15:58 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

"القرفة" لشعر صحي بلا مشاكل ولعلاج الصلع

GMT 11:49 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

توقيف صاحب ملهى ليلي معروف لإهانته رجل أمن

GMT 11:52 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

"زيت الخردل" لشعر صحي ناعم بلا مشاكل
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca