إلى جنة الخلد أيها الفقيد الفقيه

الدار البيضاء اليوم  -

إلى جنة الخلد أيها الفقيد الفقيه

بقلم - محمد التويجر

شمس فاس أطلت ، هذا الصباح ، واجمة على غير عادتها مفجوعة أخي الهزاز .... والنسائم التي تهب عليها من جهة إفران ، جاءت محملة هذه المرة بصدى أنين أمك الحاجة فاطمة التي ما فتئت تتردد عليها بانتظام للاطمئنان على صحتها وسلاماتها والتزامها بتناول أدويتها .
لم تكن المسكينة تتخيل أن يد المنون التي راوغتها بنجاح مرتين ، وفي عز عمليتين جراحيتين بالديار الفرنسية، ستتسلل إلى غرفة نومك ، مجبرة إياك على الرحيل ، ساعة واحدة قبل الفجر ...فيما كنت تنتظر تلبية دعوة صوت مؤذن المسجد المجاور لمسكنك "حي على الصلاة ، حي على الفلاح " استعدادا للصلاة .... 
لم تكن تدر أن نداء المؤذن سيبقى بلا جواب ... لا رد لقضاء الله ، وضوءك صار غسلا ، والمسجد تحول إلى وجهة كل معارفك الذين لبوا النداء بمجرد شيوع خبر النعي عبر الإذاعة والمواقع الإلكترونية ، لإلقاء النظرة الأخيرة عليك ، وإهدائك دعواتهم في صلاة استثنائية أنت محورها وهدفها أيضا
لا أخفيك أن هواتف الصباح صارت مصدر شؤم عندي ، لأنها لا تحمل في الغالب إلا نعي عزيز أو رحيل حبيب
هل غادرت حقا بلا رجعة ؟ أكنت لتقوى على الابتعاد ولو لحظة على أميرتك المدللة " غيثة "؟ ....غيثة التي كشفت لي في بوح الجلسات أنك لا تقدر على فراقها ، وتأمل ألا تهجر عش الأسرة ، إسوة بإخوتها أمين وفاطمة الزهراء وياسمين وسارة .
رغم أن قربي منك لم يعمر طويلا ، إلا أنني نجحت في اكتشاف مكنونات شخصيتك الطفولية المنغمسة والمختبئة بين ثنايا سنواتك 72 ....بسمات مميزة عناوينها : المرح ، والإقبال على الحياة ، وشموخ الهمة ، والنخوة .
كنت تسارع الزمن ليرى مشروعنا المشترك / سيرتك الذاتية النور، في زمن قياسي ، وكذلك كان ....لأنك كنت تستشعر قرب وقت الرحيل . سيرة أردناها معا مؤرخة لواحدة من أزهى وأبرز تجليات نجاحك بمعية زملائك ، في إهداء عشاق المستديرة فرحة ظلت حتى اليوم فريدة ....اللقب القاري لعام 1976
مجالستك لتدوين بوحك كانت ممتعة...فرصتي للوقوف على مكابدة جيلك الذي جابه المجهول حين تنقله اتجاه بلدان جنوب الصحراء ، وملامسة شبح الموت في حادث طائرة إثيوبيا الشهير .
سيرتك نقلتني إلى محطات بارزة عديدة ، وأكيد أن من سيعفه الحظ في نيل نسخته من سيرة "فقيه في عرين الأسود" سيرسم صورة رائعة لرجل استثنائي
إلى جنة الخلد أخي الهزاز، ورزق الله أهلك ومحبيك صبر تحمل فراقك ، وأبقى طيفك وصدى صوتك خالدين بين أركان بيتك ، يؤنسان وحدة قمرك وثرياتك الخمسة ( زوجتك سعيدة وأبناؤك ) كما اتفقنا على وصفهم في السيرة .
شكرا لأنك منحتني فرصة تجريب فن كتابة السيرة....شكرا أيضا على اللحظات الجميلة التي تقاسمناها طيلة الأشهر العشرة التي تطلبها مشروعنا المشترك ، وتغمدك الله برحمته الواسعة ، والأكيد أن انتقالك إلى دار الخلود سيمكنك من تجديد الصلة بأهل سبقوك إلى هناك ، في مقدمتهم السيد الوالد لمفضل بن علال وأخوك جواد الذي كان يعني لك الكثير 
لهم جميعا منا السلام ، ولك منا الدعاء كي يستجيب الله أملك المتضمن في سيرتك انسجاما والشعور المتولد عن رحلة الحج التي قادتك رفقة حرمك إلى أنقى وأقدس بقعة على وجه البسيطة ....السعادة الأبدية 
إنا لله وإنا إليه راجعون

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إلى جنة الخلد أيها الفقيد الفقيه إلى جنة الخلد أيها الفقيد الفقيه



GMT 01:14 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

جيرار على طريقة لويبيتيغي

GMT 09:47 2018 الأحد ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ترشيح بموشحات أندلسية

GMT 12:56 2018 السبت ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عبد السلام حناط رجاوي عريق في قلب كوكبي أصيل!

GMT 11:09 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

البنزرتي مرة أخرى

GMT 13:09 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الوداد..أزمة نتائج أم أزمة تسيير ؟

GMT 09:43 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

أناقة خبير الرياضيات فيلاني تتغلّب على أزياء ماكرون

GMT 02:38 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أحمد عمور يُعلن خفض ديون "أليانس" للتطوير العقاري

GMT 07:01 2018 الخميس ,26 إبريل / نيسان

تعرفي على اتيكيت التقديم وفنونه المختلفة

GMT 09:22 2017 السبت ,28 كانون الثاني / يناير

تعديلات مبهرة في سيارة لامبورغيني "Aventador S"

GMT 07:43 2015 الإثنين ,23 آذار/ مارس

أقراص الكوسا والجبن

GMT 00:05 2015 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تضيء أهرامات الجيزة بالعلمين الفرنسي والروسي

GMT 04:31 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

قلة تناول "أوميغا 3" يؤدي إلى ضعف السلوك الاجتماعي

GMT 23:23 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

وفاة سائح فرنسي اصطدمت دراجته بحافلة في مراكش

GMT 05:57 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

اندلاع حريق بسوق المتلاشيات في أولاد تيمة

GMT 04:57 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

الإعلامية إيمان نبيل تبدي سعادتها بشباب مصر وفكرهم الواعي

GMT 13:48 2018 الخميس ,04 كانون الثاني / يناير

دار "ماكس مارا" تُركّز على صيحة المعاطف الواسعة والضخمة

GMT 21:14 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

دانا فارس تطلق أغنية "تسلم" في "الكريسماس"
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca