الرجاء وجنون العظمة

الدار البيضاء اليوم  -

الرجاء وجنون العظمة

بقلم : بدر الدين الإدريسي

من شاهد الرجاء البيضاوي في ذاك السبت القاحل أمام النجم الساحلي في مسابقة الملايين، عاجزا ومرتبكا وعقيما في تتويج الأفضلية الميدانية خلال فترات معينة من زمن المباراة، إلى الحد الذي ناقض ذاته وابتعد كثيرا عن احتفالية الأداء الجماعي التي قادته للفوز بكأس الكونفدرالية الإفريقية، سيتحجج في واقع الأمر بكثير من الأعذار، التي سنقبل تجاوزا ببعضها ولا نلقي بالا لبعضها الآخر.
فمن سيقول أن هذا الذي واجهه الرجاء فريق، يمثل قمة الخبث التكتيكي والصرامة والإنضباط في تنزيل فكر المدرب، وكلها خاصيات تتمتع بها كرة القدم التونسية، ولطالما وجدت أنديتنا الوطنية نفسها مخنوقة بل وعاجزة عن إبطال مفعول تلك الملكات الجماعية الفريدة من نوعها التي تتوفر للأندية التونسية، ومن سيقول أنه الإعياء والإجهاد اللذين أصابا لاعبي الرجاء، فشتتا التركيز وغيبا الكثير من قوات الدفع الرهيبة، ومن سيقول أن المدرب كارلوس غاريدو الذي أكد في مناسبات كثيرة حداقته وبراعته في تدبير المباريات الصعبة، جنى على فريقه بتغييرات أفقدته التوازن، ولربما تعنت في بعض البديهيات التكتيكية التي منها نهش لومير عظمه.
ولا شك أن كل هذه التبريرات الإستراتيجية والفنية وحتى التكتيكية، يحتملها بالفعل العرض السيئ الذي قدمه النسور الخضر بالرباط، في مباراة ما كانت لتقبل أبدا بالخروج عن النص، ويبدو أكثرها موضوعيا ومنطقيا للتغطية على الخسارة التي باتت تهدد بقوة مستقبل الرجاء البيضاوي في مسابقة كأس زايد للأندية الأبطال، إلا أنه عند العلم بما يضج به مستودع ملابس الرجاء من مشاكل واحتقان، نفهم أكثر لماذا جنح الرجاء في مباراة النجم، إلى ذاك المستوى الفني المهزوز الذي فاجأ المدرب روجي لومير ولاعبي النجم الساحلي، فبعد أن أخذوا حذرهم في الثلث الأول من المباراة، ونجحوا في مراقبة المنطقة وفي إفراغ هجوم الرجاء من محتواه، توجهوا بعد أن شعروا بالإستنزاف الذي ضرب النسور إلى الشق الثاني من التكتيك، المبادرة للهجوم، وهو ما منحهم إنهاء المباراة متقدمين بهدفين، ليسهل عليهم تأمين العبور للدور نصف النهائي، يوم ثامن فبراير بملعب النار بسوسة.
لا أفهم لماذا جنح غاريدو إلى كل تلك التغييرات التي أفقدت الرجاء توازنه؟ ولا أستطيع أن أقتنع بجدوى الفوز في الكلاسيكو على الرجاء في بطولة تحتمل الخطأ، لأن هناك هامشا واسعا للتعويض، وخسارة مباراة أمام النجم التونسي تهدد الرجاء بالخروج من مسابقة الملايين، وهو أحوج ما يكون إلى تلك الملايين لمواصلة تجفيف منابع الأزمة المالية..
لا أستصيغ أن يكون قد خطر ببال غاريدو المدرب والمربي والحريص على سمعة، هي رأسماله التقني، الإنتقام من لاعبين عصوا أوامره عند إقامة الفريق بمراكش لمنازلة أفريكا ستار الناميبي عن كأس «الكاف» والجيش الملكي عن الكلاسيكو المؤجل للبطولة الإحترافية إتصالات المغرب، ولن أقبل إسوة بمسيري الرجاء الذين ينفقون الكثير من وقتهم لرأب الصدع المالي، أن تكون مباراة النجم قد حفلت بكل هذه الإحتقانات والضرب تحت الحزام، بشكل يسيء لسمعة الرجاء ويضرب في الصميم مصالحها.
ليس القصد أن أصب الزيت على نار هي بالكاد تنطفئ، ولا أن أرمي حجرا يحرك مجددا مياه أزمة باتت راكدة، ولا أن أفسد ما بات يربط الرجاء بجماهيره ومحيطه من ود، ولكن الغاية هي التنبيه إلى أن كل هذه النتوءات التي يمكن تأكيدها أو نفيها، قد تكون مقدمة لاشتعال بيت الرجاء مجددا بنار لا هو بحاجة إليها ولا هو يريدها أصلا، نار الفتنة بطبيعة الحال.
ومن دون أن نفتعل محاكمة نقدم لها جناة مفترضين، فإن ما خرج من غرف خلع الملابس يقول بضرورة أن يعجل جواد الزيات بعقد جلسة مصارحة مع المدرب غاريدو ومع عمداء الفريق، لعرض الخلافات بروح رجاوية وأيضا لحلحلة المشاكل بغيرة على قميص وتاريخ الرجاء، فالمرحلة لا تقتضي لا جبر الخواطر ولا الربت على الأكتاف ولا التغطية على أفعال مشينة، لأن ذلك لن يزيد الوضع إلا استفحالا، المرحلة تقتضي رفع مصلحة الرجاء فوق الجميع، فإذا كان ضروريا أن يستمر غاريدو على رأس العارضة التقنية للرجاء، فلا يجب أن يكون ذلك على حساب استقرار الفريق وسلامة الإختيارات من أي أفكار مسبقة، ولا يجب أن يكون ذلك أيضا، على حساب كرامته كمدرب إن علل الإختيارات بطريقة موضوعية، عمل المكتب المسير على دعمها والدفاع عنها.
ظرفية صعبة تلك التي يمر منها الرجاء، فما أعرفه أنه من الصعب جدا أن تدبر مرحلة ما بعد الإنجازات القارية أو الوطنية، حيث يكون ضروريا أن تفرمل العواطف والمشاعر ويحارب الفريق في محيطه، ما أسميه بجنون العظمة..     

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرجاء وجنون العظمة الرجاء وجنون العظمة



GMT 10:25 2019 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

الدفاع في الريادة

GMT 10:22 2019 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

"وشكون عرف؟"..

GMT 15:07 2019 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

"كلمة حق"..

GMT 13:45 2019 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

منتخبات مجنونة

GMT 03:36 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

تعرفي على أهم صيحات المكياج لشتاء2018

GMT 17:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 05:48 2018 الثلاثاء ,10 إبريل / نيسان

أفضل الطرق لتثبيت مساحيق التجميل على البشرة

GMT 14:35 2016 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

بودريقة يثير غضب الناصيري وجماهير الوداد البيضاوي

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 12:35 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

عشرات القتلى جراء حريق داخل مستشفى في كوريا الجنوبية

GMT 04:55 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

الفنانون الذين فارقوا الحياة خلال عام 2017

GMT 11:09 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

الطقس و الحالة الجوية في الريش

GMT 23:31 2014 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

بيتزا الجمبري

GMT 12:44 2016 الخميس ,21 إبريل / نيسان

اهم فوائد النعناع

GMT 18:35 2017 الخميس ,21 أيلول / سبتمبر

أبرز 10 سيارات "SUV" حاضرة في معرض فرانكفورت 2017

GMT 23:40 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

ربيع فايز يحصد ذهبية في بطولة أميركا المفتوحة للرماية

GMT 05:36 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

الافصاح عن عطر جاسمن نوار المبهر من بولغاري
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca