آخر تحديث GMT 06:25:28
الدار البيضاء اليوم  -

"الأنا والآخر" المبدع يستكشف نقيضه

الدار البيضاء اليوم  -

الدار البيضاء اليوم  -

الكويت ـ وكالات

منذ فجر النهضة العربية ظلت إشكالية العلاقة مع الآخر واحدة من أهم الموضوعات التي شغلت المفكرين والمثقفين العرب طوال قرن فائت من محاولة النهضة والتعثر، في محاولة للبحث عن ملامح هوية تتحد وتتغاير في صدمة العلاقة مع الآخر. وإلى جانب المثقف التنظيري لم يتأخر المبدع العربي في جعل تلك الجدلية موضوعا لإبداعه، فقد كتب عبقري الرواية العربية الطيب صالح "موسم الهجرة للشمال" متناولا في إبداع سردي رفيع تلك العلاقة الغائمة مع الآخر، وقبله فعل يحيى حقي في "قنديل أم هاشم" وتوالت روايات بعد ذلك تشيطن الآخر أو تتصالح معه. وفي كتابها "إشكالية الأنا والآخر" الصادر ضمن سلسلة عالم المعرفة عدد مارس/آذار 2013، تقرأ الباحثة والأكاديمية السورية الدكتورة ماجدة حمود الجدل ذاته لكنها تتوسل ذلك عبر نماذج روائية عربية صدرت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول.وترى ماجدة في تمهيدها لكتابها أن أحداث سبتمبر تركت بصمتها على الضمير العربي مما أرق الفكر والإبداع، لذلك من الطبيعي أن يزداد طرح "إشكالية أنا والآخر" في الرواية العربية للتأكيد على هويتها والدفاع عنها في مواجهة تهمة الإرهاب التي ألحقها الآخر الغربي بها.وتختار صاحبة "جماليات الشخصية الفلسطينية لدى غسان كنفاني" روايات من ثماني دول عربية هي الكويت، والسعودية، وسوريا، وفلسطين، واليمن، والسودان، والجزائر، ومصر، وتتنوع الروايات الثماني بين الواقعية والتاريخية، إلا أنها بمجملها تشكل بحسب الباحثة صورة شاملة لقراءة الإشكالية.وتلاحظ ماجدة تنوع وتحول النظر إلى الآخر في المسيرة الروائية العربية التي اتكأت على معالجة هذا المفهوم باعتباره أساسا لسردها، فقد اتسع ليشمل الآسيوي كما لدى الروائي الكويتي إسماعيل فهد إسماعيل في روايته "بعيد إلى هنا" متخذا من العمالة الآسيوية في بلده موضوعا لروايته. وتعرض الروائية السودانية بثينة خضر مكي في "حجول من شوك" الإشكالية ذاتها لكن عبر هوية العربي المخالف لونه لأشقائه، وإذا كان الأوروبي لدى السوداني الطيب صالح هو الآخر يصبح في صورة ما العربي هو الآخر لدى خضر.وتسجل الباحثة حمود للروائية السودانية مكي قدرتها على تقديم إشكالية الأنا والآخر في لغة ساخرة وتراثية ويومية وشعرية، ممتلكة نبرة خاصة تتيحها لها مخيلة ثرية من التفاصيل الحياتية والنفسية لتجربة المرأة ومعاناتها الخاصة.وإذ تعالج الروائية الفلسطينية سحر خليفة في روايتها "ربيع حار" علاقة الفلسطيني مع المحتل فإنها بحسب ماجدة لا تغرق روايتها في مستنقع الكراهية مظهرة جانبا إنسانيا تطمره الممارسات القمعية الصهيونية، فيما تبدو رواية "أرض السواد" لعبد الرحمن منيف شاذة عن مجمل الروايات، ذلك أنها كتبت قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر لكنها تلتقي مع الروايات الثماني في معالجة نفس الموضوع.وتلفت ماجدة إلى أن منيف جمع في روايته بين الوثيقة التاريخية وتفاصيل من الواقع الشعبي ليقدم رؤى متعددة لصوت الأنا، مقدما الفضاء العراقي في صورة تصل حد التناقض بين الأنا والآخر.وضمن الروايات التاريخية يعود اليمني علي المقري في روايته "اليهودي الحالي" إلى القرن السابع عشر مميزا بين اليهودي المسالم والصهيوني المعتدي عبر قصة حب بين "مسلمة ويهودي" مقدما روايته في لغة سردية توظف التناقض الديني والفني لبث روح التسامح في الرواية.وإذا كان منيف والمقري يتذرعان بالتاريخ في روايتيهما، فإن الروائية السورية غادة السمان تتخذ من تاريخ قريب هو الحرب الأهلية اللبنانية مدخلا لقراءة العلاقة مع آخر غربي يأتي لبنان سائحا لا غازيا عبر شخصية "ماري روز" الباحثة في الشرق عن ما ينقصها من دفء إنساني.وفي قراءة تاريخية لمسيرة الأمير عبد القادر الجزائري، يعرض واسيني الأعرج شخصية الأمير المقاتل ومعها جزء من مسيرة الثورة ضد المستعمر الفرنسي، إلا أن الأعرج حسب الباحثة احتفى بالآخر الفرنسي على حساب الأنا حتى بدا الأعرج مؤرقا بالهم الحاضر بعد أن شوهت صورة المسلم المعاصر بعد أحداث سبتمبر.وفي خلاصتها لقراءة النماذج الروائية تخلص أستاذة النقد العربي الحديث بدمشق إلى أن الرواية العربية استطاعت أن تنقل "إشكالية الأنا والآخر" من فضائها الفلسفي المجرد والغائم إلى آخر واقعي يلوذ بجماليات روائية تتعدد فيها الأصوات.

casablancatoday
casablancatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأنا والآخر المبدع يستكشف نقيضه الأنا والآخر المبدع يستكشف نقيضه



GMT 18:00 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات

GMT 08:31 2018 الخميس ,20 أيلول / سبتمبر

سعر الدرهم المغربى مقابل اليورو الخميس

GMT 13:15 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روماو يحدد قائمة لاعبي "الجيش" لمواجهة "المغرب الفاسي"
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca