قبس من ثـرثـرات المجالس

الدار البيضاء اليوم  -

قبس من ثـرثـرات المجالس

بقلم : عريب الرنتاوي

لا حديث للناس، كل الناس، سوى فضيحة مصنع التبغ ... ولا حدود لظنون الناس والشائعات التي يتداولونها ... ولا أظن أن احداً من المسؤولين والفاعلين لم تطاله سهام الاتهام والغمز واللمز ... ولأن الشيء بالشيء يذكر، فإنه ما أن تُفتح هذه «السيرة»، حتى ينهال عليك المتحدثون بقصص تبدأ ولا تنتهي، عن فضائح تزكم الأنوف، وتفوح منها رائحة التواطؤ وتطل من خلالها ملامح مافوية.

ولا حدود لانعدام الثقة، ثقة الناس، بقدرة «المؤسسة» على محاربة الفساد، على الرغم من أن الحكومة هذه المرة، كانت شفافة إلى حد كبير، وقدمت رواية للناس، لم يسبقها إليها أحد ... لكن إحالة الملف إلى محكمة الجمارك أثار لغطاً مشفوعاً بالاتهام: يريدون تحويلها إلى مجرد قضية تهرب جمركي ... وعندما آلت إلى أمن الدولة، قيل يريدون بذلك، عدم استرجاع المتهم الرئيس الفار من العدالة، على اعتبار أن أمن الدولة محكمة خاصة، وأجهزة الانتربول لا تأخذ بأحكامها ولا تستجيب لطلبات القبض على المجرمين والتسليم، إن لم تكن الأحكام الصادرة بحقهم، صادرة عن القضاء المدني، النظامي.

إجراءات الحكومة والأجهزة المختصة السريعة ضد المشتبه بتورطهم في الفضيحة، تثير أسئلة قلقة لدى المواطنين، بدل أن تثير الطمأنينة في نفوسهم: هل هؤلاء هم المتهمون الأساسيون أم «العاملون» تحت إمرتهم؟ ... أين الرؤوس الكبيرة، ولماذا لم نقرأ أسماءهم في لوائح المتهمين الرسمية أو المتداولة همساً؟ ... هل سيذهب التحقيق حتى نهايته، أم أنه سيتوقف عند «درجة معينة من درجات المسؤولية والوظيفة العامة»؟ ... هل ستصل القضية حتى خواتيمها أم أنها ستتعرض لـ»اللفلفة» و»الضبضبة»؟ ... إلى غير ما هنالك من أسئلة مباشرة وغير مباشرة، تعكس حالة انعدام الثقة بجدية الدولة ومؤسساتها في محاربة الفساد واستئصاله.

لا تقف الأسئلة عند هذا الحد، بل تنهال تباعاً، مشفوعة بأرقام عن قضايا فساد أخرى، وإن أتيح لك استخدام آلة حاسبة، لوجدت أن كلفتها تفوق بكثير الناتج المحلي الإجمالي، وليس الموازنة العامة للدولة الأردنية ... لكن لا يهم، لا يهم إن كان الناس على صواب أم خطأ، الأهم هو ما يعتقدونه صواباً وحقائق لا رادّ لها ... وفي أذهان الناس ووعيهم، أن الفساد، وربما الفساد وحده، هو المسؤول عن أزمتنا الاقتصادية، وهو المتسبب بفقرهم وإملاقهم ... وهو سياسة رسمية، تورط بها الجميع إلا من رحم ربي، بل ولديه وظيفة محددة: إضعاف منعة الأردن وتبديد قدرته على مقاومة ما يحاك له من مشاريع، على حساب أمنه واستقراره وهويته، من الأصدقاء كما من الأعداء ... هي مؤامرة كبرى، تتخذ من الفساد والمفسدين، حصان طروادة لاختراق القلعة من داخلها.

لا شيء سيبدد الصورة المتجذرة في وعي الأردنيين و»لا وعيهم» سوى رؤية «القطط السمان» خلف القضبان ... لا شيء سيطمئنهم إلى سلامة النوايا والإجراء وصفاء السرائر، سوى في نشر صور أسماء كبيرة تلعب «الورق» و»السيجة» في سجن سواقة ... ما هو دون ذلك، سيظل له تفسير، وسيجدون له ألف سبب وسبب، بعيداً عن استراتيجية محاربة الفساد وتعميم النزاهة والشفافية وحفظ المال العام ... لا شيء سيعيد للأردنيين ثقتهم المهدورة على مدى سنوات عقود، سوى أعمال كبيرة من هذا النوع، وبخلاف ذلك، سيظل كل إجراء أو قرار أو حكم، في عداد «التغطية على المتسبب الأكبر» وضرباً من التضحية بالفاسدين الصغار لصالح الفاسدين الكبار، و»أكباش فداء» تقدم على قرابين بقاء «السيستم» ومافايات الفساد والإفساد.

لم يترك الكتاب والمحللون والصحفيون، كلمة إلا قالوها في وصف الفضيحة الجلل (زلزال، كارثة، سلب ونهب، مافيا، كولومبيا) بيد أن ذلك كله لم يشف غليل المواطن للقصاص ممن انقضوا على جيبه وسرقوا قوت عياله، ووجدوا أنفسهم في مواقع الجاه والسلطة والمال بغير حق ... لا شيء أقل من مطاردة الرؤوس الكبيرة، يمكن أن يقنع الأردنيين بأن الحكومة «لا تطارد الساحرات والأشباح»، بل تعمل على استئصال شأفة الفساد والفاسدين، وقطع رأسه ودابره على حد، كما جاء في تعبير لأحد الزملاء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قبس من ثـرثـرات المجالس قبس من ثـرثـرات المجالس



GMT 11:07 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

حوار عن هواجس لقاحية

GMT 15:22 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

التعليم عن بُعد

GMT 08:00 2020 الجمعة ,14 آب / أغسطس

الكفر بالوطن!

GMT 12:48 2020 الأحد ,09 آب / أغسطس

انفجار مرفأ بيروت... الدولة والميليشيا

GMT 03:36 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

تعرفي على أهم صيحات المكياج لشتاء2018

GMT 17:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 05:48 2018 الثلاثاء ,10 إبريل / نيسان

أفضل الطرق لتثبيت مساحيق التجميل على البشرة

GMT 14:35 2016 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

بودريقة يثير غضب الناصيري وجماهير الوداد البيضاوي

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 12:35 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

عشرات القتلى جراء حريق داخل مستشفى في كوريا الجنوبية

GMT 04:55 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

الفنانون الذين فارقوا الحياة خلال عام 2017

GMT 11:09 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

الطقس و الحالة الجوية في الريش

GMT 23:31 2014 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

بيتزا الجمبري

GMT 12:44 2016 الخميس ,21 إبريل / نيسان

اهم فوائد النعناع

GMT 18:35 2017 الخميس ,21 أيلول / سبتمبر

أبرز 10 سيارات "SUV" حاضرة في معرض فرانكفورت 2017

GMT 23:40 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

ربيع فايز يحصد ذهبية في بطولة أميركا المفتوحة للرماية

GMT 05:36 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

الافصاح عن عطر جاسمن نوار المبهر من بولغاري
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca