حين تستقر مفاتيح الحل في جيب بوتين!

الدار البيضاء اليوم  -

حين تستقر مفاتيح الحل في جيب بوتين

بقلم - عريب الرنتاوي

يبدو أن طرفي الاتفاق الأمريكي – التركي، قد باتا عالقين في «دهاليزه» الغامضة و»أنفاقه» المظلمة ... الاتفاق الذي أُبرم عل عجل، كان مطلوباً بذاته، أقله لتوفير فرص لـ»التقاط الأنفاس»، ومنع انزلاق العلاقات الثنائية بين واشنطن وأنقرة في أتون سحيق من الأزمات المتناسلة ... لكن أحداً على ما يبدو، لم يفكر في الكيفية التي سيتم فيها تطبيق هذه الاتفاق، أو في الآليات التي ستعتمد لهذا الغرض، بما فيها تحديد جهات الاشراف والرقابة والبحث في الأثر المترتب على أهم مستجدات الوضع في الشمال السوري والمتمثل تحديداً في انتشار الجيش السوري في مناطق واسعة من الجزيرة وشرق الفرات.
ومن المفارقات المدهشة المتأسسة على هذا الاتفاق، أنه لم يمنح الكرملين و»قصر الشعب» مناطق استراتيجية – غنية واسعة، من دون إراقة قطر دم أو إطلاق رصاصة واحدة فحسب، بل ووضع «مفاتيح حل» عقبة الاتفاق وتفكيك ألغازه في جيب فلاديمير بوتين ... وليس صدفة أبداً أن ينبري ترامب مدافعاً عن الدور الروسي في سوريا ومتفهما لدعم موسكو للأسد ... كما أنها ليست صدفة أبداً، أن يأتي توقيت زيارة أردوغان وقمته المنتظرة مع بوتين في سوتشي في مختتم هدنة الساعات الـ»120» التي نص عليها الاتفاق.
كيف لتركيا أن تبسط سيطرتها على «منطقة آمنة» تمتد بامتداد الحدود التركية – السورية، فيما الجيش السوري ينتشر في نقاط استراتيجية ومدن ذات كثافة سكانية، تقع في قلب هذه المنطقة وعلى مقربة من الحدود، وبمواكبة من الشرطة العسكرية الروسية؟ ... هذا السؤال سيبحث أردوغان عن إجابات عليه في سوتشي خلال الساعات القادمة، والأرجح أن «السلطان» سيستمع من «القيصر» إلى ما لا يرضيه أبداً، ولهذا السبب بالذات، قرر على ما يبدو، استباق القمة بالإعراب عن عدم ممانعته انتشار الجيش السوري على مقربة من الحدود.
ثم، من سيشرف على مراقبة انسحابات وحدات الحماية وقوات «قسد» من بعض نقاط تمركزها على الحدود، ومن سيرعى نقل أو تدمير أسلحتها الثقيلة والمتوسطة، ومن سيراقب عمليات تدمير دشمها وتحصيناتها ... لا الجيش الأمريكي عاد متواجداً في هذه المناطق، ولا قوات الجيش السوري ستتطوع لفعل ذلك إرضاء لرغبات «السلطان»، ولا موسكو ودمشق والقامشلي، بصدد السماح للجيش التركي بفعل ذلك.
مرة أخرى، سيبحث أردوغان عن مفاتيح حل هذه المعضلات في جيب بوتين كذلك ... لا أحد بمقدوره تفكيك هذه العقد والألغاز سوى الزعيم الروسي... ومن هذه النقطة بالذات، ستنطلق المقايضات، وحولها ستلتئم جلسات «مقاصة»، بحثاً عن حلول وسط، وتسويات مقبولة من الأطراف، من دون أن «يموت الذئب أو يفنى الغنم» كما يقال في المثل العربي القديم.
موسكو في وضع ملائم للقيام بدور «المايسترو» و»الحكم» في هذه اللعبة المعقدة، وعلى هذا المسرح المزدحم باللاعبين ... هي تفهمت احتياجات تركيا الأمنية وأبدت الاستعداد لتلبية «ما هو واقعي» منها ... وهي كانت سبّاقة لطرح «دستور فيدرالي» لسوريا، يمكن أن تهبط به إلى شكل من أشكال «اللامركزية»، وهي الحليف اللصيق لدمشق، ولديها علاقات تعاون وثيقة مع طهران، وتتطلع لتخفيف حدة التوتر مع واشنطن، مستفيدة من السياسات «الرعناء» و»غير المسؤولة» التي يدريها الرئيس الأمريكي من موقع «تويتر» المفضل لديه.
قنوات التواصل الدبلوماسي والعسكري بين واشنطن وموسكو لم تنقطع، وروسيا حريصة على منصة أستانا بأطرافها الثلاثة الرئيسة، بل وتسعى في توسعتها ... لن تتردد موسكو عن القيام بهذه المهمة، ولن يتردد «القيصر» عن استغلال هذه السانحة التي تعيد بلاده إلى دورها العالمي من بوابة شرق المتوسط الواسعة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين تستقر مفاتيح الحل في جيب بوتين حين تستقر مفاتيح الحل في جيب بوتين



GMT 11:31 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب جديدة للقارئ في معرض الشارقة الدولي

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

كتب أخرى للقارئ العربي

GMT 05:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

دسائس البلاط

GMT 05:01 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اللبنانيون يأملون.. لكن بخوف وحذر!

GMT 05:00 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

ثورة في لبنان في عهد "حزب الله"

GMT 11:50 2021 الثلاثاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 08:12 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

أويلرز يفوز على مونتريال في دوري هوكي الجليد

GMT 05:03 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

شخص ملثم أضرم النار داخل مسجد فجر الاربعاء

GMT 17:08 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"المغرب اليوم" يكشف عن أجر "جون سينا" في" التجربة المكسيكية"

GMT 06:44 2018 الأربعاء ,26 أيلول / سبتمبر

"كالابريا" أحد كنوز إيطاليا الخفية عن أعين السائحين

GMT 01:14 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

مرتجي يؤكد استعداد الأهلي إلى "حدث تاريخي"

GMT 06:21 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

أحلام تهتف باسم الملك وتُغني للراية الحمراء

GMT 20:38 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

"شعبي نايت لايف" حفلة ضخمة للطرب في عيد الفطر
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca