تحذير: «لا تراهنوا على صبر الناس»

الدار البيضاء اليوم  -

تحذير «لا تراهنوا على صبر الناس»

بقلم : عماد الدين أديب

كان «آدم سميث» أحد أكبر مؤسسى فكر الاقتصاد الحر يحذر دائماً من التداعيات الاجتماعية للنظام الرأسمالى، رغم أنه من كبار المنظرين والداعين إليه.

لذلك نجد أن تطبيقات الاقتصاد الحر فى الولايات المتحدة اعتمدت على مجموعة من إجراءات التسكين الاجتماعى وهى:

1 - توفير دعم من الحكومة الفيدرالية للولايات التى توجد فيها الطبقات الأكثر فقراً، فى ما يعرف بـ«طوابع الطعام» أو كوبونات الفقراء التى تقدمها الطبقات الأكثر فقراً إلى «السوبر ماركت» للحصول على أغذية مجانية أو مخفّضة.

2 - تشجيع أصحاب الملايين على عمل مشروعات اجتماعية للفقراء وتحويل أعمال الخير هذه إلى خصومات من مستحقاتهم الضريبية السنوية.

3 - قيام المؤسسات الكنسية بالذات فى منطقة ما يُعرف «بالحزام الإنجيلى» بأعمال إسكان وعلاج وإطعام.

وكان المليونير «كارنيجى» أحد أكبر رجال الأعمال التاريخيين فى الولايات المتحدة وأحد كبار أصحاب نظرية المسئولية الاجتماعية يقول: «إذا أردت أن أشعر بالأمان تجاه ناطحات السحاب التى أشيدها والمصانع التى أبنيها، يتعين علىّ تأمين مناطق الفقر التى تعيش خلف هذه المشروعات».

إذا لم يفعل أصحاب رأس المال ذلك، وإذا لم تنتبه السلطة السياسية إلى هذه المعضلة، فإن الرأسمالية تصبح متوحشة ويؤدى ذلك إلى عدم استقرار اجتماعى، وفوضى أمنية.

وما زلت أحذر، وأكرر، أن قرارات تحرير سعر الصرف هى قرارات ضرورية كان لا بد من اتخاذها منذ أكثر من نصف القرن، وأنه لا إصلاح اقتصادى دونها.

وما زلت أكرر، وأحذر، أنه دون أن تكون هناك قرارات مصاحبة لهذه القرارات تقوم على تسكين الطبقات المتضررة، وهى بالملايين من البسطاء، فإن ذلك قد يؤدى إلى انفجار اجتماعى وعدم استقرار فى البلاد.

وأعتقد أن الذين يراهنون على أن هذه الآثار قد مرت، وأن العاصفة الاجتماعية قد انتهت، وأن صبر الناس أبدى، هم خاطئون تماماً ولا يعرفون قانون الفعل ورد الفعل عند البسطاء.

مهما كانت الناس تحبك، ومهما كانت الناس صبورة وقابلة للتحمل، فإن هذا الشعب مثله مثل كل البشر يكره أن تصبح تكاليف حياته مستحيلة، ويكره أن يكون عاجزاً عن تدبير احتياجاته الأساسية.

أكرر: لا تراهنوا على صبر الناس وعلى رصيد الأمل الذى تولد عقب ثورة 30 يونيو 2013.

كل شىء ينفد، وكل شىء زائل، ولا يبقى سوى وجه ربك ذى الجلال والإكرام.

المصدر : صحيفة الوطن

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحذير «لا تراهنوا على صبر الناس» تحذير «لا تراهنوا على صبر الناس»



GMT 11:48 2022 السبت ,11 حزيران / يونيو

الرتاق

GMT 10:14 2022 الإثنين ,30 أيار / مايو

نقاش مع زميلين كبيرين

GMT 06:25 2021 الجمعة ,17 كانون الأول / ديسمبر

الساحر محمد صلاح

GMT 13:10 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

لو كنت من القيادة الفلسطينية

GMT 11:20 2020 الثلاثاء ,18 آب / أغسطس

سر الاتفاق الإماراتي مع إسرائيل (1)

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ننشر 10 تساؤلات بشأن تعويم الدرهم

GMT 02:23 2014 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

السياحة الجنسية ظاهرة خطيرة تُثقل كاهل المجتمع في مراكش

GMT 18:29 2018 الخميس ,18 تشرين الأول / أكتوبر

تسيير أول خط طيران مباشر بين بابوا غينيا الجديدة والصين

GMT 21:23 2018 الثلاثاء ,04 أيلول / سبتمبر

إنقلاب سيارة "پورش" يقودها سعودي في طنجة

GMT 12:36 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

10 علامات تخبركِ بأن علاقتكِ الحميمة سيئة

GMT 08:02 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

"الكورديز Cordies" أحدث صيحات الاكسسوارات في 2018
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca