دبلوماسية إسقاط الطائرات في سوريا

الدار البيضاء اليوم  -

دبلوماسية إسقاط الطائرات في سوريا

بقلم - عبد الرحمن الراشد

في أقل من أسبوعين، أسقط مقاتلون سوريون، مقاتلةً روسيةً، وأسقط أكرادٌ مروحيةً تركيةً فوق عفرين، وأسقط الإيرانيون طائرتين حربيتين إسرائيليتين. ماذا بعد هذه الاشتباكات؟
على التراب السوري ثلاث درجات من القوة. الأميركية ضد الروسية. والإسرائيلية ضد الإيرانية. والميليشيات من «حزب الله» ونحوه ضد «الجيش الحر السوري» وغيره.
ويبقى احتمال الاصطدام الإيراني الإسرائيلي هو الأهم، لأن تركيا لن تصعد ولن تتوغل، ويمكن رسم العلاقة معها في منطقة القتال. وربما غيرت سلسلة الأحداث الأخيرة قواعد الاشتباك. فإسرائيل قامت بقصف وقتل إيرانيين مباشرة، بعد أن كانت في السابق توقع العقوبات بميلشياتهم من «حزب الله» وغيره.
والولايات المتحدة، أيضاً، قتلت مائة من ميليشيات موالية لإيران، لأنها هاجمت مسلحين أكراداً موالين لها. يبدو أن روسيا وإيران بيتتا لضرب إسرائيل ضمن رسم «قواعد الاشتباك». فإسرائيل غضبت من دخول طائرة درون إيرانية صغيرة أجواءها، وردت بقصف مواقع للحرس الثوري الإيراني، الذي تجرأ على إسقاط طائرتين إسرائيليتين، ورد الإسرائيليون بقصف مواقع إيرانية مباشرة. ومثلما أنكرت واشنطن معرفتها بما فعله حلفاؤها، أنكرت موسكو أي دور لها في إسقاط الطائرتين الإسرائيليتين! أمر مستبعد تماماً.
النتيجة حركة دبلوماسية خلف الأبواب المغلقة بين واشنطن وموسكو وإسرائيل وإيران، إما إنها تسعى لتنظيم الخلاف ورسم قواعد الاشتباك، وبالتالي تجنب توسيع المواجهة العسكرية، أو الذهاب إلى مواجهات مباشرة، إيرانية إسرائيلية!
معروف أن إيران أضعف عسكرياً من إسرائيل، ولا تستطيع الانتصار، لكنها تستطيع إلحاق الأذى بها. فهي تستخدم جيشاً من المجندين الأجانب مستعدة للزج به، يقدر بأكثر من خمسين ألفاً من لبنان والعراق وأفغانستان وغيرها.
إسرائيل مثل تركيا تأخرت في التدخل، وهي تدفع ثمن تبنيها «سياسة البلكونة» بالجلوس في الشرفة، والتفرج على الحرب الأهلية في جارتها سوريا اعتقاداً أنها تستنزف خصومها. مثل تركيا، تركت إيران تتمدد، وتبني قواعد، وتنشر ميليشياتها وتستغل الغطاء الروسي. الآن تشتكي تركيا وإسرائيل من أن الحرب صارت تهدد أمنهما واستقرارهما. ولا نرى احتمالية أن تهدأ الأوضاع طويلاً في سوريا، بل المواجهات بين القوى المختلفة هي الأرجح. فقد وصلت الأمور إلى وضع يصعب على أي فريق الانسحاب دون القبول بالخسائر. فميلشيات إيران منتشرة في كل مكان، وتزداد في تقويتها، تريد حكم سوريا مستغلة ضعف نظام الأسد الذي فقد معظم قدراته العسكرية والأمنية.
وليس الوضع طارئاً كما توحي التصريحات التي أعقبت إسقاط الطائرتين الإسرائيليتين. لنتذكر أن تل أبيب تدرس، وتفاوض، وتستعد للوضع السوري تحت الاحتلال الإيراني، وكان الموضوع الرئيسي في لقاءات المسؤولين الإسرائيليين مع الروس والأميركيين خلال الأشهر القليلة الماضية.
ومهما قيل، فما حدث ليس مفاجئاً، ويفترض أن يوضع في إطار تبادل إسقاط الطائرات ضمن صراع القوى الكبرى والمتوسطة على التراب وفي الأجواء السورية.
الجميع ينفي، لكن الحقيقة تبدو غير ذلك. فالمعارضة السورية المسلحة عندما أسقطت طائرة روسية فوق إدلب نفى مسؤول في «البنتاغون»، قبل تسعة أيام، أن تكون الولايات المتحدة خلفها، وأنكر أنهم زودوا حلفاءهم في سوريا بصواريخ أرض جو. والروس نفوا علاقتهم بإسقاط مقاتلتي إسرائيل. وإيران تنفي أنها طيرت الدرون داخل إسرائيل، مدعية أن قوات النظام السوري من أرسل الدرون، ومن أطلق الصواريخ التي تصدت للمقاتلات الإسرائيلية. الحقيقة أن الجميع شركاء في الحرب، وهذا فصل مهم دفن مشروع «سوتشي»! الحل في سوريا إخراج قوات النظام الإيراني وميلشياته، ووضع حل سياسي مقبول للجانبين المتحاربين.
[email protected]

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دبلوماسية إسقاط الطائرات في سوريا دبلوماسية إسقاط الطائرات في سوريا



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 20:11 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 09:26 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

إعادة سلحفاة نادرة إلى مياه خليج السويس بعد علاجها

GMT 01:32 2014 الأحد ,27 تموز / يوليو

طريقه عمل مفركة البطاطا

GMT 08:20 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

منزل بريطاني على طريقة حديقة حيوان يثير الإعجاب في لندن

GMT 06:11 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

أسهل طريقة لإعداد مكياج رائع لجذب الزوج

GMT 00:03 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

قرار بخصوص مشروع ملكي مغربي يُربك حسابات إلياس العماري

GMT 13:59 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

هجرة "النجوم" شرًا لا بد منه

GMT 04:24 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

السجن 10 سنوات للجهادي المرتبط بمهاجمة "مانشستر أريينا"

GMT 16:31 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

فنانة صاعدة تهدد مخرج مغربي بـ"فيديو إباحي"

GMT 10:51 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنان أمير كرارة يفاجئ المعجبين بإطلالة مختلفة تمامًا

GMT 22:31 2015 الإثنين ,09 آذار/ مارس

الأزرق والأخضر أبرز ألوان المطابخ في 2015
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca