نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

الدار البيضاء اليوم  -

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث

بقلم - أسامة الرنتيسي

الأول نيوز – بحجم الفواجع التي مرّت علينا في الأسابيع الأخيرة، يتزايد  الحُزن في قلوبنا وأرواحنا، ومعه يتضخم الغضب الذي يصل إلى الشعور بنوبات الجلطة.

إيش فيه.. شو قصة الموت الذي يُحاصرنا من كل جانب، سيول البحر الميت بلعت 21 ضحية من أبنائنا وفلذات أكبادنا، لتأتي فيضانات الجنوب وتحصد 13 ضحية لا ذنب لهم إلّا أنهم فقراء، يسكنون جيرانا للوادي، ويختمها الموت بأبشع أشكاله، وأكثرها وجعًا.

طفلة عمرها 10 سنوات  تقطع الشارع بكامل الفرح لتصل إلى سوق تجاري ترافقها أمها وشقيقتها، في لحظة انشقت الأرض وبلعت حفرة امتصاصية فرحها، وأدخلت الهلع في قلب الشقيقة التي فقدتها فجأة ولا تعلم أين ذهبت، ولطمت أمها ومن كان يرافقها على وجوههن، فهل هناك موت أبشع من ذلك؟!.

لتكتمل الفاجعة عندما تحركت الشهامة في الشهيد الشيخ أُسَيْد اللوزي الذي لم يجد حلًا إلّا بالقفز في الحفرة في محاولة إنقاذ الطفلة، فخطفه الموت في لحظات.

لم يفكر الشهيد اللوزي لحظة بالهروب والتخلي عن مسؤوليته الإنسانية والأخلاقية مثلما يفكر مسؤولونا، بل كان همّه إنقاذ هذه البريئة من موت محقق، فصعدت روحه معها.

نموت في حُفَر المجاري، فيما تتحالف الحكومة مع مجلس النواب الذي من المفترض أنه يمثلنا على تمرير ناعم لقانون الضريبة الذي مهما كانت الإعفاءات فإن الفقير “المسخم” سيدفع الثمن.

نموت في المجاري، واقتيدت الأربعاء معلمات “مسخمات” من مديرية تربية لواء الجامعة، إلى محكمة صلح عمّان ومعهن مديرة فقدت ابنتها في فاجعة البحر الميت بلباس السجن الأزرق والبُنّي، مقيدات اليدين، بتهمة توقيعهن  كتب الرحلة في سلوك روتيني يمارسه  موظفو الدولة جميعهم، فيقعن أكباش فداء لفساد مستتر، ويتم توقيفهن أسبوعا آخر، فعن أي مسؤولية تتحدث الحكومة؟!.

خلال الـ 24 ساعة الماضية كنتَ تَصطدم بمجموعة من الأخبار الكارثية، بحيث لا تُصدّق  أنّك تعيش فعلًا في دولة مؤسسات وقانون، تَتمتّع بسلمٍ اجتماعي داخل مجتمع آمن مستقر، فترفع صوتك عاليًا متسائلًا..في شيء غلط شو فيه؟!!.

في البلاد فساد عام في منظومة الأخلاق، فهناك من يحمل السلاح ويدافع عن سارقي المياه، وهناك من يقتحم مدرسة بالسيوف والأدوات الحادة مهاجمًا المعلمين، وهناك أشخاص يعملون في عدة وظائف في الوقت نفسه، ويتقاضون رواتب وتنفيعات من أكثر من جهة، ويتحدثون عن الأخلاق.

هناك “شيء غلط” يحدث بيننا، نحتاج في إثره، الى تغييرات تصيب معظم بنيان حياتنا، ومرافق  الحكومة ومؤسسات الدولة ورجالاتها، كما يصيب مجمل الحياة السياسية الرسمية والشعبية، والأهم الاقتصادية قبل أن يصطدم الناس بالحيط اكثر من ذلك.

بقلوب مؤمنة نقول إن ضحايا سيول البحر الميت وفيضانات الجنوب هم ضحايا كوارث طبيعية، فماذا نقول في ضحيتي خريبة السوق والحفرة الامتصاصية؟!.

هل يُعقل أن تفكر الدولة بمشروع نهضة ونحن ما زلنا نخطىء في توزيع جثث الضحايا ونعيش في العاصمة عصر الحفر الامتصاصية، ونموت في “الخرا”..؟!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:02 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

استعدوا للآتى: تصعيد مجنون ضد معسكر الاعتدال

GMT 11:50 2021 الثلاثاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 08:12 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

أويلرز يفوز على مونتريال في دوري هوكي الجليد

GMT 05:03 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

شخص ملثم أضرم النار داخل مسجد فجر الاربعاء

GMT 17:08 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"المغرب اليوم" يكشف عن أجر "جون سينا" في" التجربة المكسيكية"

GMT 06:44 2018 الأربعاء ,26 أيلول / سبتمبر

"كالابريا" أحد كنوز إيطاليا الخفية عن أعين السائحين

GMT 01:14 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

مرتجي يؤكد استعداد الأهلي إلى "حدث تاريخي"

GMT 06:21 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

أحلام تهتف باسم الملك وتُغني للراية الحمراء

GMT 20:38 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

"شعبي نايت لايف" حفلة ضخمة للطرب في عيد الفطر
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca