أبعاد حرب سوريا الإقليمية

الدار البيضاء اليوم  -

أبعاد حرب سوريا الإقليمية

بقلم - عبد الرحمن الراشد

الخلاف الأميركي الروسي في أوكرانيا وغيرها من مناطق التنافس بين القوتين، يتجلى، أيضاً، في سوريا. ومشروع إيران في السيطرة على الشمال العربي إلى حدود تركيا يسير في طريقه، كما كان يحذر منه. وقلق تركيا من انتقال الأزمة إلى أراضيها تحول من مرحلة الدفاع إلى الهجوم في عفرين السورية. وإسرائيل أصبحت طرفاً أساسياً في الحرب هناك.
ومن البديهي أن تتأثر المنطقة ودولها بالتطورات المتسارعة وصراعات القوى في سوريا. الدول المعرضة لارتدادات الصراع في سوريا هي كل الدول الواقعة في محيط الأزمة؛ تركيا والعراق والأردن ولبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذلك دول الخليج وإيران. وقد عمد الإيرانيون إلى فتح الجبهة اليمنية ضد السعودية من أجل إضعافهم وإخراجهم من الصراع في سوريا وتسهيل انتصارهم هناك. ولا بد أن نقر بأنهم نجحوا في ذلك. واليمن، عدا أنه من إفرازات الصراع الإقليمي الحاد، يؤكد على أن ترك إيران تستولي على سوريا ولبنان والعراق لن ينتهي الأمر عند حدود هذه الدول. سيطرة إيران على لبنان مكنتها من الاستيلاء على سوريا باستخدامها حزب الله الذي قامت بتربيته ليكون قوتها الإقليمية، واستخدمت بعض المؤسسات اللبنانية لدعم عملياتها في سوريا. واستخدمت لبنان أيضاً لدعم وكيلها اليمني، الحوثي.
الصراع في سوريا نفسه مفتوح على كل الاحتمالات؛ إما أن تكون الاشتباكات الأخيرة عاملاً إيجابياً، حيث يضطر الفرقاء الرئيسيون إلى التوافق على حلول تجنبهم الحروب المباشرة وتقلل خسائرهم، أو أن تنعكس سلباً فتوسع دائرة النزاع وهو الاحتمال الأرجح. ومع أن وزير الدفاع الأميركي شدد وكرر مقولته إنهم موجودون عسكرياً في سوريا لمواجهة «داعش» فإن ذلك لا ينفي أن محاربة الإرهاب تتطلب مواجهة القوى الإيرانية والسورية التي كانت تستخدم تنظيمات مثل «داعش» لتبرر نشاطاتها العسكرية ضد المدنيين وتتحالف معهم ضد الثوار السوريين.
في تصوري، وعند فشل السيطرة على النزاع الخماسي (روسيا، أميركا، إيران، تركيا، إسرائيل)، فإن أكثر الدول المعرضة للخطر هي العراق على اعتباره لا يزال في حالة نقاهة من بعد معاركه الكثيرة مع «داعش» والانفصال الكردي وتكاثر الشقاق مع القوى الطائفية من شيعية وسنية والحشد الشعبي، الذي لا يزال قنبلة موقوتة تهدد السلطة المركزية. كما أن تركيا معرضة أكثر إن دخلت في معارك مع حلفاء النظام السوري أو إن أصرت على ملاحقة الأكراد من حلفاء الولايات المتحدة. إسرائيل في عين العاصفة لكنها تملك من القوة والتحالفات ما يجعلها أقل عرضة للتهديدات، رغم أنها تعرضت لإصابة بإسقاط طائرتها وقبل ذلك اختراق الإيرانيين لأجوائها. ولا يمكن أن نتحدث عن ارتدادات الصراع في سوريا دون أن نقول إن إيران نفسها معرضة للخطر، والتي تبدو بيتاً من زجاج، بعد المظاهرات التي عمت عشرات المدن الإيرانية ورفعت فيها دعوات الخروج من سوريا ووقف الدعم المادي والعسكري لحليفي النظام، حزب الله اللبناني وحركة حماس في غزة. توسع الحرب في سوريا يهدد نظام خامنئي في طهران لأنه سيستهلك المزيد من الدماء والمال والهزائم.
وقد برهنت الحرب العراقية من العقد الماضي على أن المنطقة بكاملها عرضة للنزاع والتشقق مهما بدا أنها محكومة بقواعد اشتباك واضحة. لا توجد هناك ضمانات لأمن واستقرار من هم في محيط الحرب إلا بالإيمان بأن الأمن جماعي، وبوقف مشاريع الجشع السياسية التوسعية.
[email protected]

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبعاد حرب سوريا الإقليمية أبعاد حرب سوريا الإقليمية



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 20:11 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 09:26 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

إعادة سلحفاة نادرة إلى مياه خليج السويس بعد علاجها

GMT 01:32 2014 الأحد ,27 تموز / يوليو

طريقه عمل مفركة البطاطا

GMT 08:20 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

منزل بريطاني على طريقة حديقة حيوان يثير الإعجاب في لندن

GMT 06:11 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

أسهل طريقة لإعداد مكياج رائع لجذب الزوج

GMT 00:03 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

قرار بخصوص مشروع ملكي مغربي يُربك حسابات إلياس العماري

GMT 13:59 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

هجرة "النجوم" شرًا لا بد منه

GMT 04:24 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

السجن 10 سنوات للجهادي المرتبط بمهاجمة "مانشستر أريينا"

GMT 16:31 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

فنانة صاعدة تهدد مخرج مغربي بـ"فيديو إباحي"

GMT 10:51 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنان أمير كرارة يفاجئ المعجبين بإطلالة مختلفة تمامًا

GMT 22:31 2015 الإثنين ,09 آذار/ مارس

الأزرق والأخضر أبرز ألوان المطابخ في 2015
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca