بين رفض الانفصال وإلغاء الأكراد

الدار البيضاء اليوم  -

بين رفض الانفصال وإلغاء الأكراد

بقلم - عبد الرحمن الراشد

كان لا بد لرئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني من أن يجرب مرة حظ مواطنيه؛ أكراد العراق، في طرح حلمهم التاريخي، وهو الانفصال وإقامة دولة مستقلة. وكانت أكثر الاحتمالات تنبئ بفشل المشروع. لماذا فعلها بارزاني؟ ربما لو لم يحاول لكان سيلام مستقبلاً، ويتهم بخذلان شعبه، خصوصاً أنه من تولى مهمة العمل المشترك مع حكومة بغداد عسكرياً وسياسياً في السنوات الماضية، وهو من تعاون مع المجتمع الدولي في محاربة التنظيمات الإرهابية، وسالت دماء الأكراد في سبيلها.

لكن مسعاه للاستفتاء، الذي نتيجته مضمونة بأن الأكراد يريدون تحقيق حلمهم التاريخي؛ جمهوريتهم المستقلة، كان خاطئاً، لأنه لا توجد دولة إقليمية واحدة مستعدة لدعمه، نظراً لأن الانفصال يهدد الجميع. وهو أمر ينطبق على جنوب اليمن، وغيره من مشاريع الانفصال في المنطقة، التي لا يكفي لتحقيقها تصويت أغلبية أهالي الإقليم لها، بل الأهم الاعتراف الدولي بنتائج الاستفتاء. لهذا التقت السعودية وتركيا وإيران، على اختلاف سياسات هذه الدول الإقليمية الكبرى، وعارضت مشروع انفصال إقليم كردستان، أو بعبارة دبلوماسية؛ أعلنت أنها مع وحدة كامل العراق. وساندتهم بهدوء القوى الدولية الكبرى أيضاً.

في الوقت نفسه، هناك رسالة مهمة وراء إفشال مشروع انفصال إقليم كردستان العراق. الرسالة أنه لن يسمح للقوى المحلية أو الإقليمية بتغيير الأوضاع الداخلية، وهذا لا يخص فقط الأكراد؛ بل حتى الجماعات المحسوبة على إيران في المنطقة؛ سواء في جنوب ووسط العراق، أو غيره، وضد كل دول المنطقة التي تحاول استغلال الفوضى وفرض جمهورياتها الصغيرة المقتطعة من وسط الحروب. وتسارع تقارب السعودية مع العراق، كما يبدو، تصحيح مهم في السياسة الخارجية تجاه هذه المناطق التي تحتاج إلى التقارب وليس إلى التجاهل.

ومع أننا ضد تقسيم العراق لصالح أي جماعة كانت؛ فإن هذا لا يعني السكوت عن محاولة إضعاف المكون الكردي العراقي المهم جداً في التوازنات العراقية؛ بل والمهم للمنطقة. وبالتأكيد لا يفترض أن نقبل بإضعاف سلطة مسعود بارزاني، رئيس الإقليم، أحد أهم زعماء العراق والمنطقة كلها. هناك قوى كردية تريد استغلال الأزمة الحالية ضد مسعود وسلطته، وهناك تركيا وإيران، وكذلك حكومة بغداد، تضعفه بتبنيها عقوبات مباشرة على الإقليم وعلى سلطاته، وتهديده عسكرياً.

نعم أخطأ الأكراد بإجراء الاستفتاء، واعتبار نتيجته مرجعية لتشريع الانفصال وإقامة دولة مستقلة، إنما هذه خطوة صدر ضدها «فيتو» عراقي وإقليمي، وتم إجهاض المشروع. ويفترض بعدها أن تعالج الأزمة الكردية، ليس بالمواجهة والتصعيد؛ بل بالمصالحة بين أربيل وبغداد، فالمشروع أجهض وسقط وانتهى. محاولة بعض القوى العراقية ملاحقة القيادات الكردية العراقية لا تصب في مصلحة بغداد، ولا مصلحة حكومة حيدر العبادي، بل تزيد الشقة اتساعاً. ولنتذكر أن الموقف الكردي في بغداد، المساند لبقية القوى العراقية، ساهم في إنهاء رئاسة نوري المالكي عندما رفض الخروج، وكان يريد الاستمرار رئيس وزراء بصلاحيات مطلقة ومدى الحياة. الأكراد مهمون في ميزان القوى في النظام السياسي العراقي، كما تم بناؤه في مرحلة الاحتلال الأميركي. استغلال الأزمة بإضعاف الأكراد وحكومة إقليمهم مشروع إيراني، ويناسب الميليشيات المسلحة مثل «الحشد الشعبي» التي، وإن رفعت الراية العراقية، وأضفت على نفسها الشرعية، تظل ميليشيا تنافس الجيش العراقي؛ قوة البلاد الشرعية، وتهدد وحدة البلاد.

وحتى تتوقف نزعات الانفصال، والتهديدات بتهميش سلطات العاصمة، فإن الحل يبقى تطبيق الوعود والالتزامات التي كونت الدولة الحديثة وكتبت دستورها. الدولة العراقية لكل العراقيين، وليست للأغلبية أو الأقوى تسليحاً، وسلطاتها منصوص عليها دستورياً، وليست المرجعيات الدينية، أو الميليشيات والعشائر المسلحة، أو من القوى الخارجية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين رفض الانفصال وإلغاء الأكراد بين رفض الانفصال وإلغاء الأكراد



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 00:17 2018 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل شرطي في حادثة انقلاب حافلة في القنيطرة

GMT 23:39 2016 الثلاثاء ,13 أيلول / سبتمبر

تناول مكسرات اللوز بانتظام تحميك من زيادة الوزن

GMT 11:00 2017 الأحد ,08 تشرين الأول / أكتوبر

حمام "ربي" أشهر المنتجعات الصحية المثيرة في الجزائر

GMT 13:45 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ضحية جريمة مراكش تقدّم روايتها حول حادث قتل فيه صديقها

GMT 06:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

عرض أحد أقدم أندية إيطاليا للبيع بشكل رسمي

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 07:18 2019 الجمعة ,05 إبريل / نيسان

دركي يدهس شابًا بسيارته في مدينة القنيطرة

GMT 00:06 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل الديكورات المناسبة مع وجود نافورة مُميّزة في منزلك

GMT 04:30 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

جينيفر لوبيز شِبه عارية على غلاف إحدى المجلات

GMT 12:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

انخفاض احتياطي المركزي الأردني من العملات الأجنبية 14%

GMT 10:35 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

انقلاب قطار بين الرباط والقنيطرة وأنباء على سقوط ضحايا

GMT 06:16 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

تألقي بأجمل ساعات "فيرساتشي"التي تعكس الرفاهيّة على إطلالتك
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca