ما وراء الاعتداء على أستاذ وارزازات؟

الدار البيضاء اليوم  -

ما وراء الاعتداء على أستاذ وارزازات

بقلم - عبد العالي حامي الدين

اللكمات التي تعرض لها أستاذ الاجتماعيات بإحدى الثانويات بوارزازات من طرف أحد تلامذته، هي تمرين صادم على ما نحن ذاهبون إليه من توترات، على ضوء الأرقام والمؤشرات الخطيرة التي تكشف عنها المعطيات الرقمية المتعلقة بالشباب.
فمستقبل أي بلد تحدده ثروته البشرية، ومستقبل المغرب خلال العقود الثلاثة أو الأربعة المقبلة يمكن أن نقرأه من خلال الأرقام المتوفرة اليوم، حول 12 مليون شاب تتراوح أعمارهم بين 16و35 عاما، أي ما يمثل ما بين 33% و35٪‏ من ساكنة المغرب.
دعونا نلقي نظرة سريعة حول الأرقام الرسمية، لنعرف منسوب استفادة الشباب من التعليم، والتغطية الصحية والاندماج الاجتماعي والتأطير السياسي، قبل أن نعرف ماذا ينتظرنا في المستقبل.
ثلثا الشباب لا ينجحون في إكمال مشوارهم الدراسي، أزيد من 270.000 يغادرون التعليم كل سنة (دون احتساب نسبة الهدر المدرسي المرتفعة في أوساط الأطفال أقل من 15 عاما، والتي تتجاوز 300.000 تلميذ سنويا، مع العلم أن أكثر من مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 9 و14 عاما، لم تتوفر لهم فرصة الولوج إلى المدرسة أصلا!!)…)
72%  من وقت الشباب يضيع في أنشطة غير منتجة وغير مربحة، 82% من الشباب لا يمارس أي نشاط، 20% نسبة البطالة في أوساط الشباب من 15 إلى 24 عاما.. ولكم أن تتصوروا نتائج هذا الفراغ المهول الذي لن ينتج سوى الجريمة والانحراف وكافة أشكال التوتر الاجتماعي، والاضطرابات النفسية، ولذلك ليس غريبا أن نجد خمس الشباب المغربي 1/5 يعاني من اضطرابات نفسية، أغلبيتهم تزداد وضعيتهم الصحية سوءا.
أمام هذه الأرقام الصادمة، يمكن أن نفهم حجم التوترات الاجتماعية وحجم الظواهر العنيفة التي تعبر عن نفسها في تنامي اللجوء إلى العنف والسرقة والمخدرات و” التشرميل” والتطرف والإرهاب والهجرة السرية.. والأخطر انهيار منظومة القيم الأخلاقية والتربوية التي كانت تؤطر العلاقات الاجتماعية..
لكن، ماذا عن مؤسسات التأطير السياسي والتنشئة الاجتماعية؟ 1% فقط، من الشباب المنخرط في حزب سياسي وما بين 10 و15%، هي نسبة انخراط الشباب في العمل الجمعوي…!
هذه النسبة مرشحة للمزيد من الانهيار مع حملات التبخيس والإهانة التي تتعرض لها المؤسسات الحزبية بالمغرب، ومع حجم الهشاشة التي تكشف عنها طريقة التعاطي مع نتائج العملية الانتخابية كإحدى أهم مخرجات العملية السياسية، ومع التراجع المهول في العمل الجمعوي التربوي لفائدة الجمعيات التنموية القريبة من منطق المقاولة الربحية.
طبعا، لا مجال لتعويم المسؤوليات، نحن نجني اليوم نتائج نموذج اقتصادي وتعليمي، ونجني، أيضا، نتائج نمط في التدبير السياسي لا يسمح للسياسات العمومية القطاعية والاجتماعية مهما بلغت من طموح أن تحقق النجاعة والفعالية المنتظرة منها، فضلا عن عدم ملاءمة العديد من البرامج المعتمدة لجميع الشرائح الشبابية المعنية.
حاجتنا اليوم إلى ثورة حقيقية في منهجية التعاطي مع مشكلات الشباب وتطلعاتهم، وهو ما يتطلب تغييرا عميقا في العقليات يتعامل مع الشباب كثروة بشرية حقيقية وليس كعبء اجتماعي، ويشتغل بأدوات الإنصات الحقيقي لفهم إكراهاتهم والإسراع لتوفير الإجابات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية المطلوبة، وإلا فإن المقبل أسوأ..

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما وراء الاعتداء على أستاذ وارزازات ما وراء الاعتداء على أستاذ وارزازات



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca