إنها النزعة الحيوانية!

الدار البيضاء اليوم  -

إنها النزعة الحيوانية

بقلم - عبد العالي حامي الدين

حينما اعتبر أرسطو في كتاب “السياسة” أن الإنسان حيوان سياسي، فإنه كان يعي جيدا بأن الممارسة السياسية ليست بالضرورة منضبطة لمجموعة معارف نظرية أو لمنظومة أخلاقية معينة، بقدر ما هي تعبير عن غرائز “فطرية” تحيل على حب السيطرة والتملك والعدوانية وإرادة البقاء..
ومع ذلك، فإن هذا الإنسان في نظر أرسطو هو ذلك “الحيوان العاقل”، ووظيفته هي أن يعقل الأمور، وتبعًا لذلك تكون الحياة السعيدة للإنسان هي تلك الحياة التي يحكمها العقل..
كان هذا التعريف قبل أزيد من ثلاثة قرون على ولادة المسيح عليه السلام، واستمر مع فلاسفة آخرين من مختلف العصور والأزمنة، إلى درجة أن صاحب “كليلة ودمنة”، بدوره أطنب في تحليل طِباع الحيوانات واستخراج مجموعة من القواعد الثابتة، منها التي تصلح كنصائح للحاكم تعينه على تدبير شؤون الحكم، وتسعفه للحفاظ على حكمه بالدرجة الأولى.
لا يمكن تجاهل علاقة السياسة بالغريزة وبالمشاعر والعواطف التي قد تكون متناقضة، فهي ذلك الحقل الذي يجمع بين التضحية والخديعة، بين الإخلاص والخيانة، بين نكران الذات والأنانية..
ولذلك، ليس غريبا أن يربط صاحب “طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد” بين الاستبداد ونزوات الحاكم المستبد وانفعالاته وتقلب مزاجه، كما أن المحكومين ليسوا بدورهم معصومين من هذه اللوثة العاطفية، فكثيرا ما ارتبطت عواطف الجماهير بحكام مستبدين، وكثيرا ما خرجت الفئات الأكثر فقرا وبؤسا وتضررا من سياسات حكامها، خرجت للشارع تبكي فقدانها حكامها المستبدين !!
الكارثة العظمى هي حينما تصيب هذه النزعة الحيوانية المجموعات السياسية التي انتدبت نفسها لإصلاح أحوال السياسة وأعطابها وانحرافاتها..
حينما أصبحت السياسة عند البعض حرفة من لا حرفة له، ووسيلة للتسلق الاجتماعي، فمن الطبيعي جدا أن يتراجع نقاش الأفكار والأطروحات النظرية ليفسح المجال لصراع المصالح، وحينما يتراجع نقاش الأفكار ومداخل الإصلاح يصبح الطريق سالكا أمام صراع العضلات وتعبئة  “الفيدورات”، عوض المناضلين..
لا تتعبوا أنفسكم وأنتم تتابعون فصولا من الانفصام النكد بين المرجعيات والأدبيات الجميلة، وبين الممارسات البئيسة التي تنتج اليأس والإحباط… ابحثوا عن النزعة الحيوانية في الإنسان لتفهموا بأنه قادر على تدمير نفسه ومن حوله، حينما يتجرد من الأخلاق ..
داء العطب قديم والنخبة الإصلاحية تعيد أخطاءها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنها النزعة الحيوانية إنها النزعة الحيوانية



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca