«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (7)

الدار البيضاء اليوم  -

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين 7

مشعل السديري
بقلم - مشعل السديري

حكي عن أبي عبد الله النميري أنه قال: كنت يوماً مع المأمون، فركب للصيد ومعه سرية من العسكر، فبينما هو سائر إذ لاحت له طريدة، فأطلق عنان جواده، فأشرف على نهر ماء من الفرات، فإذا هو بفتاة عربية ممشوقة القد، قاعدة النهد، كأنها القمر ليلة تمامه، وبيدها قربة قد ملأتها وحملتها على كتفها، وصعدت من حافة النهر، فانحل وكاؤها فصاحت برفيع صوتها: يا أبت أدرك فاها قد غلبني فوها لا طاقة لي بفيها، قال: فعجب المأمون من فصاحتها فرمت القربة من يدها، فقال لها المأمون: يا فتاة من أي العرب أنت؟ قالت: أنا من بني كلاب، قال: وما الذي حملك أن تكوني من الكلاب؟ قالت: والله لست من الكلاب وإنما أنا من قوم كرام غير لئام يقرون الضيف، ويضربون بالسيف، ثم سألته: يا فتى من أي الناس أنت؟، قال لها: أنا من مضر، فسألته: من أي مضر؟ قال: من أكرمها نسباً، وأعظمها حسباً، وخيرها أماً وأباً، وممن تهابه مضر كلها، قالت: أظنك من كنانة، قال: أنا من كنانة، فسألته: فمن أي كنانة؟ قال: من أكرمها مولداً وأشرفها محتداً وأطولها في المكرمات يداً، ممن تهابه كنانة وتخافه، فقالت: إذن أنت من قريش، قال: أنا من قريش، فسألته: من أي قريش؟ قال: من أجملها ذكراً وأعظمها فخراً، ممن تهابه قريش كلها وتخشاه، قالت: أنت والله من بني هاشم، قال: أنا من بني هاشم، ثم عاودت سؤاله: من أي هاشم، قال: من أعلاها منزلة، وأشرفها قبيلة، ممن تهابه هاشم وتخافه، فعند ذلك قبلت البنت الأرض، وقالت السلام عليك يا أمير المؤمنين، قال: فعجب المأمون وطرب طرباً عظيماً وقال: والله لأتزوجن بهذه الفتاة لأنها من أكبر الغنائم، وأنفذ خلف أبيها وخطبها منه، فتزوجها، وهي والدة ولده العباس - انتهى.
هذه البنت بفصاحتها ونباهتها وثقتها بنفسها، لا أقول إنها (ألقمت) المأمون حجراً، ولكنها بكل تأكيد تغلبت عليه (بالضربة القاضية) بمعلوماتها الغزيرة وأدبها الجم وأعصابها الفولاذية، ولتتأكدوا من ذلك إليكم سؤال المأمون لها عندما قال من أي العرب أنت؟!، فأجابته: أنا من بني كلاب، ويا ليته سكت وانطم، ولكنه سألها بسذاجة وكأنه يريد أن يخفف دمه عندما قال: وما الذي حملك أن تكوني من الكلاب؟!
فعاجلته بنت أبيها قائلة بفخر: والله لست من الكلاب، وإنما أنا من قوم كرام غير لئام.
المهم في النهاية جابت مناخيره بالأرض، عندما خطبها وتزوجها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين 7 «وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين 7



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca