علموهم أن الحب اشتراك لا امتلاك

الدار البيضاء اليوم  -

علموهم أن الحب اشتراك لا امتلاك

خالد منتصر
بقلم : خالد منتصر

كشفت لنا جريمة قتل نيّرة، طالبة آداب المنصورة، على يد زميلها عن خلل رهيب فى بنية العلاقات العاطفية فى مصر، لا يوجد أحد فى مصر يبصّر الشباب والمراهقين بمعنى الحب وبنية الحب وشكل الحب وخريطة الحب وجينات الحب، ويعرّف البنت من هو الولد وما هى تركيبته النفسية، ويعرّف الولد ما هى البنت وما هى تركيبتها النفسية؟ حدثت جريمة القتل لأن هذا الشاب تربى، مثل معظم المصريين، على أن الحب امتلاك، البنت مفعول به وهو الفاعل، البنت جارية وهو السيد، البنت شهرزاد وهو شهريار، تربى على ثقافة الفرمانات، الشاب لم يغادر بعد عتبة الأنانية الطفولية، ما زال يدبدب بقدميه فى الأرض «عايز اللعبة»، يصر على امتلاكها وهى فى الفاترينة حتى لو لم يمتلك ثمنها.

فى الخارج هناك كتب كثيرة مكتوبة على أساس علمى ومن البيست سيلرز، كلها تتحدث عن علاقات الحب والزواج بشكل فى غاية التشويق والجاذبية، كل منا لا يولد وهو يعرف خريطة مخ الجنس الآخر، لذلك لا بد أن نتعلم وألا نخجل من التعليم حتى فى الحب، كلنا على يقين أن الحب له أساس غريزى وفطرى، لكن آلية بناء علاقة عاطفية ناجحة هو شىء مكتسب لا بد أن نتعلمه وألا نكتفى بمجرد البلبطة العشوائية فى بحره، تعلُّم فن وعلم السباحة هو الذى يحقق المكسب والأرقام القياسية، لكننا ما زلنا نتبنى فى الحب نظرية «ارميه فى البحر وسيبه يبلبط».

الحب علاقة شراكة لا امتلاك، مفيش حاجة اسمها حتجوزك غصب عنك، أو أقيم علاقة رغماً عن أنفك، الشاب عندنا طالما بدأ علاقة الحب لا يعترف بأنها فترة اختبار مشاعر، وعندما يتزوج ينسى أن الحب نبات يحتاج للرى الدائم، ولا ينفع أن نتركه فى هجير الصحراء، فلا شىء ينمو فى هذا الهجير إلا أشواك الصبار المر الجارحة، نحتاج فى الجامعات والنوادى ومراكز الشباب إلى تدريب على الحب، سيصرخ معظمكم: «بلاش فسق، كفاية، عايزين تعلموهم الفجور؟!»، السؤال: لماذا تربطون الحب دائماً بشهوة اللقاء الجنسى، الحب أجمل عاطفة بشرية لا بد من فهمها، وطالما هى بين شخصين فلابد أن يتعرّف كل طرف على تضاريس روح وعقل ووجدان الطرف الآخر.

صرخ البعض بحماقة أن الاختلاط هو السبب فى تلك الجريمة، واستغلوها فرصة لتمرير كل أفكار زنزانتهم الداعشية، الاختلاط ليس خلطاً لأسوأ ما فينا، ولكنه مزج وتفاعل لأنبل وأجمل ما فينا من مشاعر، كل أهالينا وآبائنا وأمهاتنا فى الستينات الذين كانوا فى الجامعة كانوا يعيشون اختلاطاً صحياً جميلاً فى مناخ سلام وسماحة وتفاهم وعلاقات حب تنمو على مهل وتتنفس أوكسجين الحرية وتتقدم بثبات وثقة وبهجة وفرح، علموهم أن الحب اشتراك لا امتلاك.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

علموهم أن الحب اشتراك لا امتلاك علموهم أن الحب اشتراك لا امتلاك



GMT 05:57 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون!

GMT 05:52 2023 الإثنين ,07 آب / أغسطس

الوحش الذي ربّته إسرائيل ينقلب عليها

GMT 13:01 2023 الإثنين ,22 أيار / مايو

منطق ويستفاليا

GMT 09:32 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 04:57 2022 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

‎"فتح الفكرة التي تحوّلت ثورة وخلقت كينونة متجدّدة"

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca