المبادرة السعودية: أمل وحل

الدار البيضاء اليوم  -

المبادرة السعودية أمل وحل

حسين شبكشي
حسين شبكشي

أزمة اليمن تحولت مع الوقت إلى مسألة سياسية معقدة للغاية، وأصبحت من أهم وأكبر تحديات العالم الذي أصبح يسعى لوضع حد لها بأسرع وأنسب طريقة ممكنة. واليوم باتت أمام المجتمع الدولي بأسره فكرة حقيقية وذهبية وفي منتهى الوضوح والجدية لإنهاء حالة الحرب الحاصلة في الأزمة اليمنية، وذلك بعد إعلان السعودية عن مبادرتها لإنهاء الحرب في اليمن بشكل مفصل.
قدمت السعودية مبادرة متكاملة ودقيقة التفاصيل وشاملة. فالمبادرة التي بنيت على مرجعيات قانونية أممية، وأشارت إلى مبادرات إقليمية سابقة، خاطبت جميع النقاط الجوهرية الأساسية للجوانب السياسية والعسكرية والإنسانية، التي يمكن البناء عليها بشكل فوري. وهذا بالضبط الذي جعل المبادرة تلقى التعليقات الرسمية المؤيدة والمرحبة بها من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي و الأمم المتحدة والعديد من الدول الأخرى المختلفة، خصوصاً من دولتين مؤثرتين لعبتا دور الوساطة؛ والمقصود هنا كل من الكويت وعُمان.

كان أهم ما ورد في التعليقات الأولية على المبادرة السعودية بخصوص اليمن، هو الإجماع على إمكانية التوصل إلى حل بناء عليها، وأن الكرة الآن في ملعب الحوثيين. وكان تعليق الحوثيين الأولي الذي صدر بعد دقائق بسيطة جداً من انقضاء المؤتمر الصحافي، سلبياً ورافضاً المبادرة بحجة أنها «لم تأتِ بجديد»، ثم صدر تعليق آخر بأن الحركة الحاكمة في صنعاء «تقوم بدراسة المبادرة».

ورغم إدراك المتابعين الشأن اليمني أن قرار الحوثيين لم يعد مستقلاً، وأن هناك سيطرة على القرار الحوثي ومفاتيحه في طهران، فإن ما لا يستطيع الحوثي إنكاره أن الحالة الشعبية بشكل عام في الشارع اليمني تؤيد وبقوة المبادرة الأخيرة؛ لأنها ترى فيها حلاً شاملاً للأزمة، وإيقافاً فورياً لإطلاق النار، وبداية النهاية لحرب طويلة أنهكت الجميع بلا استثناء. ولكل الأسباب التي سلف ذكرها، يبقى موقف الحوثي «الرافض» المبادرة ومن دون الاستعداد للخوض فيها ولو من باب حقن الدماء، مسألة سيدفع ثمنها الحوثي سياسياً ليس على الصعيد الدولي فحسب؛ ولكن أيضاً على الصعيد المحلي.

لم تُطرح مبادرة متكاملة بهذا الشكل من قبل بخصوص الأزمة اليمنية المعقدة، ومن الضروري جداً أن يحمل همّ ومسؤولية إنجاحها ليس الحوثي فحسب؛ بل كل عضو من أعضاء المجتمع الدولي؛ سواء أكان بدوله أم بهيئاته ومؤسساته الكبرى والمهمة، وهم الذين كانوا دوماً ما يثيرون أزمة الحرب اليمنية وضرورة وضع نهاية لمأساتها.

اليوم هناك مبادرة سعودية متكاملة الأطراف، بنيت على قاعدة ومرجعية قانونية أممية، فهي استندت فيها إلى قرار للأمم المتحدة وغطت فيه نقاطاً سياسية وإنسانية ولوجيستية بشكل متكامل. المجتمع الدولي، ومن الجانب الأخلاقي والإنساني، وعملاً بالبراغماتية العملية السياسية، مُطالب بالتعامل مع الورق الموضوع على الطاولة، خصوصاً إذا كان في هذا الورق حل فوري ومتكامل لمشكلة معقدة ومكلفة، وآن أوان إطفاء نيرانها بشكل فوري، وبالتالي تأخذ المبادرة السعودية الحالية بعداً دولياً مهماً ومؤثراً جداً، وذلك باعتبارها «الورق الوحيد من نوعه الموضوع على الطاولة».

المبادرة السعودية الأخيرة بحصولها على الدعم الدبلوماسي المبدئي من العديد من رموز المجتمع الدولي تحولت «أدبياً» إلى مبادرة دولية لم تعد تعني المملكة العربية السعودية ودول التحالف العربي فحسب؛ ولكنها أصبحت مسؤولية أممية. الكرة ليست في ملعب الحوثيين وداعميهم في طهران فحسب؛ ولكنها أيضاً في ملعب كل دولة وكل كيان دولي كان يردد باستمرار ضرورة إنهاء أزمة اليمن ووقف نزف الحرب فيها ووضع حد للكارثة الإنسانية الناتجة بسببها هناك.

اليوم هناك مبادرة جادة وحقيقية وشاملة وكاملة لوضع حد لكل ذلك، وبقي أن يعرف العالم ويتأكد ممن يقدم الحلول ويروّج لها، ومن يرفضها ويعمل على مواصلة المسلسل الدموي الرهيب.

المبادرة السعودية لإنهاء أزمة اليمن ووقف الحرب فيه جاءت في وقتها وتستحق كل الدعم المطلق، فالبديل لن يكون إلا المزيد من المآسي والدماء، وهي خيارات لا ترضي أي ضمير عاقل وسوي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المبادرة السعودية أمل وحل المبادرة السعودية أمل وحل



GMT 09:12 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الخضرة والماء والوجه الحسن

GMT 09:08 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

اللبنانيّون وقد طُردوا إلى... الطبيعة!

GMT 09:04 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الضوء الأخضر للإرهاب

GMT 08:57 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

تايوان... «أوكرانيا الصين»!

GMT 08:52 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

أصوات العرب: جوّال الأرض

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca