فليسقط أحمد آغا

الدار البيضاء اليوم  -

فليسقط أحمد آغا

سمير عطاالله
سمير عطاالله

لا أعرف أي مدينة ملأى بالحكايات الشعبية أكثر من غيرها، القاهرة أم بغداد؟ ويهيأ لي أن بغداد هي الأغنى لكثرة ما عرفت من شعوب وحكام وغزوات ومخيلات. ويكفي أن تكون مصدر ألف ليلة وليلة، والسندباد، وعصر هارون الرشيد، حتى تصبح «أم الحكايات» قبل «أم المعارك». وفي أي سهرة عراقية أنت معرض حتماً للأغاني الحزينة والحكايات المضحكة، ولا بد للراوي، أو للمغني، أن يتمتع بحنجرة رخيمة للغناء، وجهورية للسرد.

طبعاً لن نغني لجنابكم، لكن دعني أنقل لكم هذه الحكاية التي يفترض أنها حدثت في أواسط القرن التاسع عشر. خلاصتها أنه كان في بغداد سلطان متشدد أوكل فرض القانون إلى قاضٍ قاس يدعى الحاج أحمد آغا.

ذات يوم جاءت امرأة إلى أحمد آغا تشكو إليه ابنها الذي يسيء معاملتها. فأمر الآغا بأن تبحث عن الابن في بغداد، وتجعله يحملها على كتفيه، ويدور بها المدينة، وجعل شرطياً يرافقها. لكن في المراحل الأولى من البحث أشفقت المرأة على الابن، ولم يكن في إمكانها أن تنقض حكم الآغا. وهكذا قررت أن تدل الشرطي الذي يرافقها على أول رجل تراه.

قرأ الشرطي على الرجل المسكين حكم الآغا، وأمره بأن يحمل «أمه» على ظهره، ويجول بها في شوارع بغداد. بعد فترة من الجولة، مر هذا أمام دكان شقيقه الذي ذُهل لِما يرى، فصاح به سائلاً: ماذا بك، ومن هي هذه المرأة؟ فأجاب إنها أمنا، وقد أمر الآغا أحمد بأن أحملها في شوارع بغداد. فقال الشقيق: لكن أمنا متوفاة منذ عشرين عاماً. فقال المعاقب: طبعاً أعرف ذلك، لكن حاول أن تشرح الأمر إلى الحاج أحمد آغا.

يسعى العراقيون منذ زمن إلى التخلص من نظرة الحاج أحمد إلى القانون والحكم. يسعون إلى استقرار مستديم يمكنهم من أن يخططوا لمستقبل أولادهم وحياتهم. إلى دولة لا تأخذهم كل يوم إلى الحرب، في كل الاتجاهات، دون أن يجرؤ أحد أن يسأل أحمد آغا: والآن لماذا حروب لا يقتل فيها الرجال فقط بل آلاف النساء والأطفال؟

مصطفى الكاظمي تجربة أخرى في حياة العراق. يريد بلده للناس، لا لحزب ولا لرجل ولا لفئة. يبحث عن ألفة وهدوء «لمدينة السلام» التي تؤخذ كل يوم إلى موت، بالطائرات، بالدبابات، بالمجاعة، بالكيماويات، بمعاداة البشر كلهم.

ليس معه أحد سوى العراقيين. وهم عندما أعطوا الفرصة خرجوا بأكثريتهم يهتفون فليسقط أحمد آغا وتراثه وجلاوده. هناك حياة أخرى في هذه الحياة، غير السجون والتفجيرات والاحتلال الذي يسبب احتلالات.

تجربة الكاظمي خيار عراقي، أولاً وأخيراً. ولا بد أن يكون السلام أكثر شجاعة من القتل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فليسقط أحمد آغا فليسقط أحمد آغا



GMT 09:12 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الخضرة والماء والوجه الحسن

GMT 09:08 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

اللبنانيّون وقد طُردوا إلى... الطبيعة!

GMT 09:04 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الضوء الأخضر للإرهاب

GMT 08:57 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

تايوان... «أوكرانيا الصين»!

GMT 08:52 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

أصوات العرب: جوّال الأرض

GMT 02:43 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

حسن الرداد في ضيافة "أبلة فاهيتا" في "الدوبلكس"

GMT 01:14 2014 الأربعاء ,25 حزيران / يونيو

أهمية الكمون واستخداماته وفوائده الصحية

GMT 06:10 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

"ذا فويس كيدز" يواصل مشوار النجاح واستقطاب أكبر نسبة مشاهدة

GMT 11:57 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

المراهقة السياسية المتأخرة‎

GMT 11:43 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

2262 طن خضار وفواكة ترد للسوق المركزي في الأردن

GMT 08:55 2018 الخميس ,08 شباط / فبراير

قائمة بأفخم وأفضل الفنادق في الشرق الأوسط

GMT 04:12 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

سهام جلا تعود بقوة إلى الوسط الفني خلال مجموعة أعمال

GMT 10:25 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

أطعمة خالية من السعرات الحرارية وتساعد في حرق الدهون

GMT 05:32 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

قطر تُقرر مقاطعة نجوم " روتانا " بسبب الأزمة الخليجية

GMT 13:39 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

سعر الريال السعودي مقابل درهم إماراتي الثلاثاء

GMT 09:39 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

إليسا تشارك محمد حماقي سهرة عشاء في القاهرة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca