في اتجاه عقارب الساعة

الدار البيضاء اليوم  -

في اتجاه عقارب الساعة

حسن البطل
بقلم : حسن البطل

- «قولك؟.. إذا ما نجحنا.. ما منرسُب»؟

- «ما فيك تُحكُم»!

ينسب العرب السوريون هذه الحوارية الساخرة لمواطنيهم العرب السوريين.. العلويين. في حمص ينسبون شيئاً سخيفاً إلى حماة؛ وفي حلب ينسبونه إلى الشام؛ والشوام يسخرون من الجميع (فقط، فلسطينيو سورية يسخرون من الشوام؟).. وكل السوريين يسخرون من «الجَدْبة الحمصية».

ماذا فعل «المجدوب الحمصي» من حماقة؟ وقف على ضفة نهر العاصي، وراح يغرف من ماء النهر سطلاً.. ويعيده إلى الوراء!

كل أنهار سورية تسير من الشمال للجنوب (الفرات والخابور وبليخ) أو من الشرق للغرب (أنهار جبال العلويين القصيرة) أو من الغرب للشرق (بردى، والأعرج).. إلا هذا «العاصي» يتجه شمالاً من منبعه في البقاع اللبناني، قبل أن ينعطف غرباً إلى البحر. غرب نهر العاصي هناك «جبال العلويين».

إذا لم تنجح تسقط.. حكماً، لكن «ما فيك تحـكـ(و)م». وهكذا، حكم بلاده أسد سورية، ابن القرداحة العلوية حيث يلفظون «القاف» أكثر فخامة مما يلفظها الدروز. أما الشوام.. فيلفظونها أرق لفظ عربي من المحيط إلى الخليج.

.. وللسيد هنري كيسنجر مقاربة تصويرية لأسلوب الأسد لا تختلف عن «ما فيك تحكم».. ولا تستطيع الجزم!
***
إذا جئت الشام من الغرب تستقبلك «ساحة الأمويين»؛ ومن الشرق تستقبلك «ساحة العباسيين». قُلْ إن جهة الساحتين مصادفة مقصودة. أو قُلْ إن «ساحة الأمويين» تختصر الشام، التي تختصر سورية الدولة.. وسورية الطبيعية.

وكان يحب مشاوير الماء في «شانزليزيه الشام»، كما أخبرني شقيقه جمال خير بك، ونحن نمشي من ساحة الأمويين إلى الجسر فوق «بردى»، قرب «التكية السليمانية» أو «مفرق جامعة دمشق». ثلاثة إخوة. ثلاثة شعراء. ثلاثة أصدقاء. لا أحد منهم تشوب عروبته السورية الرحبة نزعة علوية.
***
كان اسمه «يسار عسكري»، وكان فلسطينياً بعثياً بارزاً آنذاك. نمشي ونحكي من ساحة الأمويين إلى الجسر. ثم نفترق» يقترح محمد حافظ يعقوب أن ننعطف لزيارة «يسار عسكري» والدردشة معه.. يذهب معه صاحباي فاروق أبو العينين، وعدنان الأسدي.. وأبقى وحيداً.

لا أذكر من حوار الأصدقاء مع «يسار عسكري» شيئاً، سوى اسمه الطريف. كل واحد معنا أضحى في قارة أو بلد.

ونهر بردى يجري من الغرب إلى الشرق.. ناعساً جداً في ليالي الصيف.
***
جاء مع زحف مناضلي الريف إلى العاصمة، وكان اسمه «يوسف زْعَيِّن». له طول قامة رئيس وزراء تركيا الراحل «تورغوت أوزال» له ملامحه. له ضحكته الطيبة ذاتها.

كان يوسف زعين رئيس وزراء سورية بعد هزيمة حزيران 1967، أهمل حلاقة ذقنه. صار يتردد كثيراً على قواعد الفدائيين ومكاتبهم في مخيم اليرموك.

كان بعثياً طيباً جداً.. وفي صراع الرفاق وجد نفسه نزيل سجون الأسد سنوات طويلة جداً.
***
حتى العام 1971 كان حافظ الأسد يقيم في شقة متواضعة في «شارع الباكستان» المتفرع عن «ساحة السبع بحرات». بعد 25 عاماً جاءت من باريس، ورويتُ لها القصة في رام الله. هي ضحكت فقط.

هذه هي القصة: كتبتُ اسمها على صبّة باطون طرية.. أمام بيت وزير الدفاع حافظ الأسد، وكان الوقت آخر الليل.. وليلة سقوط الثلج.

طردني الحارس أنا وصديقي العراقي كاظم عويد (البعثي المنشق للجناح السوري). في صباح اليوم التالي، كانت سيارة الأسد مرت بعجلاتها فوق اسم الحبيبة.

الحبيبة تزوجت صديقي. وصديقي الطبيب هرب من الجيش السوري والتجأ إلى باريس. قالت لي في رام الله: بعد أيلول عمان 1970 قلت لي شيئاً عن فلسطين.. من يومها أصدق ما قلتَ، ما تقولُ.. وما ستقولُ؟!

- ماذا قلت أنا لك، آنذاك، يا سلوى؟

- لن أقول لك.. حتى تتحقق نبوءتك.

وأنا نسيت النبوءة!
***

قال «العقيد بسام» رئيس قسم فلسطين في استخبارات الجيش السوري: سورية مثل بلادك. ستموت هنا بسلام بعد عمر طويل. لا تكتب عن «بلادك» مثلما تكتب.

وكانت ساعة الجدار تحوي صورة الأقصى، وكانت ساعة الجدار تحوي، أيضاً، صورة حافظ الأسد.. منتصف عقربي الساعة.

كان العقيد عقيداً حقاً، وفلسطينياً حقاً.. وكان بعثياً حقاً.

.. وفي غرفة أخرى سألوني: من هم أصدقاء طفولتك؟ قلت: نسيتهم كلهم، والذين أتذكرهم منهم حاربوا مع الفدائيين.. وماتوا.

ساعة الأقصى كانت تدق هناك على الجدار. وساعة الأقصى تدق هنا كل الجدران.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في اتجاه عقارب الساعة في اتجاه عقارب الساعة



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 17:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 02:52 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

العثور على أهرامات متنوّعة قبالة سواحل جزر البهاما

GMT 05:32 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

"جواغوار" تطرح سيارتها طراز E-1965 للبيع 5 حُزيران

GMT 16:36 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

العجز المالي لمولودية وجدة يبلغ 700 مليون سنتيم

GMT 15:14 2015 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

صعقة كهربائية تودي بحياة عامل بناء ضواحي مراكش

GMT 05:18 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

علماء يحددون مكان بداية مرض الزهايمر المدمر في المخ

GMT 05:42 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

سراييفو تعتبر واحدة من أكثر المدن إثارة في أوروبا

GMT 04:34 2018 السبت ,10 شباط / فبراير

عَرْض سيارة إلتون جون موديل 1997 الوحيدة للبيع

GMT 07:41 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

تجميع أكبر خريطة قديمة بعد أكثر من 400 عام

GMT 04:41 2014 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

مها أمين تطرح مجموعة جذابة من تصميمات "الكروشيه"

GMT 17:30 2016 الخميس ,29 أيلول / سبتمبر

الهولندي أرين روبن يسعى للبقاء مع "بايرن ميونيخ"

GMT 03:09 2014 الجمعة ,19 كانون الأول / ديسمبر

بريطانية تنجب 4 توائم دون تدخل طبي وبعد انتظار 4 سنوات
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca