1967 وسقوط الحلم العربي

الدار البيضاء اليوم  -

1967 وسقوط الحلم العربي

بقلم : جهاد الخازن

في مثل هذا اليوم قبل 50 سنة بدأت حرب حزيران (يونيو) 1967، التي تُسمّى أيضاً حرب الأيام الستة، ومُنيَ العرب بأفدح هزيمة في تاريخهم الحديث، هزيمة لا تزال نتائجها، أو آثارها، مستمرة حتى اليوم.

كنت طالباً في الجامعة الأميركية في بيروت، أدرس العلوم السياسية، وأيضاً رئيس نوبة في وكالة الأنباء العربية، ثم رويترز. كانت نوبات العمل ثلاثاً، الأولى في الصباح، والثانية بعد الظهر حتى أول المساء، والثالثة حتى منتصف الليل.

في 5/6/1967 كنت رئيس نوبة الصباح، وقرب الساعة الثامنة صباحاً أعطاني مساعدي المسؤول عن متابعة نشرة الأخبار بالانكليزية خبراً مستعجلاً من إسرائيل يقول إن القوات المصرية بدأت هجوماً على إسرائيل.

ترجمت الخبر بسرعة ووزعناه على المشتركين العرب إلا أنني لم أعد الى مكاني في المكتب حتى جاء خبر من مصر أن الطائرات الإسرائيلية أغارت على قواعد الطائرات المصرية وتصدت لها الدفاعات المصرية ودمرتها.

كلنا يعرف اليوم ما حدث في ذلك اليوم المشؤوم. كانت نوبتي طولها سبع ساعات، فبقيت في المكتب خمسة أيام تخللتها ساعات في الخارج، ونمنا على أسرّة من نوع عسكري تغلق وتوضع جانباً.

أذكر أنني خرجت يوماً وقد تملكني الضيق من أخبار الكارثة فأوقفني حاجز للشرطة في بدء شارع الحمراء فقد كان منع تجول مفروضاً. قلت للشرطة إنني أبحث عن فرن خبز لأننا «جيّاع» في مكتب العمل، وأرشِدت الى فرن قريب. في مرة ثانية تذكرت عمي أبو السعيد أبو الريش، مدير مكتب تايم - لايف، واتصلت ببيت الأسرة هاتفياً فردت الخالة أم السعيد ودعتني لزيارتها فهي لم ترَ زوجها منذ أيام. زرتها يوم أعلن الرئيس جمال عبدالناصر استقالته وقامت تظاهرات في بيروت ترفض الاستقالة وتنتصر للرئيس. وقفت وأم السعيد على شرفة المنزل وأمامنا كورنيش البحر، ومرت بنا تظاهرة هتف المشاركون فيها باسم عبدالناصر ضد إسرائيل. أم السعيد لطمت خدّيها بيديها وقالت مَثلاً لم أكن سمعته من قبل هو: عدّي رجالك عدّي، الأقرع والمصدّي.

ذهبت في اليوم التالي الى الأغوار في الأردن، وكان الفلسطينيون في هجرتهم الثانية بدأوا يتوافدون من الضفة الغربية المحتلة ويقيمون في خيام أو في العراء. كانت الإذاعات كلها لا تزال تذيع خبر استقالة الرئيس المصري، والنازحون الفلسطينيون يبكون ويستنكرون. فجأة ظهر شاب أخذ يوبخ الباكين ويقول لهم إن عبدالناصر هو الذي شردهم هذه المرة وإنه مسؤول. بعض الشباب هجم على الشاب المعارض وهو تعرض لضرب وركل حتى خشيت أن يموت لولا أن بعض الشيوخ تدخل لإنقاذه، وأخرِج من المكان وهو لا يقوى على السير.

لن أدخل اليوم في أي تفاصيل عسكرية أو سياسية فهي معروفة، ولكن أروي ذكريات، فقد كان رئيس وزراء إسرائيل ليفي أشكول، وحكومته استغلت وجود قسم كبير من الجيش المصري في اليمن للهجوم على سيناء والجولان والضفة الغربية واحتلالها.

جمال عبدالناصر كان صاحب كاريزما هائلة، وهو توفي بعد ثلاث سنوات من الحرب، وأقول إنها عجلت بوفاته وعمره 52 سنة. الجيش المصري هزم جيش إسرائيل سنة 1973، ولولا تدخل الولايات المتحدة بجسر جوي من السلاح والعتاد لربما كانت دولة العدوان انتهت وارتحنا. الرئيس ليندون جونسون لبى استغاثة إسرائيل، ربما قبل أن تستغيث، وقبل أن تصل الى مسامعه الكلمات «أنقذوا أرواحنا».

العدوان لا يزال مســـتمراً، والولايات المتحدة طرف فيه ضد الفلسطينيين والعرب والمسلمين، إلا أن الحق سينتصر، وإن شاء الله في يوم قريب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

1967 وسقوط الحلم العربي 1967 وسقوط الحلم العربي



GMT 13:53 2021 الثلاثاء ,08 حزيران / يونيو

أخبار من السعودية وفلسطين والصين

GMT 13:54 2021 السبت ,24 إبريل / نيسان

بوتين ضد خصومه في الداخل والخارج

GMT 14:20 2021 الثلاثاء ,20 إبريل / نيسان

من يخلف الرئيس محمود عباس؟

GMT 20:50 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

"عند جهينة الخبر اليقين" وغيره من الشعر

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة

GMT 13:52 2016 الأحد ,20 آذار/ مارس

كريم طبيعي مزيل لرائحة العرق

GMT 08:47 2016 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

البامية للوقاية من الأمراض المستعصية والاكتئاب
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca