هل تتجرأ الحكومة وتوقٍف مشروع الباص السريع ؟!

الدار البيضاء اليوم  -

هل تتجرأ الحكومة وتوقٍف مشروع الباص السريع

أسامة الرنتيسي
بقلم : أسامة الرنتيسي

في عِلْمُ الاقتصاد والمال إيقاف الخسارة  ربح، وفي علم الأخلاق الرجوع عن الخطأ فضيلة، وفي علم السياسة مراجعة القرارات وتوزينها من جديد شفافية مطلوبة.وفي علم الكوارث، الجرأة في إيقاف مشروع الباص السريع إنجاز، والتفكير بأفضل الحلول لِما وصلت إليه الأحوال بعد أن أكل مشروع الباص ثلث مساحات الشوارع التي مر بها، وضاعف الازدحامات بشكل لا يمكن حل عواقبها إلا بقرارات جراحية عميقة أولها إغلاق الملف والبحث في وسائل الاستفادة مما جرى في العشر سنوات الماضية، وإعادة ترسيم الشوارع من جديد.

أربعة أشهر مرت على مرحلة تدشين وتشغيل الباص السريع بمرحلته الأولى، كمرحلة تجريبية، لم تُسهم هذه المرحلة في تخفيف ازدحامات السير بل أوصلت العاصمة عمّان في معظم الأيام والساعات إلى شبه “كربجة” حقيقية.

كما أن الدمار الذي تعرض له القطاع التجاري الذي مرت مسارب الباص السريع من أمام محالِّه لا يمكن معالجة أحواله أو حتى إنعاشه من جديد، وإنبرى لسان شهبندر التجار خليل الحاج توفيق من دون فائدة، لأن إغلاق بعض المحال التجارية لمدة سنتين، وقطع أرزاق أصحابها والعاملين فيها، لا يمكن بأي حال من الأحوال العودة مجددا للعمل في الأسواق التجارية.

لقد خربط مشروع الباص السريع حركة السير في الشوارع التي مر بها، بحيث تغيرت مسارات شوارع بعد سنوات من تَعوُّد الأردنيين على المسير فيها، وبشكل مفاجىء توضع أمامه آرمات ممنوع المرور في شوارع تعود لسنوات طوال على استخدامها، كما كثرت في الفترة الأخيرة القرارات الميدانية لرقباء السير، كي ينقذوا ما يمكن إنقاذه من الكوارث التي تسبب بها الباص السريع.

قصة “الباص السريع” شاهدة على كيفية إدارة الحكومات لقضايانا، فبعد أن قرر رئيس الوزراء السابق معروف البخيت إيقاف العمل به حتى إشعار آخر، وبعد أن قرر خَلَفَه عون الخصاونة إحالة قرارات لجنة التحقق النيابية الرابعة المتعلقة بأمانة عمان الكبرى ومنها قضية الباص السريع إلى وزير العدل لإحالتها إلى النائب العام لإجراء المقتضى القانوني، لم نعد نسمع شيئا عن هذه القضية.

اكثر من مسؤول ووزير ومختص صرحوا أنه لا يمكن الاستمرار في تنفيذ المشروع لأنه لم يعد يفي بالغرض الذي أقيم من أجله، وأنه مشروع غير مجد ولا يصلح، وأن هناك الكثير من المشاكل تعوق تنفيذه ومخططاته.

لقد سمعنا كثيرا من الاحتجاجات التي انتصرت لبعض الرموز في أثناء الاعتقال بحجّة نظافة اليد، وعدم التطاول على المال العام لمصالح شخصية، ونقول هنا إنّ تكاليف الولاية العامة باهظة، والفساد لا يعني فقط سرقة المال العام وإيداعه في الحسابات الخاصة، ولكن التفريط بالمال العام للوظائف العليا ذات الرواتب الخيالية في بلد فقير مثل الأردن واعتماد مشروعات اقتصادية إرتجاليًا تسبّب في هدر عشرات الملايين من دون أن تعود بفائدة تذكر على المواطنين، والباص السريع خير مثال على ذلك، والعجز المتفاقم بمئات الملايين من الدنانير .. كل ذلك يجب أن يُحاسَب على قاعدة مسؤولية الولاية العامة.

بالمناسبة؛ حتى نصل إلى حل في نهاية كارثة الباص السريع، لماذا لا يتم السماح لسيارات الاسعاف والدفاع المدني بإستخدام مسارات الباص بدلا من الدخول في وحشية الازدحامات… لحفظ الحقوق هذا إقتراح ليس مني بل قرأته على وسائل التواصل الاجتماعي.

الدايم الله….

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تتجرأ الحكومة وتوقٍف مشروع الباص السريع هل تتجرأ الحكومة وتوقٍف مشروع الباص السريع



GMT 09:12 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الخضرة والماء والوجه الحسن

GMT 09:08 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

اللبنانيّون وقد طُردوا إلى... الطبيعة!

GMT 09:04 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الضوء الأخضر للإرهاب

GMT 08:57 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

تايوان... «أوكرانيا الصين»!

GMT 08:52 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

أصوات العرب: جوّال الأرض

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca