«سامير»: في انتظار الوطن!

الدار البيضاء اليوم  -

«سامير» في انتظار الوطن

عبد الحميد الجماهري

لن أفكر في أصحاب البنوك الكثيرة، الذين قد تضيع ديونهم مع ضياع لاسامير،
لن أفكر حتى في الربح الذي سيجنيه المستوردون للطاقة والمحروقات، بخروجها من المنافسة..
لن أتألم لأن إحدى أهم المصافي في إفريقيا، تدخل المطبات الهوائية في قلب العاصفة..
لا، لن أفعل ذلك، لأن دموعي تجف عندما تضيع ديون الأغنياء، لكن سأطرح السؤال جارحا وواضحا:هل يمكن أن نتخيل مدينة المحمدية بدون شركة «سامير»، بدون مصفاتها وغازها المشتعل ليلا على أطراف الأطلسي؟.
يستحيل!
هل يغامر الخيال بأن يتصور واقعا ممكنا في مدينة المحمدية، بدون عمالها وعائلاتهم وكل الحركة الدائرة بهم 
وحولهم؟
يستحيل!
لماذا إذن وقفت الحكومة تتفرج على بارجة اقتصادية تغرق، لماذا وقف أصحاب القرار الاقتصادي في البلاد على شاطى »النحلة»، ينظرون إليها وهي تهوي في قاع الركود؟
ووقفوا يتمنون لو أن الكارثة لم تقع في هذا التوقيت 
وزير الطاقة والمعادن عبد القادر اعمارة مطلوب للمثول أمام الأمة برمتها.، لا لكي يكرر على مسامع المشاهدين الكرام لازماته، حول » عدم التزام الحكومة بوعودها»، بل الوزير مطلوب ليجيب لماذا وقعت الكارثة!! 
وقرار المحكمة التجارية بالدارالبيضاء بالأمر بالتصفية القضائية الإجبارية لشركة سامير، مع إمهالها 3 أشهر لاستئناف نشاطها، وهو ما يجعل هذه الأخيرة معروضة للبيع في المزاد العلني بداية من شهر يونيو القادم، تتويج لترهل المؤسسة الاقتصادية الوطنية وأصحاب القرار فيها، وصاحبه للمجهول، واختزال الوضع الكارثي الذي سينجم عنه في أرقام المديونية التي وصلت 50 مليار درهم، منها 13 مليار درهم لفائدة الجمارك المغربية، و23 مليار درهم لفائدة المصارف، و12 مليار درهم للممونين الخ الخ الخ.
القرار هو أطفال في عائلات ستدخل المجهول وليس في سلتها سوى «ضمانات» حكومية لا يبدو أنها تقنع أحدا.
القرار هو اضطراب الوضع العام في مدينة تعتمد في ديناميتها وفي مجتمعها الصغير على إحدى أكبر المجوهرات في المملكة..
القرار يعني طلبة وتلاميذ ومرضى وأرامل وأيتاما، سيدخلون دائرة كل الاحتمالات في ظرف 3 أشهر، وهو ما يطلب التزاما علنيا للدولة المغربية بتوليها لمستقبلهم ومستقبل عائلاتهم! 
سنجد من يردد، آجلا أو عاجلا:ليس لأيِّ الحق في أن يتولى الحديث باسم العمال والمأجورين والاطر في شركة سامير، من زاوية ضيقة، 
وقد نقول نعم لهذا الحق، بالرغم مما يلفه من باطل: ونضيف للتشديد : لنا الحق لأنهم طاقة الوطن وأبناؤه البررة، وعلينا أن نجعل من صوتهم صوتنا، ومن معركتهم معركتنا ومن مستقبلهم ومستقبل أبنائهم، مستقبل المغرب وأبناء المغرب..
هكذا نفهم الأشياء في شرط وجودنا، لا في شرط فوزنا السياسي أو الانتخابي
هكذا نفهم الحق الذي سيذكره التاريخ لعبد الرحيم بوعبيد الأب المؤسس للاقتصاد الجماعي، والذي احتضنته المحمدية احتضانا أبويا، بدون أن يطلب ذلك!
للذين يحبون أن يكون للبلاد وجه إنساني يشبهنا، معركة اليوم اسمها معركة «لاسامير»، لأنها إرث وطني، ليس الوقت وقت الحديث عن تفكيكه وعن قرار تفويته، فما يجب أن يكون وطنيا الآن هو الوقوف إلى جانب الأسر والعائلات التي تعد بالآلاف؟
فهل ستسمح الدولة المغربية لنفسها بأن تكون لها »جرادة» جديدة على ضفاف الاطلسي؟.
هل تسمح القوى التقدمية الديموقراطية لهذا القرار بأن يمر، وتمر معه الكارثة؟ 
وهل يمكن أن نتخيل، بعد ثلاثة أشهر، أن يستقر الوضع إذا ما خاب أمل العاملين والنقابيين الذين يمثلونهم وغيرهم من القوى الحية التي تساندهم بدون حسابات سياسية ولا انتخابية ولا مناصبية!
بل للثقة الكبرى التي نأملها في شركة أسست بقرار وطني شجاع، كان وراءه وطنيون شجعان، لم يفكروا في أي نفع سوى ما تربحه البلاد من قرارها المستقل اقتصاديا ، وضاعت عندما تقلص القرار في شقه المادي والميزانياتي!
هناك مسؤولية، سيحددها القضاء من بعد!
قبل ذلك هناك مسؤولية أخلاقية، ومادية وأدبية واجتماعية وما شئنا من الصفات، للذين تولوا تدبير الشركة وسمحوا بإفلاسها أو بتفليسها (إذا صحت العبارة)..ولن تعرف المسؤولية من طرف الرأي العام، إلا في وضوح العلاقة بين القضاء، وبينهم وبين الإفلاس.
هؤلاء الذين يوفرون الشروط لإقبار المدينة ولا يتركون من مدينة الورود سوى «ورود» العزاء! 
سيتبارى المحللون الاقتصاديون في الاستقلال الطاقي، وفي الضرائب، لكننا سنبقى بالقرب من سامير ننتظر أن ينصف الوطن أبناءها!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«سامير» في انتظار الوطن «سامير» في انتظار الوطن



GMT 07:32 2017 الجمعة ,16 حزيران / يونيو

الأخبار الأخرى لأمة سعيدة بجهلها

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca