أشهد أن لا امرأة إلا أنت!

الدار البيضاء اليوم  -

أشهد أن لا امرأة إلا أنت

بقلم : رشيد مشقاقة

فجأة، انقطع إرسال بث سهرة الأسبوع، ثم جاء الخبر سريعا: أمر الملك الراحل الحسن الثاني بذلك عندما شاهد مغنيا بلباس ماجن يقف وراء الميكروفون، ولم تكن تلك هي المرة الأولى التي يتخذ فيها مثل هذا القرار.
نساء تخففن من ملابسهن وسمحن للمشْرِط أن يعبث بأنحاء أجسادهن، وأشباه رجال برؤوس كمتوازي الأضلاع وسراويل ممزقة، ومذيعة لا تفرق بين أشغال المطبخ وخدمة المرفق العمومي. هذا الثالوث الماجن هو الذي يقدم فننا لبلاد المعمور.
نحن لا نستمتع بالأجساد، فلم تكن أم كلثوم ولا فايزة أحمد ولا نجاة الصغيرة ولا فيروز فاتنات الجمال، ولم يلجأن إلى تكبير شفاههن وأردافهن وزراعة حواجبهن ليقدمن فنهن الرفيع. ولم يرتد محمد عبدالوهاب وعبدالحليم حافظ وفريد الأطرش وسيد مكاوي لباسا رياضيا ليجروا فوق الركح، ولا تجاوزوا الدائرة الصغيرة التي تحيط بالميكروفون، وأسعدوا بألحانهم وغنائهم الناس.
هذا الكلام الفاحش الذي يتردد على الأسماع، ومغنو الأسواق الأسبوعية الذين يرددونه بلا حشمة ولا حياء، ومقدمو البرامج التافهة الذين يقيسون نجاحات أولئك بنسبة المستمعين المفبركة، والضحكات الهستيرية والغمز واللمز والرقص الخليع الذي يرافق هذه العلب الليلية العلنية، كلها أقراص هلوسة ومسحوق كوكايين يقضي على العقول والقلوب فتفسد الأذواق وتنتشر الرذيلة.
ألم يدافع المستهترون عن أبنائهم وزملائهم من ذوي الاحتياجات الجنسية الماجنة اغتصابا وشذوذا وعريا فاحشا بوقاحة لا مثيل لها. يبرر هؤلاء فساد وسوء أخلاق مقترفي الجرائم، فيجدون الآذان الصاغية والدموع الباكية.
لم يقبل الفنان الكبير، أحمد البيضاوي، بموهوب قبيح الشكل مغنيا، إلا بعد جهد جهيد، وبعد أن أبان عن موهبة خارقة. وخيّر الفنان عبدالنبي الجراري رجلا بين الملاكمة أو كرة القدم عندما اكتشف أنه لا يصلح للغناء، ولم يذع إدريس الجاي ولا وجيه فهمي صلاح ولا عبدالرفيع الجوهري الكلام الفاحش الرديء.
هؤلاء وأمثالهم هم الذين ضمنوا للإذاعة والتلفزيون قيمتهما الفنية الرفيعة، والتاريخ محك.
تعالى معي الآن لترى الشيوخ المراهقين العرب – بدافع ماجن خليع- يشجعون الفتيات والأطفال، ومن يدور في فلكهم من راقصات عاريات، مستعملين رسالة الفن ذريعة لإشباع رغباتهم عبر مؤسسة حريم السلطان.
“الكليبات” التي تمر بسرعة أمامنا لا نسمع فيها غناء، بل نرى أجسادا تجري هنا وهناك، وعيونا اصطناعية تكاد تخرج من الشاشة ونظرات استيهامية وغمغمات وأنات غير مفهومة. أما الممول والمقدم والمروج، فلا تكاد تذاع المهزلة حتى يباغتك بالعدد الهائل من المعجبين بهذه التفاهة.
وفي الوقت الذي كانت فيه أم كلثوم تنطق (الذال) المعجمة في أغانيها، وتصلح كلمات أحمد رامي، ويتدخل محمد عبدالوهاب في تعديل أشعار أمير الشعراء أحمد شوقي، نجد الأميين والأميات من بعض فنانينا وهم كثر لا يفرقون بين الألف والعصا.
تأثر أبناؤنا بما يرون ويسمعون ويعاينون، وتكلموا بكلام فاحش في الملاعب الرياضية وفصول المدرسة، وارتدوا الأسمال نفسها للمتهورين ورسموا على رؤوسهم الخرائط ذاتها، وخلا الفن من رسالته السامية كغذاء للروح والقلب وفاعل حيوي في التربية على الذوق السليم.
سألت أم ابنتها عن الشهادة كأول ركن من أركان الإسلام، فلما عجزت عن الجواب بدأت تقرب لها المعنى قائلة:
– “أشهد أن لا..”
فانطلقت البنت كالسهم الطائش:
-“أشهد أن لا امرأة إلا أنت”!
انفجرت الأم من الضحك المؤسف، فابنتها تحفظ أغاني كاظم الساهر أكثر. ولا تعرف أشهد أن لا إله إلا الله.
أيها السادة: انتبهوا. ضعوا حدا لهذه المسخرة، فقد هزُلت.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أشهد أن لا امرأة إلا أنت أشهد أن لا امرأة إلا أنت



GMT 04:53 2017 الأربعاء ,17 أيار / مايو

غَنِّي لِي شْوَيَّ وْخُذْ عينيَّ!

GMT 04:46 2017 الأربعاء ,10 أيار / مايو

السَّمَاوِي!

GMT 05:44 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

شُفْتِنِي وَأَنَا مَيِّت!

GMT 05:01 2017 الأربعاء ,26 إبريل / نيسان

القاضي الشرفي!

GMT 04:55 2017 الأربعاء ,19 إبريل / نيسان

لاَلَّة بِيضَة!

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca