أُجدد تحياتي!

الدار البيضاء اليوم  -

أُجدد تحياتي

بقلم : رشيد مشقاقة

اعتاد الرئيس الأمريكي، فرانكلين رُوزفيلت، أن يروي نكتة ثقيلة الظل غير مفهومة كُلَّمَا وقف خطيباً بين مستشاريه ووزرائه، فَلَّمَا عيب عليه ذلك رد قائلا:

ـ “إنها الوسيلة التي أختار بها فريق العمل، فأستبعد منه المقهقهين الضاحكين المعجبين بكلام لا معنى له فَلاَ أثِق بهم”!!

خطرت ببالي هذه الطريفة خلال اللقاء الذي استعرض فيه السيد وزير العدل والحريات الأستاذ مصطفى الرميد، حصيلة إصلاح منظومة العدالة، فتأكد لي أن حق الزيارة وصلة الرحم اللَّذين فشلت في تفعيلِهما مدونة الأسرة، نجحا في الندوات والمؤتمرات والأبواب المفتوحة التي تنظمها وزارة العدل، ولربما فطن السيد الوزير إلى ذلك عندما علق على حسن تطبيق ما أنجز، وما لم ينجز من توصيات على الضمير المسؤول، فالنصوص القانونية الجيدة بدون رجل القانون الجيد لن تعدو أن تكون أضغاث أحلام أو توصيات أو سمر ليلي لذيذ!!

ولعل هذا الإشْكَال هو أحد الأبواب المغلقة التي لم يقو وزير العدل، بصفته نائب رئيس المجلس للقضاء، على فتحها! فإذا لم يكن هناك خلاف حول المجهود الطيب الذي بُذِل في الحصيلة التقنية، فإن مربط الفرس يقف عند العجز عن استبعاد الفريق الذي استغنى عنه فرانكلين روزفلت من المعجبين الضاحكين من ذوي الاحتياجات الخاصة!!

ولن أذهب بعيدا، فقد أشاح واحد من الخالدين بوجهه عَنَّا غاضبا خلال ذلك اللقاء، فهو بحكم التصاقه بمسؤوليات مرفقه منذ فجر الاستقلال لغاية كتابة هذا المقال، أضحى يتوجس خيفة ويَتَنَسَّمُ رياح التغيير عند كل حديث عن إصلاح القطاع، ثم يمتشق سيف اللقب الذي اختاره لنفسه، ناسيا أننا أيضا وطنيون وقد نكون أكثر صدقا وتفانيا منه!!

مثل هذه النماذج التي لازالت تؤثث كراسي قطاع العدل الأمامية وتراكم فشلها الذريع، والتي توجد خارج قاعة العرض في انتظار انتهاء كلمة الوزير هي من ستتولى تفعيل آليات الإصلاح، فلا جديد إذن تحت الشمس!!

إذا كانت السينما فَنًّا سَابِعًا فهي في بلادنا فَن أول بامتياز، فنحن نجيد أدوار “الكومبارس” والخدع السينمائية والإخراج الجيد في سلوكنا اليومي فيعجز عن إدراك سريرتنا الناس، ولا أدل على ذلك من هؤلاء الذين لا يتوفرون على قلم وورقة لتدوين ملاحظاتهم، لكنهم محملقون أمام الخطيب بدون حراك!!

نحن لا تنقصنا النصوص القانونية، بقدر ما نحتاج إلى عملية جراحية تستأصل من أجسادنا وأنفسنا فيروسات التأبيد والتمثيل والشيطنة، وتزرع مكانها بذور الحركية والصدق والورع، وهو باب من الأبواب المغلقة الواجب فتحها!!

عندما كان الفيلسوف الساخر برنارد شو يجوب أحد أسواق بيع الكتب المستعملة وقعت عيناه على مسرحية من تأليفه. فقرأ على صفحتها الأولى ما يلي “إهداء من برنارد شو إلى الصديق العزيز، مع تحياتي”. اشترى برنادشو مسرحيته وكتب عليها: “من برنارد شو إلى الصديق العزيز.. أُجَدِّدُ تحياتي”.

فإلى الذين يشيحون بوجوههم غاضبين، ويصلون الرحم في اللقاءات العلمية، ويحتسون أكواب الشاي والقهوة خارج قاعة العرض في غفلة من الخطيب، أجدد مَعَهُ تحياتي!!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أُجدد تحياتي أُجدد تحياتي



GMT 04:53 2017 الأربعاء ,17 أيار / مايو

غَنِّي لِي شْوَيَّ وْخُذْ عينيَّ!

GMT 04:46 2017 الأربعاء ,10 أيار / مايو

السَّمَاوِي!

GMT 05:44 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

شُفْتِنِي وَأَنَا مَيِّت!

GMT 05:01 2017 الأربعاء ,26 إبريل / نيسان

القاضي الشرفي!

GMT 04:55 2017 الأربعاء ,19 إبريل / نيسان

لاَلَّة بِيضَة!

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 19:14 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 04:11 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

تقنية جديدة تظهر النصِّ المخفي في المخطوطات القديمة
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca