الصَّرْدي مفخرة وطنية!

الدار البيضاء اليوم  -

الصَّرْدي مفخرة وطنية

بقلم : رشيد مشقاقة

شدني هذا المخلوق الجميل بقوامه الرشيق ووجهه الأبيض ذي الشامة السوداء، وقرنيه اللولبيين وعينيه البليدتين، فغبطته وأشفقت عليه.

غبطتهُ على هذه الحفاوة التي حظي بها، نحن نقول للعالم جهاراً: الأمم تكرم علماءها ومفكريها، ونحن نكرم أكباشنا، وليس أي كبش، إنه “الصَّرْدِي”، هذه المفخرة الوطنية الكبرى.

لم ننتظر – كما اعتدنا – أن نكرم الآدمي منا بعد أن يموت أو يودع بالرفوف، فكرمناك أيُّهَا الكبش العظيم حيا ترزق، وقبل أن تمتد إليك سكاكين الجزارين!

وأشفقت عليه، هو بلا عقل ولا قلب ولا إحساس، كالأطرش في العرس لا يعي ولا يسمع الإطراء والزغاريد!

يعود عالم الحيوانات بسلالتك إلى بداية الشرائع السماوية، فَكَبْشُ السماء الذي نزل على سيدنا إبراهيم كان من النوع “الصَّرْدِي” كما يقول هذا العالم، الوجه الأبيض واليد البيضاء من نعم الله، وأنت وجهك أبيض كالجليد، هذه قرينة قوية على أنك كبش الفداء، وقد انْتَفَضَ أنصار فصائل الأكباش الأخرى “بني خيران والرومي – وَالبلدي – ” لما سمعوه. فتدخل مسير الندوة قائلا: المناقشة بعد انتهاء العروض!

وتأسف عالم الأديان والأساطير مناشدا: الهنود يعبدون الأبقار ويصنعون بها التماثيل، ولا يقتربون من لحمها وشحمها، ونحن هنا نكرم “الصَّرْدِي” لنأكله ونتفنن في إعداد وجباته، هل هَدَّم المصريون أهراماتهم؟ لو علم هذا المخلوق البليد بِمَصِيرِهِ لنطَّ من المركب كما فعلت ماعز “Monsieur Seguin”، لِمَ لا نلتهم باقي الفصائل ونخلد “الصَّرْدِي”، وهي عبارة كانت كافية لإثارة حفيظة أنصار تلك الفصائل، فتدخل المسير ثانية قائلا بهدوء: المناقشة بعد انتهاء العروض!

واستفاض عالم النفس زميل “سيغموند فرويد” قائلا: “الوداعة أصل متأصل في  الصَّرْدِي”. فتاريخ علم النفس يشهد أن نظرية “القطيع” مستوحاة من الاستسلام وعدم الاكثرات، فلو اكثرت الكبش بمآله منذ قرون لَنَفَقَ وقتها. وهي خِصْلَةٌ ينفرد بها فصيل “الصَّرْدِي” بامتياز، فاحتج الخصوم، وتدخل المسير لتهدئة الأجواء قائلا: “المناقشة بعد انتهاء العروض، وإن كنت أرى أن جميع الأكباش لا تسلم من يد الجزار”!

وأشاد عالم الاجتماع بمكانة الأكباش داخل وسطنا المجتمعي، فلا غنى لنا عنها، فهي مادة استهلاكية بامتياز، سهلة التَدجِين والامتثال، ولا تحدث الفوضى والقلاَقِلِ، ولا تحرك ساكنا داخل أوساطها المختلفة، وشاطر زميله عالم النفس في انفراد كبش “الصَّرْدِي” بهذه المكانة الفذة، فقاطعته الجموع مما استدعى تدخل المسير قائلا: المناقشة بعد انتهاء العروض، ثم إن الأكباش واحدة لا فرق بين زيد أو عمرو أو بكر!

وحملت المداخلة الأخيرة البشرى للمتناظرين، فقد طمأن المحاضر الناس على حال “الصَّرْدِي” وأن الماء والكلأ والتطبيب متوفر، وأن نسبة كَثَافَتِهِ السكانية في تزايد نَشيِط، ولن يمر حين من الوقت حتى تعم الأكباش من هذا الفصيل كل الربوع. وقبل أن ترتفع عقيرة المعارضة أضاف قائلا:

ليطمئن باقي الفرقاء، ففي إطار التناوب سَنَكُون على موعد في السنة المقبلة مع حَفْلِ تكريم كَبش بني خَيْران ثم أسود الوجه، فالمختلط، فالأكباش واحدة كأسنان المشط، وهي مفخرة وطنية لنا، ثم دعا المنادي الحضور إلى مأدبة الغذاء لالتهام “المشوي” من “الصَّرْدِي”.

ولم يعد المتناظرون للمناقشة بعد انتهاء العروض!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصَّرْدي مفخرة وطنية الصَّرْدي مفخرة وطنية



GMT 04:53 2017 الأربعاء ,17 أيار / مايو

غَنِّي لِي شْوَيَّ وْخُذْ عينيَّ!

GMT 04:46 2017 الأربعاء ,10 أيار / مايو

السَّمَاوِي!

GMT 05:44 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

شُفْتِنِي وَأَنَا مَيِّت!

GMT 05:01 2017 الأربعاء ,26 إبريل / نيسان

القاضي الشرفي!

GMT 04:55 2017 الأربعاء ,19 إبريل / نيسان

لاَلَّة بِيضَة!

GMT 11:50 2021 الثلاثاء ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 18:22 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 08:12 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

أويلرز يفوز على مونتريال في دوري هوكي الجليد

GMT 05:03 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

شخص ملثم أضرم النار داخل مسجد فجر الاربعاء

GMT 17:08 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"المغرب اليوم" يكشف عن أجر "جون سينا" في" التجربة المكسيكية"

GMT 06:44 2018 الأربعاء ,26 أيلول / سبتمبر

"كالابريا" أحد كنوز إيطاليا الخفية عن أعين السائحين

GMT 01:14 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

مرتجي يؤكد استعداد الأهلي إلى "حدث تاريخي"

GMT 06:21 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

أحلام تهتف باسم الملك وتُغني للراية الحمراء

GMT 20:38 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

"شعبي نايت لايف" حفلة ضخمة للطرب في عيد الفطر
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca