ولايتي يحكي من بغداد ليسمع النجف

الدار البيضاء اليوم  -

ولايتي يحكي من بغداد ليسمع النجف

بقلم - مصطفى فحص

تُصر طهران على استفزاز العراقيين، وتواصل استخدام لغة الاستتباع، رغم أنها بحاجة ماسة إلى ممارسة دبلوماسية قد تساعدها على تحسين صورتها المهشّمة خارج القاعة التي اجتمعت فيها شخصيات سياسية عراقية، لكي يستمعوا إلى وصايا وزير خارجية المرشد الإيراني علي ولايتي، الذي شارك في أعمال المؤتمر التأسيسي لـ«المجمع العراقي للوحدة الإسلامية»، الذي أقيم الأسبوع الماضي في بغداد، فقد كان علي ولايتي فظاً في كلامه، وقدم مقاربة للوضع العراقي يجدد من خلالها وصاية بلاده المترهلة على خيارات الشعب العراقي السياسية والثقافية والعقائدية، باعتبار أن نظامه يمتلك حق الولاية على الدولة والشعب، ولم يزل بإمكانه فرض توجهاته على العراقيين الذاهبين إلى انتخابات برلمانية، تمثل نتائجها أولى خطواتهم للخروج التدريجي من عباءة الإسلام السياسي الشيعي الحاكم منذ أبريل (نيسان) 2003 إلى مرحلة تؤسس لثنائية مدنية وإسلام معتدل، تتقدم فيها المشتركات الوطنية على الخصوصيات المذهبية، وهذا ما يقلق نظام طهران الذي فشل على ما يبدو حتى الآن في إعادة ترتيب ما تبقى من البيت الشيعي، الذي حالت الانقسامات العميقة بين مكوناته دون إعادة تشكيله من جديد، أو فرض شكل جديد من التحالفات تؤمن كتلة برلمانية تعتبر موالية لطهران. فقد شكلت الانتخابات العراقية فرصة دائمة لإيران من أجل تعميم نموذجها الإسلامي في الحكم، حيث أتاحت لها البرلمانات العراقية المتعاقبة بعد سقوط «البعث» وصاية كاملة على الحياة السياسية العراقية وصلت إلى حد الاستحواذ.
من بغداد أعلن وزير خارجية إيران الأسبق علي ولايتي موقفه من الانتخابات، مشدداً على أن الصحوة الإسلامية لن تسمح بوصول الليبراليين والشيوعيين إلى البرلمان، ورغم معرفة ولايتي بحجم القدرة التجييرية الضعيفة للشخصيات الليبرالية والشيوعية العراقية، ولكنه يدرك جيداً أن شبكة تحالفات أقيمت من أجل تقديم شخصيات لم تكن محسوبة سابقاً على التيارات الإسلامية ضمن قوائمها، وهذا بالفعل ما تبناه السيد مقتدى الصدر، إضافة إلى احتمال ترشيح شخصيات غير إسلامية على قوائم رئيس الوزراء حيدر العبادي والسيد عمار الحكيم، وقد تبلور هذا التحول لدى قوائم الأحزاب الإسلامية نتيجة تواصل جرى بين أطراف شيوعية وعلمانية ومدنية خلال المعركة ضد الفساد، التي أطلقها النشطاء في بغداد ومظاهرات ساحة التحرير التي أمن لها السيد مقتدى الصدر غطاءً شعبياً من خلال مشاركة أنصاره فيها والتزامه بالشعارات المدنية التي رفعت، ودعم المرجعية عبر خُطب صلاة الجمعة في كربلاء التي عبرت عن دعهما لكل الجهود الشعبية وحتى الرسمية في مكافحة الفساد.
وعليه، فإن ما قاله ولايتي في بغداد، وشدّد فيه على «قيادة المرشد السيد علي خامنئي للأمة الإسلامية»، مع مرور سريع على دور النجف متعمداً عدم ذكر السيستاني بالاسم، تكون الرسالة الإيرانية قد وصل صداها إلى النجف، باعتبارها تؤمن حاضنة وغطاء للحراك المدني العراقي بكل أطيافه، حيث قامت الحوزة الدينية بخطوات مميزة عندما أعلنت مقاطعتها لكافة المسؤولين العراقيين، ورفض المرجعية الدينية استقبالهم، بينما التقى كبار أساتذة الحوزة رموزاً شيوعية شكلت رأس الحربة في مظاهرات ساحة التحرير، وباتت الآن على القوائم الانتخابية للسيد مقتدى الصدر المعني الثاني بكلام ولايتي بعد المرجع السيستاني، الذي يتعرض لانتقادات شديدة من قبل أصوليين شيعة، اعتبروه متأثراً اجتماعياً بإمام المذهب الشيخ الأنصاري، الذي نشأت في عصره انحرافات لديانات، ولم يتخذ موقفاً منها، وهو ما يحاول هذا التيار إسقاطه على السيستاني حالياً باعتباره يمارس صمتاً متعمداً عن ما يعتبرونه «حركات كفر وفسق وانحراف» بهدف مراعاة جمهورها، وذلك وفقاً لما جاء في شريط مسجل لأحد المشايخ.
يعاني نظام ولاية الفقيه من معضلتين لهما تأثير تلقائي على مستقبله، الأولى خليفة المرشد الذي لن يحظى بإجماع داخلي وبمكانة خارجية، والثانية الشارع الإيراني الذي تجاوز الخطاب العقائدي للنظام ودعا علانية لإسقاطه، في المقابل مرجعية نجفية تؤمن بولاية الأمة على نفسها أسست لعلاقة متوازنة مع التيارات المدنية العراقية التي بدأت تشكيل بديل مقنع لأحزاب الإسلام السياسي الفاسدة والفاشلة، وهذا ما يجعلها النموذج الفقهي الذي يطالب به الرأي العام الإيراني، الذي يرضخ تحت سلطة الاستبداد الديني، والذي يرفض كل دعوات الانفتاح والحوار، لذلك يمكن اعتبار أن النجف هي المستهدفة في خطاب ولايتي وليس الشيوعيين، وفقاً للمثل الشعبي العراقي «احجيج جارتي واسمعك يا جنتي».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ولايتي يحكي من بغداد ليسمع النجف ولايتي يحكي من بغداد ليسمع النجف



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني

GMT 00:42 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

تعرف على أبرز صفات "أهل النار"

GMT 15:58 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

"القرفة" لشعر صحي بلا مشاكل ولعلاج الصلع

GMT 11:49 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

توقيف صاحب ملهى ليلي معروف لإهانته رجل أمن

GMT 11:52 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

"زيت الخردل" لشعر صحي ناعم بلا مشاكل
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca