الأردن يدخل مرحلة جديدة

الدار البيضاء اليوم  -

الأردن يدخل مرحلة جديدة

خيرالله خيرالله
خيرالله خيرالله

لا خوف على الأردن. هذا ما ظهر بوضوح من خلال التأييد العربي والدولي الذي لقيه الملك عبدالله الثاني، وهو تأييد مرتبط، الى حدّ ما، بالازمة التي تمر بها المملكة. لكنّه، أيضا، تأييد مرتبط في العمق بتوفير دعم للاردن نفسه وللاستقرار فيه. هذا يعني بكلّ بساطة ان الدور الأردني لم ينته على الصعيد الاقليمي، لكنّ الحاجة تبدو واضحة الى خلق دور جديد لكيان يستعدّ بعد ايّام لدخول مئويته الثانية.

لعلّ من المفيد التذكير في هذا المجال ان امارة شرق الأردن، التي تحولّت لاحقا الى المملكة الاردنيّة الهاشمية، تأسست في الحادي عشر من ابريل – نيسان 1921. لم يكن مناسبا بايّ شكل، حلول ذكرى مرور مئة عام على قيام الأردن في ظلّ ازمة داخلية لا افق لها واسئلة لا أجوبة عنها. من بين تلك الأسئلة هل يستطيع الأردن تسمية الجهة الخارجية التي تحدّث عنها نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية ايمن الصفدي في سياق توجيه اتهامات الى الأمير حمزة وآخرين؟ هل يمكن الجزم بوجود علاقة بين باسم عوض الله، الرئيس السابق للديوان والمسؤول عن ملفات اقتصادية متشعبة، والأمير حمزة؟

من هذا المنطلق، يمكن القول ان عبدالله الثاني اقدم على الخطوة الصائبة المتمثلّة في ايكال ملفّ الأمير حمزة بن الحسين الى الأمير الحسن بن طلال وليّ العهد السابق (طوال 35 عاما) ايّام الملك حسين. الحسن عمّ عبدالله وحمزة ويعتبر حاليا كبير العائلة. يمكن التفاؤل بقرار عبدالله الثاني اللجوء الى تحكيم عمّه وحصر الخلاف داخل العائلة الهاشمية في النطاق الضيّق، بل في النطاق الاضيق.

قبل كلّ شيء، ان الأمير حسن رجل عاقل حريص كلّ الحرص على وحدة العائلة. إضافة الى ذلك، مرّ الحسن بن طلال بتجارب كثيرة بعضها شديد القساوة، لكنّه حافظ دائما على هدوئه وعلى طريقته الساخرة وضحكته المدوّية في التعاطي مع الاحداث بحلوها ومرّها. كان من بين ما مرّ به اضطراره الى التخلّي عن ولاية العهد في وقت كان الملك حسين على فراش الموت وذلك بناء على رغبة الأخير. قرّر الملك حسين في ايّامه الأخيرة، ومن فراش المرض، إزاحة الحسن عن ولاية العهد وتسمية ابنه البكر الامير عبدالله مكانه. تصرّف الحسن بطريقة لائقة نزولا عند رغبة شقيقه الاكبر والتزم منزله، علما انّه كانت لديه اعتراضات على كلّ ما حصل من منطلق شخصي.

لم يكن طبيعيا استمرار الازمة الداخليّة في الأردن في التفاعل وان تطول اكثر نظرا الى انّ المملكة في غنى عن هذا النوع المشاكل في وقت يمرّ الاردن في ظروف اقتصاديّة واجتماعيّة في غاية الصعوبة والتعقيد والابعاد. لذلك، كان لا بدّ من إيجاد مخرج من تلك الازمة التي هي في جانب منها ازمة داخل العائلة الصغيرة والواحدة. تعود الازمة، إضافة الى ذلك، الى أسباب كثيرة بعضها داخلي وبعضها الآخر إقليمي وبعضها الأخير مرتبط بجائحة كورونا التي استمرّت طويلا ورتّبت أعباء ضخمة على الدولة الاردنيّة ومؤسّساتها المختلفة وعلى المواطن العادي.

الأكيد ان استجابة الأمير حمزة مع خطوة ايكال ملف الخلاف مع الملك الى الأمير الحسن تبعث الى التفاؤل بإمكان وضع الزوبعة التي عصفت بالأردن خلفنا ووصفها بانّها كانت زوبعة في فنجان. هذا لا يعني ان التحديات التي تواجه المملكة الهاشمية لم تعد قائمة. على العكس من ذلك، يبدو ضروريا اكثر من ايّ وقت التفكير في المستقبل وفي كيفية مشاركة اكبر عدد من السياسيين الأردنيين من ذوي الخبرة ووجهاء العشائر في تحمّل المسؤوليات الى جانب الملك عبدالله الثاني والأمير الحسين بن عبدالله وليّ العهد منذ العام 2004. وقتذاك قرّر الملك ابعاد حمزّة عن هذا الموقع واحلال نجله الأكبر مكانه، وهذا طبيعي في الأنظمة الملكيّة. اكثر من ذلك، ليس ما يمنع ان يكون هناك دور للأمير حمزة، خصوصا انّه تجاوب مع رغبة أخيه الاكبر عبدالله الثاني في ايكال ملف الخلاف الى الحسن بن طلال وقال انه "يضع نفسه بين يدي جلالة الملك" وانّه "باق على عهد الآباء والاجداد".

ما لم يكن مقبولا، بل ما كان مستغربا، في السنوات القليلة الماضية اضطرار عبدالله الثاني الى اخذ كل المشاكل التي يتعرّض لها البلد بصدره هو. هذا ما فعله عندما توجه شخصيا الشهر الماضي الى السلط بعد البلبلة التي احدثتها وفاة سبعة مواطنين مصابين بـ"كوفيد – 19" بسبب انقطاع الاوكسيجين عنهم. اتخذ الملك بنفسه إجراءات قاسية في حق المقصّرين. صحيح ان العاهل الأردني يشعر بمسؤوليته عن كلّ مواطن ولكن الصحيح أيضا انّه من المبرّر التساؤل اين المؤسسات والإدارات الرسميّة التي كان يفترض بها تدارك حادث فظيع مثل ذلك الذي جرى في مستشفى السلط الحكومي؟

ستكون حاجة اكثر من ايّ وقت في الايّام والاسابيع المقبلة الى إعادة احياء خطوط الدفاع عن المؤسسة الملكيّة في الأردن، بما في ذلك العلاقات مع العشائر الشرق الأردنية والعائلات الكبيرة وكلّ قطاعات المجتمع. على سبيل المثال وليس الحصر، لا يمكن تجاهل انّ آل المجالي كانوا دائما في صلب المعادلة الأردنية. اثنان من العائلة هما ايمن المجالي وحسين المجالي كانا الى اللحظة الأخيرة مع الملك حسين في اثناء مرضه. ايمن بصفته مدير التشريفات الملكيّة وحسين بصفة كونه قائد الحرس الخاص بالعاهل الراحل. وعندما وقع الأردن اتفاق سلام مع إسرائيل في وادي عربة في تشرين الاوّل – أكتوبر 1994، كان من وقّع، مع اسحق رابين باسم المملكة الهاشميّة، الدكتور عبدالسلام المجالي رئيس الوزراء الاردني وقتذاك.

ما حصل في الأردن شغل المنطقة كلّها، لكنه شغل الأردنيين انفسهم. الأكيد ان البلد سيدخل مرحلة مختلفة وجديدة ستكون فيها حاجة الى حكومة اخرى والى إعادة نظر في مؤسسات كثيرة اعتادت في ايّام الملك حسين ان تكون خط الدفاع عن المؤسسة الملكية بدل ترك الملك يواجه بنفسه كلّ صغيرة وكبيرة ويتعاطى في تفاصيل التفاصيل. التفاصيل من دون شكّ مهمّة لكنه يفترض الّا تستهلك وقت عبدالله الثاني، السياسي الاستثنائي البعيد النظر، في مرحلة في غاية الدقّة تمرّ فيها المنطقة في حال مخاض لا يستطيع الأردن البقاء بعيدا عنها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأردن يدخل مرحلة جديدة الأردن يدخل مرحلة جديدة



GMT 09:12 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الخضرة والماء والوجه الحسن

GMT 09:08 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

اللبنانيّون وقد طُردوا إلى... الطبيعة!

GMT 09:04 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

الضوء الأخضر للإرهاب

GMT 08:57 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

تايوان... «أوكرانيا الصين»!

GMT 08:52 2022 الأحد ,07 آب / أغسطس

أصوات العرب: جوّال الأرض

GMT 12:18 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك

GMT 19:14 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

يبدأ الشهر بالتخلص من بعض الحساسيات والنعرات

GMT 11:40 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 17:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:11 2019 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

تجنب الخيبات والارتباك وحافظ على رباطة جأشك

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:59 2019 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

تستاء من عدم تجاوب شخص تصبو إليه

GMT 11:31 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

منع جمهور الرجاء من رفع "تيفو" أمام الترجي

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة وصادمة في حادث قتل الطفلة "إخلاص" في ميضار

GMT 06:39 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"بيكوربونات الصودا" حل طبيعي للتخفيف من كابوس الشعر الدهني
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca