أويحيى يتقدم في خلافة بوتفليقة..

الدار البيضاء اليوم  -

أويحيى يتقدم في خلافة بوتفليقة

بقلم - خيرالله خيرالله

ماذا يعني تعيين أويحيى خليفة لعبدالمجيد تبون؟ الجواب بكل بساطة أن هناك تقديما لهذا الشخص على الآخرين في مرحلة هناك بحث حقيقي في إيجاد خليفة لبوتفليقة الرئيس منذ العام 1999 والمقعد منذ أربع سنوات.

لا حاجة إلى التذكير بأنّ الجزائر مريضة قبل أن يكون رئيسها عبدالعزيز بوتفليقة مريضا. لا يزال السؤال المطروح منذ ما يزيد على خمس سنوات نفسه. من المريض فعلا؟ الجزائر أم رئيسها؟

من أواخر أعراض المرض الجزائري إقالة بوتفليقة رئيس الوزراء الجديد عبدالمجيد تبّون وذلك بعد مضي شهرين وعشرين يوما على توليه منصبه خلفا لعبدالمالك سلال. إنّه بكل بساطة فصل آخر في لعبة معقّدة عنوانها من يخلف بوتفليقة.

من المنطقي القول إن الإقالة المفاجئة لرئيس الوزراء فصل أخير، أو الفصل ما قبل الأخير في لعبة فرض رئيس جديد على الجزائريين، كما حصل في العام 1999 عندما وجد الجيش ومعه المؤسسة الأمنية أن لا مفرّ من تولي عبدالعزيز بوتفليقة الرئاسة لأسباب داخلية وإقليمية ودولية في آن.

قبل أقل من ثلاثة أشهر، هبط تبون من حيث لا أحد يدري على مقرّ رئاسة الوزراء. لماذا استبعد سلال فجأة بعد سنوات عدة في موقع رئيس الوزراء؟ لماذا الاستعانة بشخص لا وزن له في الجزائر لملء هذا الموقع المهمّ في وقت يعاني رئيس الجمهورية من كلّ ما يعانيه منذ فقد قدرته على السير على قدميه والنطق بشكل سليم في العام 2013. كان ظلما لبوتفليقة إعادة انتخابه لولاية جديدة في العام 2014 ولكن ما العمل عندما تكون هناك مصالح مشتركة بين قوى نافذة لا ترى مفرّا من ذلك.

تكمن النقطة المضيئة الوحيدة في إقالة تبّون، إثر صدام بينه وبين رجل الأعمال علي حدّاد، اللجوء إلى أحمد أويحيى. اختير أويحيى رئيسا للوزراء وهو صاحب خبرة طويلة في السياسة الجزائرية وفي الميدان الاقتصادي. اختير لتشكيل حكومة جديدة في وقت تبين أن هناك رجلا غير خفي يسيّر الرئاسة. هذا الرجل هو سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس الجزائري الذي تحوّل في السنوات الأخيرة إلى الحاكم الفعلي للبلد. إنّه الحاكم الفعلي بتغطية، في طبيعـة الحال، من المـؤسسة العسكـرية والأمنيـة التي لا تزال تشكّل العمود الفقري للنظام، بل إنها تُعتبر النظام نفسه والجهة التي تختزله.

انتصر سعيد بوتفليقة لمجموعة من رجال الأعمال، على رأسهم علي حدّاد. لدى هؤلاء مصالح كبيرة يدافعون عنها وقد اصطدموا بتب ون الذي لم يدرك ما هي حدوده والخطوط التي لا يستطيع تجاوزها بغض النظر عن الصلاحيات الدستورية التي يتمتّع بها من يشغل موقع رئيس الوزراء. كان لا بد من إقالة عبدالمجيد تبّون بطريقة مشينة بعيدا عن الأصول المتبعة. فالرجل تجرأ، على المسّ بالمقدسات، أي بمصالح كبار رجال الأعمال الذين لديهم ارتباطاتهم برئاسة الجمهورية والشخص المسيطر فعلا عليها من جهة، وبالمؤسسة العسكرية والأمنية التي لا تزال صاحبة القرار الأعلى في الجزائر من جهة أخرى.

ماذا يعني تعيين أويحيى، الذي سبق أن كان رئيسا للوزراء، خليفة لعبدالمجيد تبون؟ الجواب بكلّ بساطة أن هناك تقديما لهذا الشخص على الآخرين في مرحلة هناك بحث حقيقي في إيجاد خليفة لبوتفليقة الرئيس منذ العام 1999 والمقعد منذ أربع سنوات.

المضحك المبكي أن كبار المسؤولين الممسكين بالسلطة في الجزائر يتلهون حاليا بكيفية ضمان وصول شخص معين إلى موقع رئيس الجمهورية. يحصل ذلك في حين أن ما على المحك مستقبل الجزائر وليس من يخلف بوتفليقة.

يبدو واضحا أن الجزائر لم تستطع منذ أحداث خريف العام 1988 التخلص من عقدها والتصالح مع نفسها، ومع جيرانها، وذلك عندما كان الشاذلي بن جديد لا يزال رئيسا. هذا عائد إلى سبب في غاية البساطة، يتمثل في رفض طرح الأسئلة الحقيقية التي جعلت الشعب يثور في تلك المرحلة التي تلاها صعود التطرّف الإسلامي الذي استطاع الجيش كبحه والمحافظة على مؤسسات الجمهورية أو ما بقي منها في حرب دامية استمرّت عشر سنوات.

كان اللجوء إلى “الخيار الاستئصالي” طبيعيا لدى مؤسسة عسكـرية وأمنية لا تؤمن بأي حلول أخرى في وقت سعى الشاذلي بن جديد إلى الرد على الانتفاضة الشعبية في خريف العام 1988 بإصلاحات سياسية أدت إلى التخلي عن نظام الحزب الواحد الذي اعتقد هواري بومدين أنّه يصلح للجزائر.

كانت الحاجة إلى تطوير النظام والعقلية الحاكمة في الوقت نفسه. حصل تطوير للنظام. هذا واقع لا بدّ من الاعتراف به. لكنه لم يكن سوى تطوير شكلي في حين بقي البلد أسير عقلية متخلفة جعلته غير قادر على إيجاد بدائل من الاعتماد على النفط والغاز. بقيت الجزائر أسيرة ذهنية معيّنة على الرغم من أنّها بلد غني بثرواته المختلفة.

بين 1988 و2017، لم يتغيّر شيء في الجزائر باستثناء أنّه صارت هناك أحزاب عدّة بدل الحزب الواحد، في حين بقيت السلطة في يد الحزب الحقيقي، أي حزب المؤسسة العسكرية والأمنية. الأخطر من ذلك، أنه لم يوجد من يريد طرح أسئلة من نوع لماذا فشلت كل “الثورات” التي حاول بومدين القيام بها والتي أدت إلى ذلك الجمود السياسي والاقتصادي والاجتماعي في عهد الشاذلي بن جديد الذي امتد من بداية 1979 إلى الشهر الأول من 1992. حاول بومدين القيام بثورات زراعية وصناعية وتعليمية باءت كلّها بالفشل بسبب عقله المتخلف الذي كان يعتقد أن في الإمكان ممارسة دور القوة المهيمنة إقليميا وبناء اقتصاد اشتراكي، لا مكان فيه سوى لرجال الأعمال المرتبطين بمراكز القوى الحزبية والعسكرية والأمنية، في ظلّ قبضة أمنية شديدة.

في 1988، نزل المواطنون إلى الشارع في مرحلة لم تعد الدولة قادرة على رشوتهم بسبب هبوط سعر النفط والغاز. لم تعد الدولة الجزائرية قادرة وقتذاك على متابعة توفير الدعم للمواد الغذائية الأساسية، وعلى توفير أماكن سكن للآلاف من الشباب العاطلين عن العمل. في 2017، هناك تردّد لدى المواطن العادي في النزول إلى الشارع، لكنّ البلد يعاني من أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية عميقة. تهدد هذه الأزمة بانفجار كبير يمكن أن يحصل في أي لحظة، خصوصا في غياب أي تغيير في الذهنية التي تحكم البلد.

يوحي اختيار أحمد أويحيى ليكون رئيسا للوزراء بأنّ المؤسسة العسكرية لم تسأل لماذا لا زراعة ولا صناعة ولا سياحة ولا فرص عمل في الجزائر. لماذا لا اقتصاد قابلا للحياة؟ نسي الجزائريون الفرنسية ولم يتعلّموا العربية… لماذا أخيرا هذا الانغلاق الداخلي الذي يسمح بظهور مجموعات إرهابية ونمو العقل المتطرّف بدل أن تكون الجزائر بلدا طبيعيا من دول العالم الثالث استطاع الاستفادة من الثروة الكبيرة التي جمعها أيّام كان سعر النفط والغاز مرتفعا… بدل تبديدها في البحث عن أوهام من نوع لعب دور القوّة المهيمنة في منطقة شمال أفريقيا.

أين ضاعت ثروة الجزائر؟ ضاعت في العجز عن استثمار الثروات الأخرى التي يزخر بها البلد الذي يرفض رجالاته الاعتراف بأن المطلوب تغيير الذهنية قبل تغيير الرجال. أي أن يحلّ أحمد أويحيى مكان عبدالعزيز بوتفليقة يمكن أن يعني الكثير، كمـا يمكن ألا يعني شيئـا. ما يمكن ان يعني شيئا يتمثل في الخروج أوّلا من نظام المؤسسة العسكرية والأمنية التي أسسها هواري بومدين والتي أخذت البلد من كارثة إلى أخرى… والتي تهدّد بأخذه إلى كارثة أكبر!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أويحيى يتقدم في خلافة بوتفليقة أويحيى يتقدم في خلافة بوتفليقة



GMT 15:52 2021 الثلاثاء ,16 آذار/ مارس

بايدن في البيت الأبيض

GMT 00:03 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا كانت إيران حريصة على السنّة…

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يطرد المدعي العام

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نَموت في المجاري ونخطىء في توزيع الجثث!

GMT 00:00 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فى واشنطن: لا أصدقاء يوثق بهم!

GMT 04:55 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

إصابة عبد العالي المحمدي لا تدعو إلى القلق

GMT 02:01 2017 الخميس ,15 حزيران / يونيو

جميلة عوض تنتهي من تصوير دورها في "لا تطفئ الشمس"

GMT 20:36 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

رجل أمن يخنق زوجته وينام بجوار جثتها 3 أيام

GMT 09:44 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

كيلى جينر ترفع شعار "الأمومة مش سهلة"

GMT 13:51 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

قصات رالف أند روسو تعرض قصات من وحي الأميرات

GMT 03:10 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

محكمة بريطانية تفرج عن سيدة متهمة بالتطرف لرعاية أطفالها

GMT 02:11 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

9 أفلام يتنافسون على شباك التذاكر في موسم منتصف العام

GMT 09:18 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

20 درهمًا لمتابعة ديربي الشمال الأربعاء

GMT 06:27 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

ساندرا تشوي تبحث أحدث صيحات الموضة مع "جيمي تشو"

GMT 19:31 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشف سيرة حياة محبوبة الجماهير الراحلة شادية الخاصة

GMT 22:16 2015 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

الممثلة التونسية سهير بن عمارة تختتم أيام قرطاج المسرحية
 
casablancatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

casablancatoday casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday casablancatoday casablancatoday
casablancatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
casablanca, casablanca, casablanca